كيف نصل لدرجة الشاكرين ؟.. الشيخ عبدالسلام عبد المنصف يوضح

كيف نصل لدرجة الشاكرين.. الشيخ عبدالسلام عبدالمنصف يجيب .. عرضت قناة النهار الحلقة الخامسة من برنامج من يربح الجنة، للشيخ عبدالسلام عبدالمنصف، وتحدث خلالها عن الرابح الخامس وهو الشاكر، وتحدث في بداية الحلقة على أهمية التدبر في آيات الشكر والكفران.
تحدي إبليس لبني آدم
وتحدث الشيخ عبدالسلام عن تحدي إبليس لله سبحانه وتعالى حيث قال: قال الله سبحانه وتعالى: "قال فبما أغويتني لأقعدن لهم صراطك المستقيم، ثم لآتينهم من بين أيديهم ومن خلفهم وعن أيمانهم وعن شمائلهم، ولا تجد أكثرهم شاكرين"، ففي هذه الآية، يخبرنا الله سبحانه وتعالى بما قاله إبليس اللعين حينما تحدى رب العزة، وبين أن هدفه الأساسي هو منع الناس من شكر الله سبحانه وتعالى، فإبليس يسعى إلى أن يجعل الناس يغفلون عن نعم الله عليهم حتى تزول عنهم، لأن الشكر يزيد النعم، كما قال تعالى: "لئن شكرتم لأزيدنكم".

الإنسان بين الشكر والكفران
وتابع الشيخ عبدالسلام: يقول الله سبحانه وتعالى: "هل أتى على الإنسان حين من الدهر لم يكن شيئًا مذكورًا إنا خلقنا الإنسان من نطفة أمشاج نبتليه فجعلناه سميعًا بصيرًا إنا هديناه السبيل إما شاكرا وإما كفورا"، ففي هذه الآية، يخبرنا الله عن طبيعة الإنسان، وكيف أنه أمام طريقين: إما أن يكون شاكرًا لله، وإما أن يكون كفورًا، وهنا استخدم الله اسم الفاعل "شاكرا"، بينما استخدم صيغة المبالغة "كفورا"، ليبين أن عدد الشاكرين قليل، مقابل كثرة الكافرين بالنعم، وهذا يتضح أكثر في قوله تعالى: "وقليل من عبادي الشكور".
حقيقة الشكر وأثره على الإنسان
وأضاف الشيخ عبدالسلام عبد المنصف أنه لو تأملنا سنجد أن الشيطان يسعى جاهدًا لإبعاد الإنسان عن الشكر، لأن الشكر يحفظ النعمة ويزيدها، بينما الكفران يؤدي إلى زوالها، فالشيطان يعد الإنسان بالفقر ليجعله يكفر بالنعم، وهذا وعده الدائم، كما قال تعالى: "الشيطان يعدكم الفقر".

أسباب عدم شكر النعمة
وأضاف الشيخ عبدالسلام عبدالمنصف عن أسباب عدم شكر النعمة هناك عدة أسباب تجعل الإنسان يغفل عن شكر النعم، ومنها:
- الاعتياد على النعمة: عندما يتعايش الإنسان مع نعمة معينة لفترة طويلة، ينسى أنها نعمة، ويعتبرها شيئًا طبيعيًا، مثال على ذلك، الصحة، القدرة على المشي، امتلاك بيت، وجود طعام متوفر، وغيرها من الأمور التي لا يدرك الإنسان قيمتها إلا إذا فقدها.
- احتقار النعمة: بعض الناس لا يرون نعم الله عليهم كشيء يستوجب الشكر، بل يحتقرونها، فقد يمتلك أحدهم بيتًا متواضعًا، لكنه ينظر لمن يملك بيتًا أكبر، فيشعر أن بيته لا يستحق الشكر.
- الشعور باستحقاق النعمة: يرى بعض الناس أن النعمة من حقهم، فلا يشعرون بالحاجة إلى شكر الله عليها، مثل من يرى أن الزواج والأبناء أمر طبيعي لا يحتاج إلى شكر، فيغفل عن شكر الله على هذه النعمة العظيمة.
كيف نصل إلى درجة الشاكرين؟
نصل إلى درجة الشاكرين من خلال:
- الإيمان بأن كل نعمة هي من الله: يجب أن يدرك الإنسان أن كل ما يملكه هو من فضل الله، وليس بجهده أو استحقاقه، كما قال الله: "وعلمك ما لم تكن تعلم وكان فضل الله عليك عظيمًا".
- فهم أن عدم الشكر يؤدي إلى زوال النعمة: قال ابن عطاء الله السكندري: "عدم شكر النعمة مؤذن بزوالها"، وهذا ما علمه النبي صلى الله عليه وسلم للسيدة عائشة حين وجد كسرة خبز على الأرض، فقال لها: "خذيها يا عائشة، فإنها نعمة، فإنها قل ما نفرت من قوم فعادت إليهم".
- النظر إلى من هو أقل منك في الدنيا: علمنا النبي صلى الله عليه وسلم أن ننظر لمن هو أقل منا في الدنيا حتى نحمد الله، فقال: "إذا نظرت إلى من هو فوقك في المال فانظر إلى من هو دونك".
- الشكر باللسان والعمل: يجب أن نكثر من قول "الحمد لله"، ونشكر الله بالأفعال، مثل مساعدة الآخرين، وإخراج الصدقات، والقيام بالصلاة.
- الاقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم في الشكر: كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي حتى تتورم قدماه شكرًا لله، وهذا أعظم مثال للشكر الحقيقي.

الأنبياء نموذج الشاكرين
النظر إلى حياة الأنبياء يعلمنا معنى الشكر الحقيقي، ومن هؤلاء: سيدنا نوح عليه السلام، الذي وصفه الله في سورة الإسراء: "ذُرِّيَّةَ مَنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ إِنَّهُ كَانَ عَبْدًا شَكُورًا"، وسيدنا إبراهيم عليه السلام، حيث قال الله عنه: "إن إبراهيم كان أمة قانتًا لله حنيفًا ولم يك من المشركين شاكرا لأنعمه اجتباه وهداه إلى صراط مستقيم"، وسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، الذي كان يقوم الليل حتى تتورم قدماه، وحين سألته السيدة عائشة: "يا رسول الله، ألم يغفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر؟ فلماذا تفعل ذلك؟" قال: "أفلا أكون عبدًا شكورًا".