بعد تصريح السفير الإيراني.. هل سيتم نزع سلاح حزب الله في لبنان؟

في خضم الجدل المحتدم حول مصير سلاح حزب الله، أثار تصريح السفير الإيراني في لبنان ، الذي شدد فيه على أن مسألة نزع سلاح الحزب "شأن داخلي لا نتدخل فيه"، موجة من التفسيرات المتباينة، فهناك من اعتبره تراجعًا تكتيكيًا فرضته ضغوط الاستدعاء الدبلوماسي، ومن قرأ فيه مؤشرًا لانفتاح إيراني على ترك الملف للمعالجة اللبنانية.
وهنا يتم طرح السؤال المحوري، هل يمكن اعتبار هذا الموقف الإيراني مدخلًا واقعيًا لحل الأزمة المعقدة المتعلقة بسلاح حزب الله؟

وفي هذا الصدد قال الدكتور أحمد يونس الأكاديمي والباحث السياسي اللبناني إن موقف إيران، كداعم أساسي للحزب ظل لفترة طويلة يستند إلى منطق "الردع" وتوازن القوى الإقليمي، باعتبار أن بقاء سلاح حزب الله جزء لا يتجزأ من استراتيجية محور المقاومة.
وأشار الدكتور أحمد يونس في تصريح خاص لموقع الأيام المصرية إلى أن التبدلات في المشهد الإقليمي والدولي، بدءًا من تعثر مفاوضات الملف النووي، وصولًا إلى الضغوط الغربية المتزايدة وخروج إيران من سوريا والضربات القاسية التي تلقاها حزب الله خلال حربه مع الاحتلال الإسرائيلي، دفعت طهران إلى إعادة تموضع محسوب، لا سيما إذا كان في ذلك ما يجنّبها مزيدًا من العزلة أو يفتح ثغرات تفاوضية.

هل يكفي تصريح دبلوماسي لإحداث تغيير جذري في ملف سلاح حزب الله
أكد يونس أن تصريح السفير الإيراني في بيروت من الناحية العملية لن يحدث تغييرًا جذريًا في ملف حزب الله، فحتى لو تم تسليم بحسن نية تصريح السفير، فإن ترك مسألة السلاح للنقاش الداخلي اللبناني لا يعني بالضرورة أن إيران رفعت الغطاء السياسي والعقائدي عن الحزب بل إن قراءة هذا التصريح دون سياق المعادلة اللبنانية، حيث إن الحزب جزء من البنية السياسية والعسكرية والطائفية هو تبسيط مخل في الواقع.
ولفت إلى أن تصريح السفير الإيراني فرصة سياسية وليس حلًا، مشيرًا إلى أنه يمكن للقيادات اللبنانية التي تطرح بجدية مسألة حصر السلاح بيد الدولة، أن تستفيد من هذه اللحظة لدفع مسار حوار داخلي صريح، بمشاركة حزب الله ينطلق من الثوابت على النحو التالي:
- 1. ربط السلاح باستراتيجية دفاعية وطنية تحمي لبنان دون أن يبقي قرار الحرب والسلم بيد فئة دون سواها.
- 2. إشراك الجهات الضامنة داخليًا (كرئيس مجلس النواب نبيه بري) وخارجيًا (كدول أوروبية داعمة للحياد اللبناني) لضمان توازن الطروحات.
- 3. الابتعاد عن الخطابات الشعبوية التي تستفز بيئة الحزب وتدفعه للتصلب بدل الانفتاح.

وتابع الباحث أنه يمكن القول إن تصريح السفير الإيراني لا يشكل حلاً بذاته، لكنه قد يشكل غطاءً غير مباشر لحوار لبناني - لبناني جدي، غير أن نجاح هذا المسار مشروط بعوامل ثلاثة على النحو الآتي:
- أولها، وجود إرادة سياسية لبنانية جامعة
- ثانيها، توفير مناخ إقليمي غير تصادمي
- وثالثها، تدخل دولي ضابط لا يضغط نحو الصدام بل يشجع على الحلول التوافقية
واختتم الدكتور أحمد يونس الأكاديمي والباحث السياسي اللبناني قائلًا:"تبقى القضية الأهم أنه لا يمكن لأي دولة أن تبني مؤسساتها الأمنية وتعيد الاعتبار لهيبتها في ظل ازدواجية السلاح، لكن الوصول إلى هذا الهدف يتطلب واقعية سياسية وتوازنًا دقيقًا، وابتعادًا عن منطق الكسر والاستفزاز.