"أبو ضيف".. حكاية مصري عشق صب سحر السيرما على القماش الحرير| فيديو
يزدهر فن السيرما القديم في قلب أزقة الغورية التي تعكس عبق التاريخ، وبين جدران محاطة بالعراقة والتقاليد، الذي حافظ على سحره عبر الأجيال، ينساب "السيرما" من بين يدي الحرفيين لتروي أناملهم قصص عن الجمال والفخامة.
ظل فنانو السيرما الذين يُتقنون حياكتها منذ العهد العثماني يُعتبرون في قمة السلم الفني، فهم لا يضعون الخيط في الإبرة فحسب، بل هم ينسجون الحكايات، يطوون الزمن، ويخلقون من خيوط السيرما قصة لا يُمكن نسيانها.
يغمر الهواء عبق العراقة، بينما يجلس عم محمد محمود الشهير بـ "محمد أبو ضيف" على مقعده الصغير، يتخذ من الإبرة وخيط السيرما أداة لغزل السحر على قماش القطيفة من الدرجات الألوان الداكنة، فيما يسترجع ذكريات نصف عام مرت على فن جرى حبه بين أبين أوردته.
قاد الحظ عم محمد لمرافقة صناع كسوة الكعبة الأوائل من الحرفيين المخضرمين الذي نسجوا آيات القرآن الكريم على صفحات أجمل أنواع الحرير بخيوط من أسلاك الذهب الخالص، فشغلت السيرما قلب محمد صغيرًا وشاغلت عقله حتى انسل من صفوف التلاميذ ليلتحق بمهنة صفوة الصناع والحرفيين.
تتلمذ عم محمد على يد الحاد "ابن حميدو" مبدع الأعلام ومصمم الرتب العسكرية بمصر القديمة قبل أن يتدرج على عتبات فن التطريز إلى خيوط السيرما الخلابة.
ولم تتوقف آيات فن محمد على التطريز بالسيرما فقط، إذ يرافق رحلة القماش من بداية الرسم عليها والذي يمارس فنونه بنفسه مصممًا أجمل الخطوط العربية ويتنقل بين درجاتها ما بين الرقعة والنسخ والكوفي متحديًا ذائقته الفنية الرائعة في أجمل التصميمات التي تتوافد عليه بالطلب في صور شتى ما بين لوحات آيات القرآن الكريم ونماذج محاكاة لكسوة الكعبة الشريفة.
بقلب كأفئدة الطير لاترتبط شهرة عم محمد في الغورية بالسيرما فقط، فأسمه ارتبط بحب الخير والطير والحيوان إحدى خصالة الرائعة، فعندما يمر عليه زوار الحي من ذوي الأربع مابين قطط وكلاب يهرع ليغدق عليهم من وجبات الغذاء التي يعدها بنفسه ويحضرها إلى دكانه يوميًا لتقديمها لأصدقائه.