الثلاثاء 15 أبريل 2025
الايام المصرية
رئيس التحرير
رضـــا حبيشى
رئيس التحرير
رضـــا حبيشى

رحلة التضحيات والتحديات.. أسرار عن حياة سلمان الفارسي الباحث عن الحقيقة

حكاية صحابي .. سلمان
حكاية صحابي .. سلمان الفارسي الباحث عن الحقيقة

سلمان الفارسي الباحث عن الحقيقة .. في عالم مليء بالبحث عن الحقيقة والتطلع للمعرفة تبرز قصة الصحابي الجليل سلمان الفارسي، وتعد قصته نموذج يحتذى به في السعي وراء المعرفة واليقين، وبدأت قصته من بلاد فارس إلى جزيرة العرب، فمر برحلة طويلة يملؤها التضحيات والتحديات الشاقة، باحثًا عن دين يشبع عطش روحه للحق، وبدأ بعبادة النار في دولته، ثم اعتناق المسيحية، وحتى لقاءه بالنبي صلى الله عليه وسلم واعتناقه الإسلام ليصبح واحدًا من أبرز الصحابة.

حكاية صحابي .. سلمان الفارسي الباحث عن الحقيقة

أصل سلمان الفارسي

كان سلمان الفارسي رضي الله عنه من أصبهان، وكان والده زعيم القرية، وكان أحب الناس إليه حتى قام بحبسه كما تحبس الجارية وألزمه بخدمة النار فكان لا يتركها تخبو ساعة، وكان لوالده ضيعة فانشغل يومًا عنها، فطلب منه أن يذهب ليطلعها، وهو في طريقه طالبًا الضيعة مر بكنيسة للنصارى فسمع صوتهم وهم يصلون فأعجبته صلاتهم وقال: "والله هذا خير من ديننا"، فظل عندهم حتى غربت الشمس ونسي ضيعة والده، وحينما عاد سأله والده فأخبره بما رأه فغضب وقال له ليس في هذا الدين خير، فحينما رفض سلمان قام والده بتقيده وحبسه في البيت.

سلمان الفارسي وهروبه للشام

وحينما جاء ركب من النصارى من الشام وأقدموا على الرحيل أزال القيد وذهب معهم، وسأل من أفضل أهل هذا الدين فقالوا الأسقف في الكنيسة فذهب له وطلب منه أن يعتنق هذا الدين ويكون في خدمته في الكنيسة فأذن له ولكنه كان رجل سوء يأمر الناس بالصدقة ويحتكرها لنفسه، فكره سلمان هذا الأمر وبعد موته أخبر الناس بما كان يفعله فصلبوه ورجموه، وبعد ذلك ولوا أسقف آخر مكانه فكان خيرًا منه، زاهدًا في الدنيا راغبًا في الأخرة فأحبه حبًا شديدًا.

حكاية صحابي .. سلمان الفارسي الباحث عن الحقيقة

التنقل في طلب الحق

وحينما حضرته الوفاة سأله على أن يوصيه فقال له لا أعلم أحدًا مما نحن عليه إلا رجل في الموصل، فذهب إلى الرجل، فوجده على نفس النهج، فأقام معه، فلما حضرته الوفاة، أوصاه إلى رجل في نصيبين، فذهب إليه، فوجده على مثل أمرهم، وأحبه، فلما مات، أوصى بي إلى رجل في عمورية، وكان على نهجهم كذلك.

لما اقتربت وفاة الرجل الأخير، قال له: "إلى من توصي بي"، قال: "لا أعلم أحدًا على ما نحن عليه، ولكن قد أظلك زمان نبي، يبعث بدين إبراهيم، يخرج في أرض العرب، بين حرتين، بينهما نخل، له علامات لا تخفى: يأكل الهدية، ولا يأكل الصدقة، وبين كتفيه خاتم النبوة، فإن استطعت أن تلحق بتلك البلاد فافعل".

طريقه إلى المدينة ووقوعه في الرق

مكث بعمورية ما شاء الله، ثم مر به نفر من بني كلب، فقال لهم: "تحملوني إلى أرض العرب، وأعطيكم بقري وغنمي"، قالوا: "نعم"، فلما وصلوا به إلى وادي القرى، ظلموه، وباعوه لرجل من يهود، فكان عنده، فرأى النخل، فرجى أن تكون الأرض الموصوفة، ثم اشتراه يهودي من بني قريظة، وأخذه إلى المدينة، فلما رأها، عرفها بالوصف، فأقام بها.

حكاية صحابي .. سلمان الفارسي الباحث عن الحقيقة

وبعد ذلك بعث الله رسوله صلى الله عليه وسلم، فأقام بمكة، ثم هاجر إلى المدينة، ولم يكن يعلم بسبب الرق، وذات يوم كان في نخلة يعمل بها لسيده، فإذا بابن عمه يقول له: "قاتل الله بني قيلة، اجتمعوا على رجل بمكة، يزعم أنه نبي"، فلما سمع ذلك اهتز جسده من الفرح، ونزل يسأل، فلكم من سيده، فسكت، وفي الليل أعد شيئًا من طعام الصدقة، وذهب إلى رسول الله، وكان بقباء، فقال له: "هذا شيء أردت به الصدقة، وأنتم أحق بها"، فقال لأصحابه: "كلوا"، وأمسك يده، فقال: "هذه واحدة"، قاصدًا علامات النبوة، ثم أعد له هدية، فقبلها وأكل منها، فقال: "هذه الثانية".

رؤية خاتم النبوة

ثم ذهب إليه وهو في بقيع الغرقد في جنازة، فسلم عليه، ثم استدار ينظر لظهره، فلما رآه النبي صلى الله عليه وسلم فعل ذلك، كشف عن ظهره، فرأى خاتم النبوة، فأكب عليه يقبله ويبكي، فقص عليه خبره، فأعجبه أن يسمعه الصحابة، ثم شغله الرق عن بدر وأحد، فقال له النبي: "كاتب يا سلمان"، فكاتب سيده على ثلاث مائة نخلة وأربعين أوقية، فأمر النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه أن يعينوه، فجمعوا له النخل، وزرعوه بأيدي رسول الله، فما ماتت منها نخلة واحدة، ثم جاءه النبي صلى الله عليه وسلم شيء من الذهب، فأعطاه إياه، وقال: "خذ هذه وأد بها ما عليك"، فوزن منها أربعين أوقية، فأوفيت وعتق، ثم شهد مع رسول الله الخندق، وكان صاحب فكرة حفر الخندق لحماية المدينة من الأحزاب، ثم لم يفوته مشهد مع النبي بعد ذلك.

حكاية صحابي .. سلمان الفارسي الباحث عن الحقيقة

دروس مستفادة من قصة سلمان الفارسي

تبرز قصة سلمان الفارسي أهمية البحث المستمر عن الحقيقة والتفكير النقدي بعيدًا عن التبعية العمياء، خاصةً وأن في عصرنا الحالي تنتشر المعلومات والشائعات بسرعة كبيرة، لهذا فالتفكير المستقل وتحري الدقة أصبح أمر ضروري لفهم الواقع واتخاذ القرارات الصائبة.

ويعلمنا سلمان الفارسي رضي الله عنه أن السعي وراء المعرفة والتمسك بالقيم يمكن أن يقود الشخص لتحقيق أهدافه والتغلب على التحديات رغم كل الصعوبات.

تم نسخ الرابط