الايام المصرية
رئيس التحرير
رضـــا حبيشى
رئيس التحرير
رضـــا حبيشى

باحث لـ الأيام المصرية: سنشهد تداعيات خطيرة على مسار الحرب الأوكرانية بعد مشهد ترامب وزيلينسكي

مشاجرة ترامب وزيلينسكي
مشاجرة ترامب وزيلينسكي وفانز

قال الدكتور محمد عثمان الباحث في العلاقات الدولية، إن المشهد بين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ونظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في البيت الأبيض غير مسبوق في تاريخ الدبلوماسية الحديثة والعلاقات الدولية المعاصرة.

وأوضح الدكتور محمد عثمان في تصريح خاص لموقع الأيام المصرية، أن هذا المشهد يكشف لنا عدة حقائق جوهرية على النحو التالي:

  1. - انهيار العلاقات الأمريكية الأوكرانية، أو على أقل تقدير تدهورها على نحو غير مسبوق منذ استقلال أوكرانيا في عام 1991
  2. - زيارات الرئيس الفرنسي  إيمانويل ماكرون ورئيس وزراء بريطانيا ستارمر للبيت الأبيض لم تنجح في إقناع الرئيس ترامب بتحسين شروط السلام الروسي الأوكراني بشكل يسمح بمنح أوكرانيا ضمانات أمنية ضد أي هجمات روسية في المستقبل
  3. - ترامب تولدت لديها قناعة أن زيلينسكي لم يعد شريكًا مناسبًا للولايات المتحدة الأمريكية تستطيع أن تبرم معه صفقة لاستغلال المعادن النادرة واتفاق سلام ينهي الحرب الروسية الأوكرانية
  4. - على الأرجح سيتوقف أو على الأقل سيتقلص بحدة الدعم الأمريكي المقدم إلي كييف في حربها مع موسكو
  5. - الولايات المتحدة أكدت أنها لم تعد معنية بضمان أمن وسلامة القارة الأوروبية، أو باستمرار حالة العداء والتوتر مع روسيا، حيث أنه برغم من كونها قوة عظمي فهي ليست منافس ندي للولايات المتحدة من حيث القدرات والمقومات الاقتصادية والعسكرية، وهذا طبعا يضع مصير حلف شمال الأطلسي ومنظومة الأمن الاستراتيجي الأوروبي بالكامل علي المحك.

وأضاف عثمان أن المشهد المفزع بين ترامب وزيلينسكي أثبت أن الولايات المتحدة ورطت أوكرانيا ومن خلفها أوروبا في حرب شعواء ضد روسيا، وعندما تبدلت الأولويات الأمريكية بانتقال السلطة من بايدن لترامب، تنصلت الولايات المتحدة تمامًا من كافة التزماتها حيال أوكرانيا، بل وتسعي لرأب الصدع الكبير بينها وبين روسيا الاتحادية على حساب المصالح الأوروبية، والسيادة الوطنية الأوكرانية.

وأردف أنه سيكون هناك تداعيات خطيرة على مسار الحرب الأوكرانية، حيث أن روسيا بالرغم من الدعم العسكري اللا محدود الذي قدمه الغرب لكييف على مدار 3 سنوات استطاعت أن تصمد وتعيد ترتيب مقدراتها العسكرية، وحققت نجاحات ميدانية أسفرت عن السيطرة على أكثر من 20% من الأراضي الأوكرانية بما في ذلك 70% من سواحل أوكرانية، وموارد طبيعية هائلة من بينها مواقع ومناجم فحم الكوك والمعادن النادرة تحتوي علي مخزونات تتجاوز قيمتها 7 تريليون دولار.

وتابع أنه في ظل هذا التفوق الروسي يأتي الرئيس ترامب لتقدم للرئيس فلاديمير بوتين أفكار ومقترحات للتسوية تحفظ لروسيا مكاسبها الميدانية، وتضمن لها حياد أوكرانيا وعدم انضمامها لحلف شمال الأطلسي الناتو أي تحقيق أهداف الحرب الروسية، وعلى الجانب الأخر حاول فرض على زيلينسكي قبول هذا الاتفاق دون أي ضمانات أمنية من جانب الولايات المتحدة، بل وطالبه بحق واشنطن في استغلال ثروات أوكرانيا الطبيعية لا سيما المعادن النادرة حتى يتثنى للأخيرة تسديد قيمة المساعدات والمنح الأمريكية الاقتصادية والعسكرية التي تتراوح قيمتها ما بين 100 إلى 350 مليار حيث تختلف التقديرات الأمريكية عن الأوكرانية.

محمد عثمان: زيلينسكي تمسك بالضمانات الأمنية وهذا سبب طرده من البيت الأبيض

وأشار الباحث إلى أن زلينسكي تمسك بالضمانات الأمنية الأمريكية كحد أدنى لقبول أي تسوية أو حتى وقف إطلاق نار، مما أدى إلى المشهد الهزلي بتوبيخ ترامب وفانز للرئيس الأوكراني الزائر وقاموا بطرده قبل إتمام المحادثات ودون توقيع اتفاق المعادن، وتلى هذا التطور الخطير قرار من جانب وزارة الخارجية الأمريكية تجميد برنامج ترميم البنية التحتية للطاقة الكهربائية في أوكرانيا التي كانت تساعد في إصلاح وإعادة تشغيل بعض محطات ومحاولات الكهرباء التي تضررت جراء الغارات الصاروخية والجوية الروسية.

ولفت إلى أن الولايات المتحدة الأمريكية ستسعى لزيادة الضغط على زلينسكي من خلال تقليص برامج المساعدات أو وقفها تمامًا وهذا سيعزز من سرعة وعمق التقدم الميداني الروسي، وهنا لن يكون أمام القيادة الأوكرانية سوى 3 خيارات على النحو التالي:

  1. إزعان زلينسكي للشروط الأمريكية والالتزام بصيغة ترامب لوقف الصراع وحينها تعود المياه لمجاريها
  2. تمسك زلينسكي بموقفه معتمدًا على الدعم العسكري والاقتصادي الأوروبي الذي لن ينقطع وهذا قد يعين كييف علي الصمود لوقت أطول، ولكنه لن يكون كافي لصد الهجمات الروسية وقد تنتهي الحرب خلال أسابيع أو أشهر بهزيمة أوكرانية كاملة واستيلاء روسيا علي مساحات أكبر بكثير من الأراضي الأوكرانية
  3. توافق مكونات النخبة السياسية والعسكرية والأوليجارشية الاقتصادية الأوكرانية علي عزل زلينسكي واستبداله برئيس أخر يقبل بشروط ترامب ويستطيع التفاهم مع الروس، ومن أبرز الأسماء المطروحة في هذا الصدد الجنرال ذي الشعبية الكبيرة في أوكرانيا فاليري زالوجني قائد الجيش الأوكراني السابق وسفير للبلاد الحالي لدي المملكة المتحدة.
فاليري زالوجني قائد الجيش الأوكراني السابق وسفير لكييف الحالي لدي بريطانيا

واختتم الدكتور محمد عثمان الباحث في العلاقات الدولية أنه في كافة الأحوال مسار الأحداث لم يعد في صالح أوكرانيا أو حتى أوروبا، والفائز الأكبر من هذه الفوضي التي أصعف بكافة أركان المعسكر الغربي هي روسيا الاتحادية ورئيسها فلاديمير بوتين الذي استطاع أن يتحدى الهيمنة الغربية لسنوات طويلة بعد فشل كافة مساعي كسر مشروعه أو إخضاعه، أي الإسهام في خلق عالم متعدد الاقطاب ينتهي فيه احتكار المعسكر الغربي لكافة أدوات القوة على الساحة الدولية.

الدكتور محمد عثمان الباحث في العلاقات الدولية
تم نسخ الرابط