جودة عبد الخالق: إعلانات رمضان تستفز المشاهد بعقارات المترفين أو التبرع للغلابة والمساكين

أكد الدكتور جودة عبد الخالق المفكر الاقتصادي ووزير التضامن الاجتماعي الأسبق أن المجتمعات تتقدم أو تتراجع بناءً على سلوكيات أفرادها وأي حديث عن التقدم الاقتصادي والتكنولوجي لن يكون ذا قيمة إذا لم يتم تغيير سلوكيات المجتمع بشكل جذري.
دعا إلى وقفة حقيقية لمراجعة سلوكياتنا في العمل والعبادة، بما يساهم في تحسين حال الأمة وتحقيق التقدم والتنمية، موضحا أن عدد المسلسلات التي تعرض في شهر رمضان هذا الموسم بلغ حوالي 30 مسلسلاً، والبطل الحقيقي في هذه المسلسلات هو الإعلانات، والتي تتعلق بشكل رئيسي بالأطعمة والمشروبات مما يطرح تساؤلاً هامًا: ما العلاقة بين شهر رمضان وهذه الأنشطة الترفيهية؟ هل من الضروري أن تترافق مسلسلات وفوازير وإعلانات مع رمضان؟
وانتقد عبد الخالق سلوك المجتمع في هذا الشهر الكريم متمثلًا في الكسل والركود، حيث تراجع الإنتاج وزاد الاستهلاك، وقد أدى هذا التحول إلى جعل المجتمع في حالة من الاعتماد على الخارج، واللجوء إلى استهلاكٍ مفرطٍ في مقابل قلة الإنتاج.
وأشار عبد الخالق إلى أن الدراما الرمضانية قد أصبحت وباءً اجتماعيًا متفشيًا، حيث بدأ الحديث عنها قبل شهر رمضان بعدة أشهر، ولا يزال يتواصل بعد انتهاء الشهر
وأكد أن العديد من هذه المسلسلات تروج لقيم سلبية مثل الأنانية والعنف والإباحية والخيانة الزوجية، بالإضافة إلى الإعلانات المزعجة التي تروج للرفاهية والتبرعات، شهر رمضان هو شهر عبادة وقراءة القرآن، إلا أن هذا الجو الرمضاني قد تحول إلى مناسبة للضلال بدلاً من الهداية بسبب تأثير هذه المسلسلات والإعلانات.
من جهة أخرى قال الدكتور جودة عبد الخالق، ، إنه لا يؤمن بالرأسمالية بمعناها التقليدي، مشيرًا إلى أنه عاش في أمريكا لفترات طويلة وتعلم جيدًا أن النظام الرأسمالي في النهاية يفشل إذا لم تكن هناك ضوابط تضمن استمراريته.
الدكتور جودة عبد الخالق يوضح الأدوات التي تساعد على نجاح السوق
وأضاف الدكتورة عبد الخالق خلاله لقائه في بوكاست " الحل إيه " مع الدكتورة رباب المهدي، أن من أهم الأدوات التي تساعد على نجاح السوق هي قوانين حماية المنافسة ومنع الاحتكار.

وأشار إلى أن النموذج الرأسمالي الأمريكي يعتمد على ضوابط قوية تضمن عمل السوق بكفاءة، وهو ما جعله يحقق نتائج جيدة في البداية، لكن على المدى الطويل كان يساهم في اتساع الفجوة الاجتماعية، حيث ازداد التفاوت بين الأغنياء والفقراء.
وأوضح أن مصر في فترة ما بعد ثورة يناير شهدت تحقيق نمو اقتصادي سريع ولكن على حساب زيادة التفاوت الطبقي، وبالتالي أصبحت المنظومة الاجتماعية غير قادرة على تحمل هذا العبء.
وفيما يتعلق بالقرارات الاقتصادية في مصر، أكد عبد الخالق أن الحكومة تشهد العديد من المشروعات الكبرى مثل قناة السويس الجديدة والقطار السريع، لها أثر إيجابي إذا تم توجيه الأموال بشكل مدروس.
أشار إلى أن سياسات التصنيع وتقليل الواردات في مصر يجب أن تستند إلى دراسة شاملة للمقومات الاقتصادية، مؤكدًا أن نجاح أي صناعة محلية يتطلب ميزة تنافسية، سواء كانت حقيقية أو محتملة، يمكن تعزيزها من خلال سياسات مدروسة وإجراءات فعّالة..
وفيما يخص الدروس المستفادة من الماضي، أشار عبد الخالق إلى أن تجربة الستينات في مجال صناعة السيارات والحديد والصلب لم تفشل بسبب نقص التأهيل، بل لأن إغلاق السوق بشكل كامل دون وجود استراتيجية تنافسية أدى إلى نتائج غير مستدامة.
الأموال الساخنة لا تدفع أي ضرائب ويمكنها الدخول والخروج متى شاءت
وتطرق إلى موضوع المشروعات القومية في مصر، مشيرًا إلى أن البعض يراها محورية للنهوض بالاقتصاد المصري، لكن من الضروري أن يكون هناك توازن بين المشروعات الكبرى ومن المهم أن يتم حساب تكلفة هذه المشروعات بعناية، مع مراعاة العائد المتوقع على المدى الطويل.
وتحدث عن الأموال الساخنة قائلا : يجب أن نتوقف عند الأموال الساخنة التي لا تدفع أي ضرائب ويمكنها الدخول والخروج متى شاءت، وعند خروجها تضعف العملة المحلية وتشبه في بعض الأحيان الجراد الذي يهاجم الأرض بكثرة ويفتك بها في ليلة واحدة
أكد أن هناك أيضًا ممارسات دولية في هذا المجال تستحق المناقشة فعلى سبيل المثال، إذا كانت الفائدة في أمريكا 5% بينما في مصر تصل إلى 25%، فهناك من يقترض الأموال من أمريكا بفائدة منخفضة، ثم يقرض مصر بفائدة مرتفعة، محققًا ربحًا من الفارق بين الفائدتين دون أن يساهم ذلك في الاقتصاد أو في تحفيز الإنتاجية.
أشار إلى أنه من النقاط المهمة التي نوقشت في الحوار الوطني هي ضرورة وضع قيود على دخول وخروج هذه الأموال الساخنة، بدلاً من السماح لها بالتأثير المفاجئ على الاقتصاد.