سائل في نفس حالته بمقبرة رومانية منذ 2000 عام .. فما السر؟
في مقبرة كارمو الرومانية القديمة في إسبانيا، عثر علماء الآثار على اكتشاف مذهل: جرة مغلقة تحتوي على مشروب ظل محتفظًا بحالته السائلة رغم مرور حوالي 2000 عام على دفنها. كان السائل جزءًا من الطقوس الجنائزية التي رافقت دفن رجل روماني، حيث وُضعت بقايا جثته المحترقة داخل حاوية زجاجية تم غلقها بإحكام.
وأثار المشروب داخل الجرة، الذي تحول إلى اللون الأحمر الذي يحتوي على بقايا حرق جثة المتوفي، دهشة الباحثين، وفي تصريح له، قال عالم الآثار خوان مانويل رومان من متحف مدينة كارمونا: "فوجئنا للغاية بأن هذا السائل بقي محفوظًا داخل الجرة الجنائزية". وأوضح أن اكتشاف المقبرة نفسها أمر نادر، إذ أن المقابر القديمة غالبًا ما تتعرض للنهب مع مرور الزمن، مما يجعل من الصعب التوصل إلى اكتشافات كهذه.
وفي عام 2019، اكتشف العلماء غرفة في جنوب إسبانيا لا تزال مغلقة وتحافظ على محتوياتها من الزمان، بما في ذلك عطور فاخرة، ومجوهرات، وحوايا زجاجية، بالإضافة إلى قارورة كبيرة من الرصاص.
عندما فتح الباحثون الحاوية، وجدوا جرة زجاجية مغلقة نصفها مملوء بنوع من السائل، ويُعتقد أن سكب النبيذ على جثة المحترق كان جزءًا من الطقوس الجنائزية الرومانية المعتادة، على الرغم من أن السائل قد يكون تسرب إلى الجرة نتيجة لظروف معينة مثل غمر القبر بالمياه أو تسربات داخل الضريح.
وبقيادة الكيميائي دانييل كوسانو من جامعة قرطبة، بدأ العلماء في إجراء تحاليل دقيقة على السائل باستخدام تقنيات حديثة مثل مطياف الكتلة البلازمية. وتوصلوا إلى أن السائل يحتوي على مكونات تتشابه مع النبيذ الأبيض، خاصة مع مناطق إنتاج النبيذ المجاورة مثل مونتيلا موريليس، خيريز، وسانلوكار. وكان من المثير أن السائل كان في الأصل نبيذًا أبيض، رغم لونه الأحمر، وذلك لغياب مادة البوليفينول التي توجد عادة في النبيذ الأحمر.
ولم تكن الجرة فارغة من الكنوز أيضًا؛ إذ كانت تحتوي على خاتم ذهبي منقوش عليه صورة "يانوس"، إله الزمن الروماني، الذي يرمز إلى التحولات والنهايات. هذا الاكتشاف الفريد لا يُظهر فقط طقوس الجنائز في العصور الرومانية، بل يُظهر أيضًا كيفية استخدام تقنيات حديثة لفهم العادات التاريخية التي مر عليها آلاف السنين.