عم «مصطفى» يعيد الحياة إلى باجور الجاز المنسي بالقليوبية
تتلألأ ألسنة اللهب من موقد يقبع في زاوية مظلمة بغرفة المعيشة داخل منزل إحدى الجدات بالقليوبية، يشع دفئًا ووهجًا في إحدى ليالي نوفمبر الباردة.
لايقتصر موقد الجاز أو "الباجور" الجاز على كونه آلة بدائية تبعث الحرارة، بل خزانة مليئة بالذكريات تحيل الظلام إلى ليل مشبع بالسكينة.
في دكان عتيق يقف عم "محمد مصطفى" خلف ألسنة النار التي تتصاعد من باجور يغطيه الصدأ، يعلو وجه الستيني علامات الرضا بعد أن استطاع أن يعيد الحياة إلى الباجور من جديد ويزيل عن الشحوم التي وقفت حائلاً أمام إشعاله.
حرفة تتطلب الكثير من الصبر و"طول البال" أمضى بها عم محمد حياته منذ الصبا، تشربت بها عروقه وورثها عن عائلته التي عملت في صنع البواجير وتصليحها بالقليوبية وضواحيها حتى كادت تندثر تلك الصناعة.
يزيل الشتاء عن عم محمد آثا الكهولة ويعود شابًا من جديد يستعيد ذكرياته مع تصليح البواجير، والتي تعود إلى الحياة مع حلول الشتاء؛ يستدفئ بها الأهالي وعشاقها ممن لايزالون يحافظون على قطعة أو أكثر من تلك التحف الفنية.