قصة الساحر والغلام الشهيد .. برنامج روح مع نورهان الشيخ (فيديو)

قصة الساحر والغلام الشهيد .. برنامج روح مع نورهان الشيخ، قصة الغلام والساحر من أعمق القصص التي جاءت ف القرآن الكريم، حيث وردت في سورة البروج، وحكاها النبي محمد صلى الله عليه وسلم لأصحابه لتكون درسًا خالدًا في التوحيد والثبات على الحق، حتى لو كان الثمن التضحية بالنفس.
خطة الملك الظالم والساحر المخادع
كان هناك ملك ظالم يدعى "ذو نواس"، حكم قومه بجبروت واستبداد، وفرض عليهم عبادته من دون الله، ولترسيخ ملكه، اعتمد على ساحر بارع كان يضلل الناس بالخدع والخوارق، حتى يقتنعوا بأنه يملك قدرات خارقة، وأنه إله يستحق العبادة.

ولكن هذا الساحر شارف على الموت، فطلب من الملك أن يرسل إليه غلامًا ذكيًا وفطنًا، ليكون خليفته ويواصل خداع الناس باسم السحر والكهانة وبالفعل، وقع الاختيار على غلام ذي عقل راجح وذكاء حاد، فبدأ يتردد يوميًا على القصر ليتعلم فنون السحر والخداع على يد الساحر العجوز.
الراهب الصالح والتوحيد الخالص
وفي طريقه إلى القصر، مر الغلام بكهف يسكنه راهب صالح كان على ملة التوحيد، يشهد أن لا إله إلا الله، ودفعه الفضول للدخول والتحدث معه، فبدأ الراهب يعلمه عن الإيمان بالله، وعن بطلان عبادة الملك والسحر، وانجذب الغلام إلى حديث الراهب، وأصبح يوازن بين ما يتعلمه عند الساحر وما يسمعه من الراهب، حتى بدأ قلبه يميل أكثر إلى التوحيد.

وكان الغلام يعيش صراعًا داخليًا شديدًا؛ فبينما يرى الحق واضحًا عند الراهب، كان ينجذب أيضًا إلى حياة القصر المليئة بالرفاهية والسلطة، ولكنه في النهاية قرر أن يمضي في طريق الراهب، فصار يتأخر عن دروس السحر، مما كان يعرضه للعقاب من الساحر، ويتأخر عن العودة إلى بيته، فكان أهله يعنفونه أيضًا.
لحظة الاختيار والمعجزة التي غيرت كل شيء
ذات يوم، وبينما كان الغلام في طريقه، وجد أهل المدينة في حالة فزع شديد، فقد خرجت دابة متوحشة وقطعت الطريق، ولم يستطع أحد الاقتراب منها، ورأى الغلام في هذا الموقف فرصة لاختبار يقينه، فرفع حجرًا ودعا الله: "اللهم إن كان أمر الراهب أحب إليك من أمر الساحر، فاقتل هذه الدابة بهذا الحجر،" ثم رمى الحجر، فإذا بالدابة تسقط ميتة في الحال.
فاندهش الناس، وظنوا أن الغلام أصبح ساحرًا أعظم من الساحر نفسه، لكن الغلام أدرك أن الله أظهر الحق على يديه، فذهب إلى الراهب ليخبره بما حدث، وهنا قال له الراهب كلمات عظيمة: "يا بني، أنت اليوم أفضل مني، لكنك ستبتلى."

وبالفعل، بدأ الغلام يدعو الناس إلى التوحيد، وكان الله يؤيده بالمعجزات، فصار يبرئ المرضى ويعيد البصر للعميان، مما جعل أهل المدينة يصدقونه ويتبعونه، حتى وصلت أخباره إلى القصر.
المواجهة مع الملك والتضحية العظيمة
وصلت أنباء الغلام إلى الملك، الذي جن جنونه حين علم أن غلامه تخلى عن السحر وبدأ يدعو الناس لترك عبادته، فاستدعاه وسأله عن مصدر قوته، لكنه رفض الاعتراف، فتم تعذيبه بشدة، لكنه لم يتراجع، فقرر الملك البحث عن الراهب، وأمر بقتله بطريقة وحشية بعد أن رفض التراجع عن إيمانه.
أما الغلام، فقد حاول الملك قتله مرارًا لكنه فشل، إذ أرسله مع جنوده إلى قمة جبل ليرموه، فدعا الغلام الله فاهتز الجبل وسقط الجنود، وعاد الغلام سالمًا، وثم أرسله في قارب ليغرق في البحر، فدعا الله مجددًا فانقلب القارب، فغرق الجنود ونجا هو مرة أخرى.

وأخيرًا، أدرك الغلام أن عليه أن يضحي بنفسه ليؤمن الناس، فذهب إلى الملك وقال له: "إن أردت قتلي، فاجمع الناس، ثم خذ سهمًا من كنانتي، وقل: باسم الله رب الغلام، ثم ارمني."
فعل الملك ما قاله الغلام، وعندما نطق باسم الله، أصيب الغلام واستشهد، لكن الناس أدركوا الحقيقة، وصرخوا جميعًا: "آمنا برب الغلام".
وحاول الملك أن يطفئ نور الإيمان الذي أشعله الغلام، فأمر بقتل كل من آمن بالله، فحفر أخاديد من النار، وألقى فيها الرجال والنساء والأطفال، في واحدة من أبشع الجرائم في التاريخ ولكن رغم ذلك، انتصر الإيمان، وبقيت قصة الغلام خالدة، تروى عبر الأجيال، لتكون رمزًا للصراع الأبدي بين الحق والباطل.