رضيع "سفاح" في شوارع طنطا.. الخوف من العار ينتهي بفضيحة
في قلب مدينة طنطا، حيث تتشابك الحياة بين زحام الأسواق وأصوات المارة، حدثت قصة قد تكون مأساوية في ظاهرها، لكنها تحمل في طياتها العديد من الأسئلة عن الحب والخوف، والمجتمع الذي قد لا يرحم.
كانت الساعة تشير إلى منتصف النهار، عندما عثر أحد سكان حي شعبي على طفل حديث الولادة ملقى في مدخل إحدى العمارات السكنية، كان الطفل ملفوفًا في ملابس خفيفة، وبدا عليه أنه لم يمض على ولادته سوى ساعات قليلة.
صغير يبحث عن مأوى
كانت عيونه الصغيرة ترفرف في الهواء وكأنه يبحث عن مأوى في هذا العالم الذي بدا قاسيًا عليه، توقف بعض الأهالي ليتفقدوا حالته، ثم أسرعوا في إبلاغ الشرطة التي هرعت إلى المكان فورًا.
في البداية، تساءل الجميع: من هو هذا الطفل؟ وكيف وصل إلى هنا؟ تلاحقت الأسئلة، لكن الإجابة كانت أكثر ألمًا من أي توقع.
بدأت الأجهزة الأمنية في جمع الخيوط، وتحليل كل ما يمكن أن يساعد في كشف لغز هذه الحادثة، كان هناك شعورًا غريبًا في الهواء: الكل كان يعلم أن وراء هذه القصة شيئًا أكبر من مجرد إهمال، وكأن شيئًا غير مرئي كان يربط بين الجريمة وبين أولئك الذين تخلوا عن هذا الكائن الصغير.
علاقة غير شرعية بين شاب وفتاة
وبعد أيام من التحقيقات، بدأت خيوط القصة تتضح، تبين أن الطفل هو نتاج علاقة غير شرعية بين شاب وفتاة من نفس المنطقة، كان الشاب في العقد الثالث من عمره، بينما كانت الفتاة لا تتجاوز العشرين، كانا قد وقعا في حب بعضهم البعض في خضم الحياة الصعبة التي يعيشانها، حيث التقيا في زوايا المدينة المظلمة التي يلتقي فيها الفقراء والمهمشون.
لكن عندما اكتشفا أن الفتاة حامل، تغير كل شيء، أصبحت الحياة أثقل من أي وقت مضى، وأصبح الحمل ثقلاً لا يستطيعان تحمله، كانت الخوف يسيطر عليهما أكثر من أي شيء آخر؛ الخوف من نظرة المجتمع، من العائلة، من كلمة الناس التي قد تفضح علاقتهما وتدمر حياتهما.
مع مرور الوقت، بدأ الصراع الداخلي بينهما يزداد، هل يواجهان الحقيقة، أم يتخلصان من هذا الحمل الذي جاء في وقت غير مناسب؟ كان القرار صعبًا، لكن في النهاية، قررا أن يتخلصا من الطفل، وأن يتواريا عن الأنظار خوفًا من العواقب التي قد تلاحقهم.
جهود للبحث عن والديّ الرضيع
وفي لحظة ضعف وحيرة، ألقيا بالطفل في الشارع، يظنان أنه سيكون بعيدًا عن الأعين، بعيدًا عن كل شيء، لكن الحقيقة كانت مغايرة تمامًا، فكانت تلك اللحظة بداية النهاية، حيث بدأت العدالة تبحث عنهما.
بعد استعراض كاميرات المراقبة المحيطة بالمكان، تمكن رجال المباحث من تحديد هويتهما، وعندما أُحضرا للمسائلة، لم يستطع أي منهما أن يخفيا ما حدث، اعترفا بكل شيء، حيث كان الخوف يملأ عيونهما، ليس فقط من العقاب، ولكن أيضًا من شعورهما بأنهما قد خذلا هذا الطفل الذي كان يمكن أن يكون له حياة مختلفة لو اختاروا طريقًا آخر.
أمام النيابة العامة، كانا يتساءلان في صمت: هل يمكن للمجتمع أن يغفر لهما؟ وهل كانا ضحايا للظروف التي لا ترحم، أم أن اختيارهما كان خطأ لا يمكن تصحيحه؟.
وبينما كانت التحقيقات جارية، كان الطفل الرضيع قد أُخذ إلى دار الرعاية، حيث بدأ ينمو في بيئة مختلفة تمامًا عن تلك التي وُلد فيها، بعيدًا عن الألم والخذلان، ولكنه لم يكن يعلم أن وراء ولادته قصة لا تنتهي من الأسئلة والآهات.