باحث لـ"الأيام المصرية": استقبال إسرائيل للدروز مشهد مؤسف ونتاج طبيعي لحال سوريا

قال الدكتور محمد عثمان الباحث في العلاقات الدولية، إن الدروز عنصر رئيس ضمن المكونات التاريخية للشعب السوري، فبالرغم أن تعدادهم لا تتجاوز نسبته 5% من السوريين، إلا أن هذه الطائفة كان لها دورًا رئيسًا في مسيرة النضال السوري ضد الاستعمار،
وأضاف الدكتور محمد عثمان في تصريح خاص لموقع الأيام المصرية قائلًا:" من منا ينسى سلطان باشا الأطرش زعيم الثورة السورية ضد الاحتلال الفرنسي في ثلاثينيات القرن الماضي، واستحضر تاريخ الطائفة الدرزية في سوريا في هذا السياق حتى لا نتسرع في إصدار الأحكام، أو وصم فئة من السوريين بالعمالة أو الخيانة بسبب تصرفات البعض.
وأوضح عثمان أنه مما لا شك فيه أن 54 عامًا من حكم أسرة الأسد و14 عامًا من الحرب الأهلية ذات الأبعاد الطائفية، انتهاءًا بصعود تيار سني جهادي متطرف للحكم في سوريا في ديسمبر الماضي، جعل المشهد السوري أكثر تعقيدًا من ذي قبل، وأصبحت كافة الاقليات الدينية والعرقية لديها مخاوف حقيقية من استئسار تيار عقائدي أصولي بالحكم وتراجع الهوية الوطنية وانسحاب الكثير من السوريين للانتماء القبلي أو العرقي أو المذهبي.
ولفت إلى أن الاستقواء بالخارج أصبح سمة من سمات المشهد السوري، وهي ظاهرة كاشفة لمدي الاهتراء الذي أصاب بنية الأمة السورية ونسيجها الوطني في خضم هذا الوضع المتأجج بفعل أعمال العنف المنتشرة في سوريا علي مدار الأشهر الماضية لا سيما الفظائع التي ارتكبت في حق أبناء الطائفة العلوية في الساحل، .
وأشار إلى أن إسرائيل انتهزت فرصة سقوط بشار الأسد من أجل التوسع داخل الأراضي السورية المتاخمة للجولان المحتل، وقامت بتدمير ما تبقي من مقدرات عسكرية تابعة للجيش السوري المنحل، ودخلت علي الخط استغلالاً لحالة التفكك، وأعلنت نفسها حامياً للطائفة الدرزية في سوريا.

د. محمد عثمان: الدروز لديهم تحفظ من الإدارة السورية الجديدة
وأكد عثمان أن جزء من المشهد الدرزي وفصائله انحاز لدعوات إسرائيل، بينما عارضه أخرون، ولكن في نهاية المطاف زعماء الطائفة الدرزية الروحيين علي رأسهم الشيخ حكمنت الهجري وكذلك الفصائل المسلحة الدرزية لديها مخاوف وتحفظات على إدارة الفترة الانتقالية من جانب الرئيس أحمد الشرع وتياره، خاصة بعد أحداث الساحل وإصدار الإعلان الدستوري الذي يعطي الشرع صلاحيات غير محدودة، ومد أمد الفترة الانتقالية لمدة ٥ سنوات، وبالتالي مع غياب ضمانات قيام دولة وطنية مدنية ديمقراطية حديثة في سوريا.
وأردف أن تصاعد اضطهاد الأقليات لجأت بعض أطراف المشهد الدرزي لتعميق الصلة والروابط مع إسرائيل من أجل الضغط على دمشق للوصول لتفاهمات تقدي بمنح قدر من الحكم الذاتي لمحافظة السويداء ذات الغالبية الدرزية وقرى الدروز بدرعا والقنيطرة على تكون إسرائيل هي الضامن الفعلي لاستقلالية هذه المناطق، ولعل ذهاب 100 من مشايخ الطائفة الدرزية لزيارة مقام النبي شعيب عليه السلام بفلسطين المحتلة الهدف منه البعث برسائل معينة لدمشق مفادها أن تطبيع الترابط الإسرائيلي الدرزي يسير قدماً بمباركة رجال الدين أصحاب الحيثية لدي دروز سوريا، وأن أي اعتداء على مناطق نفوذهم قد تؤدي لتدخل إسرائيلي مباشر.
واختتم الدكتور محمد عثمان أن هذا المشهد المؤسف نتاج طبيعي لما آلت إليه الأمور في سوريا، أما التكاتف من أجل إطلاق حوار وطني حقيقي والتوافق علي مسار انتقالي يضمن بناء دولة مواطنة ذات مؤسسات على أسس مدنية ديمقراطية تستوعب الجميع أو الاستمرار على النهج الأحادي الحالي الذي سيذهب بسوريا الي مهلكة التقسيم والتفتيت.
