أمين البحوث الإسلامية لـ "الأيام المصرية" : الفتاوى العشوائية عبر الانترنت كارثة العصر
في الآونة الأخيرة، انتشرت الفتاوى العشوائية عبر الانترنت بشكل كبير، وبات الكثير من الأشخاص يفتون في الأمور الدينية عبر مختلف مواقع التواصل الاجتماعي، دون وجه حق، الأمر الذي شكل أزمة كبيرة دعت دار الإفتاء المصرية إلى إصدار قوانين لردع مثل هؤلاء.
الفتاوى العشوائية عبر مواقع التواصل الاجتماعي
وفي هذا الصدد، كشف الدكتور محمد عبد الدايم الجندي، الأمين العام لـمجمع البحوث الإسلامية، عن خطورة انتشار الفتاوى العشوائية التي تصدر عن غير المؤهلين عبر وسائل التواصل الاجتماعي.
وأضاف في تصريح خاص لموقع "الأيام المصرية"، أن البعض يلجأون إلى إنشاء قنوات على "تيك توك" أو "فيسبوك"، مستغلين مظاهر دينية كإطالة اللحية أو استخدام كلمات مؤثرة لاستقطاب المتابعين وإطلاق الأحكام الشرعية دون علم كافٍ.
وحذر الجندي من الانسياق وراء هذه الفتاوى العشوائية التي تصدر من غير المؤهلين أو المتخصصين في مجال الفتوى، داعيًا المواطنين إلى أخذ فتواهم من مصادرها الصحيحة والمتمثلة في الأزهر الشريف ودار الإفتاء المصرية وغيرهما من المؤسسات الدينية.
أهمية الندوات الدينية في مواجهة التحديات المعاصرة
وذكر الأمين العام لمجمع البحوث، أن الندوات الدينية التي يتم تنظيمها مؤخرًا، جاءت كمحطات توعية تهدف إلى ضبط الفهم السليم للواقع، وتنبيه المجتمعات إلى أهمية الاصطفاف في مواجهة التحديات الإقليمية التي تمثل تهديدًا واضحًا للوطن.
وأضاف أن هذه الندوات تُعدّ تحصينًا فكريًا للمجتمع، خاصة في ظل انتشار المعلومات المغلوطة عبر الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي، حيث تسعى إلى بتر تلك المعارف المجهولة وتعزيز الثقة بالمعرفة المؤصلة والمدروسة.
جهود الأزهر الشريف في نشر التوعية
ولفت الجندي إلى أن الأزهر الشريف يمتلك وسائل متعددة للوصول إلى العامة، منها قنواته على مواقع التواصل الاجتماعي، ومركز الفتوى العالمي ومرصد الأزهر الذي يقوم بتحليل الطروحات الفكرية والرد عليها، كما أن مجلة الأزهر تُطبع وتوزع على نطاق واسع، بجانب إنتاج فيديوهات ممنتجة تناسب الخطاب العصري.
وتابع: بالإضافة إلى ذلك، يُقيم الأزهر دورات تدريبية ومحاضرات في الجامعات المصرية، حيث وصل نشاطه إلى سبع جامعات حتى الآن، بهدف احتكاك مباشر بالشباب لتحصينهم ضد التحديات الفكرية مثل الإلحاد والتطرف والشذوذ.
دور الأسرة في مواجهة الفكر المتطرف
واستطرد أنه رغم الجهود الكبيرة التي تبذلها المؤسسات الدينية، إلى أن دور الأسرة يظل حاسمًا في توجيه الأبناء وحمايتهم من الوقوع فريسة للأفكار المتطرفة.
وأكد أن الأسرة هي نقطة الانطلاق الأولى لتأسيس الطفل والشاب وتحصينهما ضد الإلحاد والشذوذ والتطرف، مكملًا: وإذا كانت الأسرة نفسها تنجذب إلى الخطاب المتطرف، فإن الأمر يصبح كارثيًا.
خطورة التصلب الفكري والتعصب للرأي
وأكمل حديثه قائلًا: إن التعصب للرأي والتصلب الفكري من الآفات التي تعوق الحوار البناء، فكما قال النبي صلى الله عليه وسلم: "ثلاث مهلكات: شح مطاع، وهوى متبع، وإعجاب كل ذي رأي برأيه".
ونوه أن الإعجاب بالرأي يمثل عائقًا أمام التفاهم وإيجاد حلول للأزمات الفكرية، مؤكدًا أن العلماء الحقيقيين لا يتسرعون في إصدار الفتاوى، مستشهدًا بموقف الإمام مالك بن أنس، الذي أجاب فقط عن 16 مسألة من أصل 48 سُئل عنها، قائلاً "لا أدري" في البقية، رغم علمه.