إيده تتلف في حرير.. عم بخيت أقدم خياط جلاليب بلدي في قنا
على أوتار الخيوط وبين فكي الإبرة والمكوك تتصاعد ألحان شدو ماكينة الخياطة، تهمس بخيوطها لتروي قصة الجلابية البلدي، عبر قلب الماكينة الذي ينبض على وقع العجلة والدواسة فتتحول حركات الإبرة إلى نغمات هادئة، تهمس للقطن والحرير، وتحيك أحلاماً وأسراراً بين طيات الأقمشة.
بقسمات يقارب عمرها الثمانين عامًا يتدثر "عم بخيت" بالشال الصوف من برد نوفمبر الأفل فيحكم لفه على وجهه إتقاءً لهجمات البر، يجلس أقدم خياط في قنا، خلف ماكينة الخياطة ليحيك أجمل الجلابيب البلدي الشتوية، تلك التي تصنع عادة من الصوف.
تحول "عم بخيت" إلى إحدى علامات مدينة قوص الشهيرة ورمزًا من رموز صناعة الجلاليب الفلاحي والصعيدي التي يعشقها الآلاف هناك، منذ نصف قرن، تتلمذ على يد أسطوات قوص، "محمد توفيق" و"فوزي عيد" اللذين مررا له المهنة العتيقة.
يحيك "القطان" على يد الجلابية البلدي، ويزين به صدريتها وذيول الجلابية لأصحاب الأذواق الرفيعة من العمد والأعيان الذين يقصدون عم "بخيت" منذ عقود، حتى تحولت علاقتهم إلى صداقة و"عيش وملح".
ورغم كهولته استطاع عم بخيت مجاراة التجول لذي طرأ على ماكينات الخياطة فتخلي عن قطعته الأثيرة ذات الدواسات ليعتمد على الماكينة الحديثة التي تعمل بدون جهد منه بمحرك سريع.