ما حكم إيقاع الطلاق ثلاث مرات في مجلس واحد في المذاهب الأربعة.. الإفتاء تجيب
ما حكم إيقاع الطلاق ثلاث مرات في مجلس واحد في المذاهب الأربعة، سؤال يتكرر على علماء دار الإفتاء المصرية بشكل يومي من قبل آلاف السائلين عن حقيقة وقوع الطلاق بهذه الكيفية وهل هي نهاية للحياة الزوجية أم لا؟
حكم إيقاع الطلاق ثلاث مرات في مجلس واحد في المذاهب الأربعة
أجاب الشيخ محمد عبدالسميع، أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، على السؤال خلال بث مباشر على الصفحة الرسمية لدار الإفتاء عبر موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك"، موضحًا أن الفقهاء اتفقوا على أن الطلقات المتعددة التي تقع في مجلس واحد تُعتبر طلقة واحدة، حتى لو تكررت أكثر من ثلاث مرات، أو جاءت بصيغ مختلفة، طالما أن الطلاق تم في نفس الجلسة.
وأكد أن دار الإفتاء تأخذ بهذا الرأي، نظرًا لتعجل الناس في حالات الطلاق، مشيرًا إلى أن هذه المسألة تتطلب المزيد من التفصيل والتحقق، فقد تكون الظروف المحيطة بالطلاق مثل الغضب الشديد مؤثرة على الحكم الشرعي.
ولفت إلى أن في بعض الحالات قد لا تُحتسب الطلقات من الأساس، إذا تبيّن أنها لم تقع في إطار الشروط الشرعية الصحيحة.
مرصد الأزهر: الطلاق ثلاث مرات في جلسة واحدة يقع طلقة واحدة
وعلى الجانب الآخر، قال مرصد الأزهر أن مسألة وقوع الطلاق ثلاثًا بلفظ واحد كانت موضع خلاف كبير قديمًا، إلا أن العديد من دور الفتوى والقوانين في العالم الإسلامي اتجهت إلى الأخذ بالرأي الفقهي الذي يعتبر وقوع الطلاق بهذا الشكل طلقة واحدة.
وأوضح أن فتوى القول بأن الطلاق ثلاث مرات يقع طلقة واحدة، يعتمد على القرآن والسنة وله أسانيد معتبرة، وقد تبنى هذا الرأي عدد من الصحابة كأبي بكر وعمر وعلي وابن مسعود، بالإضافة إلى ابن عباس والزبير بن العوام، وغيرهم من التابعين، كما دعمه بعض الفقهاء من المالكية والحنابلة مثل ابن تيمية وابن القيم.
واستدل بعدة آيات قرآنية منها قوله تعالى: "والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء"، وقوله: "حتى تنكح زوجا غيره"، فالألف واللام في قوله "الطلاق مرتان" تشير إلى الطلاق الرجعي، وهو الطلاق الذي يحق للزوج فيه أن يراجع زوجته خلال فترة العدة. لذلك، سواء طلق الرجل زوجته بلفظ الطلاق مرة أو ثلاثًا أو حتى ألفًا، فإن ذلك يحتسب طلقة رجعية واحدة.
الأزهر: الطلاق الثلاث في مجلس واحد يقع طلقة واحدة
وأضاف المرصد أن هناك آيات أخرى مثل قوله تعالى: "يا أيها النبي إذا طلقتم النساء فطلقوهن لعدتهن" وقوله: "فأمسكوهن بمعروف أو فارقوهن بمعروف" تؤكد تحريم جمع الثلاث طلقات في وقت واحد، وأن ما يقع في هذه الحالة هو طلقة واحدة فقط وفقًا لما شرعه الله.
واستشهد بعدة أحاديث من السنة، منها ما رواه مسلم عن ابن عباس قال: "كان الطلاق على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر، وسنتين من خلافة عمر طلاق الثلاث واحدة، فقال عمر إن الناس قد استعجلوا في أمر كانت لهم فيه أناة، فلو أمضيناه عليهم، فأمضاه عليهم" وأن عمر أمضى عليهم الثلاث عقوبة لهم لما رآه من المصلحة في زمانه، ليكفوا عما تتابعوا فيه من جمع الطلاق الثلاث، ويرجعوا إلى ما جعل الله لهم من الفسحة والأناة رحمة منه بهم.
وفي الختام، كشف مرصد الأزهر أن الفتوى تتغير بتغير الظروف والزمان، مواصلًا أن الناس في عصرنا عادوا إلى ما أقره النبي -صلى الله عليه وسلم- بأن الطلاق الثلاث في مجلس واحد يقع طلقة واحدة، مستدل على ذلك بما رواه الإمام أحمد في مسنده عن ابن عباس قال: "طلق ركانة بن عبد يزيد أخو بني المطلب امرأته ثلاثًا في مجلس واحد، فحزن عليها حزنًا شديدًا، قال: فسأله رسول الله صلى الله عليه وسلم: كيف طلقتها؟ قال: طلقتها ثلاثًا، فقال: في مجلس واحد؟ قال: نعم، قال: فإنما تلك واحدة فارجعها إن شئت، قال: فراجعها".