الجمعة 01 نوفمبر 2024
الايام المصرية
رئيس التحرير
رضـــا حبيشى
رئيس التحرير
رضـــا حبيشى

النصر لم يأت صدفة.. المصريون حققوا المعجزة بعد 6 سنوات من معارك الاستنزاف أخذًا بالثأر

حرب أكتوبر
حرب أكتوبر

عاش الجيش المصري موقفًا صعبًا في أعقاب هزيمة 67 التي لم يحارب فيها لكنه تحمل مسؤوليتها إذ كان قرار الانسحاب أشبه بكارثة كونية غير قابلة للتكرار، لكنه المشهد تغير إذ استطاع أن يصمد ويجمع شتات نفسه ويعيد تنظيم قواته، بفضل الشعب المصري الذي خرج إلى الشارع رافضا الهزيمة مجددا الثقة في الرئيس ليعيده إلى الحكم بعد تنحيه ليتخطى الهزيمة ويحول المحنة إلى منحة بتحقيق نصر أكتوبر 1973.

بروفات العبور لم تتوقف يوما في نهر النيل

كان يوم 9 يونيو يوما أسودا في تاريخ مصر لم ولن يتكرر، فوجود العلم الإسرائيلي على شط القناة وتنحي الرئيس جمال عبد الناصر كان كفيلا بأن يسكب الحزن في ربوع مصر، أعقبت الهزيمة ست سنوات كاملة من معارك الاستنزاف أخذًا بالثأر بأسلوب تكتيكي مدروس فأنشأت الخنادق وتعددت التدريبات على الأسلحة الجديدة ولم تتوقف بروفات العبور يوماً في نهر النيل.

حرب الاستنزاف

مع بداية معارك الاستنزاف، نجحت البحرية المصرية في إغراق المدمرة الإسرائيلية إيلات، أمام شواطئ بورسعيد، ونجحت الضفادع البشرية المصرية في مهاجمة ميناء إيلات الإسرائيلي، في عمليات قتالية فريدة من نوعها، وما تلاها من نجاح جديد، أمام شواطئ الإسكندرية، بإغراق الغواصة الإسرائيلية داكار.

حرب أكتوبر

حائط الصواريخ

تم البدء في فكرة حائط الصواريخ، الذي نفذته القوات المسلحة مع عمال شركة المقاولون العرب وخطة تطوير المطارات، وتدريب الطيارين للتحليق على ارتفاعات منخفضة للغاية، لتفادي رادارات العدو .

تم دراسة خيارات تفجير الساتر الترابي لفتح الكباري، وعبور الدبابات والمدفعيات فاهتدي أحد رجال الجيش النابغين إلي فكرة المدافع المائية، التي كانت تستخدم في بناء السد العالي، وبإبهار لا يوصف جري اختيار ساعة الصفر وتحقق المستحيل وتحولت الهزيمة في يونيو 67 إلى نصر كبير في أكتوبر 1973 ولقن الجيش العدو المتغطرس هزيمة ودرسا قاسيا.

بعد وفاة الزعيم الراحل جمال عبد الناصر استكمل الرئيس السادات مهمة إعادة بناء القوات المسلحة وإعادة بناء المواقع التي دمرتها حرب يونية 1967 بإيقاع سريع متواصل فقد استغرق إعداد الدولة للحرب ست سنوات كاملة هي الفترة التي انقضت بين النكسة الموجعة والانتصار العظيم.

إلى جانب بناء القوات المسلحة، كان العمل يمضي على قدم وساق وبنفس الهمة على المسرح السياسي الدولي وعلى المسرح الداخلي الذي بدأ يتململ تحت وطأة الجو القاتم الناتج عن الهزيمة المهينة وتداعياتها على مختلف الأصعدة.

بذلت جهود مكثفة لكسر حلقة اللاسلم واللاحرب وذلك في الفترة منذ تولي السادات رئاسة الجمهورية وحتى نشوب حرب أكتوبر.

صدمة الهزيمة 

وهي مرحلة صعبة لم تكن التوازنات الدولية فيها تسمح بتوليد ضغوط كافية للتوصل بالطرق السلمية إلى تسوية مقبولة خاصة إزاء التعنت الإسرائيلي، والمساندة الكاملة لها من جانب الولايات المتحدة سياسيًّا وعسكريًّا فضلا عن أن صدمة الهزيمة قد صاحبها على المسرح العالمي صورة ظالمة نسبت إلى مصر ضحية العدوان، مسئولية اندلاع الحرب.

كان عليها القيام بإعادة تصحيح الصورة وتجسيد الحقائق لتحويل الرأى العالمي إلى الموقف المنصف وتأكيد حقها في استرداد أراضيها بكل الوسائل المتاحة بما في ذلك شرعية اللجوء إلى العمل العسكري إذا فشلت الوسائل السلمية في إجلاء المعتدي.

حرب أكتوبر

طرد 20 ألف خبير سوفييتي ١٩٧٢

خلال سنواته الثلاث الأولى، نجح الرئيس السادات في تدعيم الجسور مع الدول العربية المختلفة وفي مقدمتها سوريا التي صار الوضع فيها أفضل كثيرًا منذ تولي حافظ الأسد الرئاسة، والمملكة العربية السعودية التي حرص السادات على بناء علاقات طيبة معها، فلم يكن السادات طرفًا في الخلافات بين الرئيس جمال عبد الناصر والملك فيصل بن عبد العزيز، ولذلك كان سهلاً عليه أن يقيم علاقات طيبة مع العاهل السعودي؛ وكانت زيارة الملك فيصل لمصر في يوينة 1971 تدشينًا لتلك العلاقات والتي أثرت بدورها بطريقة إيجابية على بقية العلاقات العربية العربية. ولجأ السادات في تحركه هذا إلى الاتصالات واللقاءات الثنائية وليس إلى مؤتمرات القمة والاجتماعات الموسعة، ولكنه كان يلجأ إلى إجتماعات أكثر من ثنائية عند الضرورة.

في السابع عشر من يوليو 1972، اتخذ الرئيس السادات قرارًا بطرد 20 ألف خبير سوفييتي من مصر مما أحدث فجأة تغييرًا في مسرح الأحداث السياسية في الشرق الأوسط وكانت خطوة بعيدة الأثر في المسرح الدولي هيأت لمصر في العام التالي أن تكون حرب أكتوبر نصرًا خالصًا لأبنائها.

ولم يجحد السادات قيمة السوفييت بعد نصر أكتوبر، فقد استدعى السفير السوفييتي بعد أيام قليلة من الحرب وقال "له إنني أريد أن أقول لك أن السلاح السوفييتي هو الذي انتصر في حرب 1973".نصر أكتوبر

خط بارليف ينهار تحت أقدام خير أجناد الأرض

في أكتوبر عام 1973، قاد السادات مصر والعرب نحو تحقيق أول نصر عربي في جولات الصراع العربي الإسرائيلي، هذا النصر الذي أدى إلى استرداد مصر لكامل أراضيها المحتلة.

وأول خطة للهجوم على خط بارليف واقتحام قناة السويس وضعها عبدالناصر، وكان يطلق عليها المآذن العليا ولا نستطيع إلغاءها أو القول بأن السادات هو من صنعها، كذلك لا يمكن إنكار دور السادات فى التخطيط واتخاذ قرار الحرب وإدارة معركة أكتوبر بدهاء سياسي وعسكري، فالرئيس السادات، مارس خطة الخداع الاستراتيجي بين عامي 1970 و1973، كان هو شخصيًا جزءًا منها، بإعلانه قرب المعركة أكثر من مرة، والتراجع عن إصدار القرار، وقبوله ضغوط الحركة الطلابية من أجل الحرب، وهذا ما جعل مصداقية قيام الحرب لدى إسرائيل محل شك إلى أن جاءت ساعة المعركة.

شجاعة القرار

سوف يسجل التاريخ دائما للسادات، شجاعة إصدار القرار في وقت غابت فيه الشجاعة عن الجميع. كان عبور قناة السويس إنجازاً عسكرياًّ بكل المقاييس وكان تخطيطًا مصريًا صميمًا. حققته القوات المسلحة المصرية الباسلة بالتخطيط السليم والإعداد العلمي القائم على أحدث فنون العصر. وتم هذا في ظل ظروف قاسية في ساحة البذل والعطاء، وكان رأي السوفييت أن عبور العائق المائي الواسع هو عملية من الصعب حدوثها بما فيه من تيارات شديدة، بإلاضافة إلى استحالة تحطيم خط بارليف والاستيلاء عليه.

إرغام العدو علي السلام

لم يكن حرب أكتوبر ترفاً بل كان ضرورة حتمية لإرغام العدو على قبول الحلول السلمية والجلوس للتفاوض بعد الطريق المسدود الذي وصلت إليه الجهود السياسية والدبلوماسية، في ظل تجاهل الجانب الأمريكي في عهد إدارة نيكسون - كيسنجر محاولات الرئيس السادات لحل الصراع بالطرق السلمية حيث كان يري أن موازين القوى كلها في صالح إسرائيل وحالة "اللاسلم واللا حرب" لم تكن تخدم سوي الاحتلال ،وتستنزف في نفس الوقت طاقة المصريين البشرية والاقتصادية فكان لا بد من القرار الاستراتيجي بخوض الحرب.

تحركات دبلوماسية موازية فى دهاليز السياسة الدولية

منذ مرحلة الإعداد للحرب ، لم تتوقف التحركات الدبلوماسية الموازية فى دهاليز السياسة الدولية وداخل أروقة الأمم المتحدة لحشد الدعم الدولى للمواقف المصرية والحقوق العربية ثم بعد الحرب انتقلت الدبلوماسية المصرية من مرحلة مواجهة الهزيمة وآثارها إلى مرحلة تسويق النصر والبناء عليه واستخدام أسلحة التفاوض الدبلوماسى لتحقيق السلام فى منطقة الشرق الأوسط .

إرغام العدو علي السلام.. مبادرة أذهلت العالم

فالنصر الذي حققه رجال القوات المسلحة خير أجناد الأرض بدمائهم مهد الطريق أمام الدبلوماسية المصرية لتحقق مكاسب استراتيجية مكنتها من التفاوض لتبدأ عملية السلام بوساطة أمريكية وتكريس النشاط الدبلوماسى على اعتبار أن حرب أكتوبر هى آخر الحروب، وكان الدبلوماسى المصرى يجلس على مائدة المفاوضات مستندا على ما تم تحقيقه من نصر على الأرض ، وبتوقيع معاهدة السلام استردت مصر كامل سيادتها على سيناء وقناة السويس فى ٢٥ أبريل عام ١٩٨٢، باستثناء طابا التى عادت لمصر فى عام ١٩٨٩ عن طريق التحكيم الدولي بعد معركة دبلوماسية شرسة.

تم نسخ الرابط