البن من "الحبة إلى الفنجان" حسب الطلب في أسيوط.. السحر في الرائحة
في لحظات تتقاطع فيها الجغرافيا مع التاريخ، لتخلق تجربة فريدة ومتميزة بمزارع البن، يحمل ذلك الحَب الصغير في طياته قصة طويلة تبدأ مع الجمع، ثم التحميص، والمزج، وتنتهي في كوب من القهوة، يحمل في معناه أكثر من مجرد مشروب؛ بل طقس يومي، أداة للتواصل، ومنبع للإلهام.
ومن أعماق الغابات الاستوائية بالبرازيل، تمزج حرارة الشمس مع برودة التربة الخصبة، تنمو نباتات البن، وتُقطف حبات البن يدويًا بعناية، كجوهرة نادرة، ثم تسجى بلهيب الفرن لتبدأ خطوة التحميص لمدة نصف ساعة، حيث يتناثر السحر منها في روائح غنية تنبئ عن النكهة الكامنة بها.
تدب الحياة في البن في مرحلة التحميص، فالقهوة التي تم تحميصها بلطف، تمنحك طعماً رقيقاً مليئاً بالنكهات الحمضية الزاهية، بينما تلك التي تم تحميصها بقوة، تمنحك مذاقًا عميقًا ودخانياً، يميل إلى المرارة المحببة.
ومن داخل أقدم مطحنة بن بأسيوط، يمارس عم "محسن" طقوس السحر على حبات البن الطازجة فيضيف الحبهان إلى توليفة غنية من القرنفل وورق لورا بنسب يحفظها عن ظهر قلب، ليؤمن إمداد عشاق القهوة بكوب غني بالمذاق وعبير يأسر الحواس.
وبين درجات اللون البني، يتراوح البن بين الوسط والفاتح والغامق وحتى المحروق الذي يحمص بدرجات معينة حسب الطلب، لهواة البن "الثقيل" الذين لا ترضي ذائقتهم سوى جرعات مكثفة من الكافيين.