يقف العالم على أطراف أصابعه بسبب قرارات وتصريحات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب .. الرجل الذي يتلاعب بالجميع وجاء إلى الحكم بوعود انقلب على أغلبها خلال أيام من دخوله البيت الأبيض.. تصرفات جعلت المراقبين يطرحوا العديد من الأسئلة أبرزها.. هل جاء ترامب لينفذ مبادئ «علم اليوجينا» القائم على التصفية العرقية والتي وضع أسسه العالم البريطاني فرنسيس جالتون؟! .. حيث يحدد من له الحق في الحياة ومن يجب التخلص منه .. من مفيد للبشرية ويستمر ومن مضر للبشرية ويجب أن ينتهي .. وتطبيق مشروع «المليار الذهبي» وإشعال ما يسمى بـ«المذبحة الكبرى» لسكان العالم، وهو ما يفسر مخطط الشر بأن يكون عدد سكان أمريكا نحو 90 مليون نسمة فقط بنهاية 2025، والقضاء على أغلب شعوب افريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية بدعوى أنها غير مفيده للبشرية، وكأنهم جاءوا للقضاء على الجنس البشري.. نعم يا عزيزي القارئ لا تستغرب.. العالم يحكمه عدد من مصاصي الدماء المخادعين الذين يغلفون أطماعهم بأحاديث وهمية عن القيم والمثل والمبادئ العليا.. يقولون الشئ وعكسه.. لذا هناك ارتباك لدى الشعوب والمراقبين والكثير من الحكام .. فلا تعرف من مع من؟! ولا من ضد من؟! ولا تعرف أين الإتجاه الصحيح ولا الخطوة التي يجب أن تأخذها ولا أين تضع قدمك!!...
أمريكا تريد أن تسطير على غزة، وضح ذلك منذ بناء واشنطن ميناء على سواحل القطاع .. تحت ذريعة إدخال المساعدات الإنسانية .. وقد واجه ذلك اعتراضاً واسعاً عربياً وعالمياً، وتم ضربه بقسوة عبر تسونامي صناعي دمره والحجة الظروف المناخية، وإشارة أصابع الاتهام إلى روسيا وآخرين لم يقبلوا سيطرة واشنطن على غزة حتى لا تتحكم في غاز شرق المتوسط والرمال السوداء دون مقابل، لكن الآن ترامب يعلن بوضوح الجيش الأمريكي سيكون في غزة، بعدما قاتل لمدة 16 شهر دون إعلان رسمي بجوار جيش الاحتلال، وارتكب ابشع الجرائم ضد الشعب الفلسطيني .. إذن نحن أمام وعد بلفور جديد .. إذا كان وعد بلفور القديم دشن العهد البريطاني الفرنسي فإن ترامب يدشن العصر الأمريكي الجديد، واللافت وفق مراقبون أن ذلك سيتم بعد الاتفاق مع روسيا، والصفقة الجارية بين ترامب وبوتن، كما تقول تقارير إعلامية، هي أن تحصل روسيا على الدونباس وتبقى في ميناء طرطوس السوري وفي شرق ليبيا كبديل للخروج من مواقع في سوريا، وتسيطر أمريكا على غزة، وتتوسع إسرائيل في الضفة الغربية كمرحلة أولى لرسم خريطة شرق أوسط جديد، هذا يعني نهاية الدور الفرنسي والبريطاني في الشرق الأوسط لذا خرجت لندن وباريس إلى جانب عواصم غربية أخرى للدفاع عن خارطة سايكس بيكو القديمة ورفض تهجير الفلسطينيين من قطاع غزة، وهذا جزء من حرب الخرائط التي أشعلها ترامب والتي يريد منها الاستيلاء على كندا وجرينلاند وقناة بنما والقطب الشمالي ..و.و.و.
حضور الأمريكان إلى غزة جاء لعدة اعتبارات في مقدمتها أن الجيش الإسرائيلي منهك ولا يمكنه الاستمرار في حرب إستنزاف طويلة ولن يستطيع تعويض ما فقده في غزة قبل عدة سنوات وتؤكد تقارير أن جيش الاحتلال فقد 80% من مخزون أسلحته.. والواقع أن الجيش الأمريكي هو من كان يدير حرب غزة وهو اليوم يتواجد بنفسه .. الأمريكي موجود في غزة من أجل شيفرون وموبيل أي من أجل سيطرة الشركات الأمريكية علي غاز غزة، ولتنفيذ مشروع الطريق الهندي- الأوروبي الذي سيمر عبر الإمارات والسعودية وإسرائيل وميناء غزة إلي أوروبا بديلاً لقناة السويس.. لذا يرون أنه لابد من تهجير سكان قطاع غزة للسيطرة على المنطقة بالكامل، وهو ما يعني أن المقصود مصر وأن الأطماع في مصر لن تتوقف.
اللافت أن الجنرال مايكل كوريلا قائد المنطقة المركزية الأمريكية زار إسرائيل قبل7 أكتوبر لوضع خطة احتلال غزة، وهذا سر الانسحاب الأمريكي من سوريا وكل الشرق الأوسط للتواجد بقوة النار في غزة، وتنفيذ ما يسمى بـ «صفقة القرن» عبر تهجير سكان القطاع والضفة الغربية إلى كل دول المنطقة خاصة مصر والأردن، وهذا أحد أسباب عملية طوفان الأقصي - لمن لا يعرف - لإجهاض خطة احتلال غزة بالقوة، ووجود الأسرى الإسرائيليين كان الحل الوحيد للتفاوض وإفشال الخطة.. وهو ما يفند حجج دعاة الاستسلام للكيان المحتل.. التحالف الصهيوامريكي كان يريد الاستيلاء على غزة بالقوة.
ترامب يريد غزة منطقة دولية مفتوحة علي الطراز الحديث تحت السيطرة الأمريكية حتى يضمن تنفيذ مشروع الممر الهندي الأوروبي ويضمن غاز غزة وتأمين وجود الشركات الأمريكية كما يضمن عدم قيام دولة فلسطينية، ووفقا لأحد النبوءات التوراتية فإن الدولة الإسرائيلية سوف تضم الضفة الغربية، وقال ترامب: «بعد أربعة أسابيع ستعود الضفة ليهودا والسامرة داخل إطار الدولة الواحدة ... ولا وجود للسلطة الفلسطينية» وهو ما قاله السفير الأميركي المعين لدى إسرائيل مايك هاكابي: «سنحقق شيئا ذا أبعاد توراتية بالشرق الأوسط في ظل إدارة ترامب».. وهو ما يثبت ما قلناه من قبل: «نحن أمام حرب عقائدية».. ويلوح الأمريكي بتصفير كل السجون الإسرائيلية من قادة المقاومة لو تم التهجير.. ويبدو أن «البرتقالي» لم يسمع رسالة صحيفة يديعوت الإسرائيلية: «يا سيد ترامب لو اعطيت لكل فلسطيني مليون دولار وارسلته الى أمريكا لن يترك غزة، لأن غزة بالنسبة للفلسطينيين طريق تحرير القدس ، فالخطة المعلنة حاليا غير قابلة للتنفيذ».
إذن ترامب يريد تحويل غزة إلى «ريفيرا الشرق الأوسط» بحسب تعبيره، بعد ضم الضفة الغربية لإسرائيل، وهذا سبب تصريح الرئيس السيسي عن أننا نعيش فترة أشبه بـ1967، فلا يوجد حماية لأي حدود، وكل الامور مفتوحة، ولا يحمي حدود الدول سوي القوة، بدليل خرق اسرائيل لمعاهدة 1974 الخاصة بفض الاشتباك مع سوريا، وضم الجولان و300 كم في العمق السوري، واتفقت واشنطن وموسكو على تغيير كل خرائط 1945، والمنطقة مضطرة لمواجهة مشروع ترامب التهجير وتغيير الحدود، وإفشاله استراتيجياً، عن طريق تكوين تجمع رفض بقيادة مصر يضم الأردن والسعودية ودول أخرى.
ويرى مراقبون أن نقطة ضعف خطة ترامب هي عدم الواقعية إقليماً ودولياً، بل داخل إسرائيل هناك من انتقده قائلا: «ترامب يريد ملكية غزة بثمن الدم اليهودي»، فهل يقاتل الجندي الأمريكي ضد حركة حماس أو جيوش الجوار في مصر والأردن؟! .. هذا خلط لكل الأوراق.. جريدة نيويورك تايمز الأمريكية وصفت خطة ترامب للتهجير بأنها فكرة غير قابلة للتنفيذ .. والمتطرفون اليهود يسألون كيف يقاتل الجندي الإسرائيلي ثم يسلم غزة لترامب، وقد وصفت صحيفة يدعوت احرنوت العبرية خطة ترامب بأنها ثرثرة غير واقعية وأنه لا يتذكر الغد ما يقوله اليوم.. هذا النقد لترامب من المتطرفين اليهود وصل لحد المطالبة بعزل ترامب.. ولكن ما أثار الضجة هو مذكرة الصين لمجلس الأمن الدولي ضد ما يسمي بقرار ترامب «ملكية غزة».. ورفض دول الإتحاد الأوروبي وبريطانيا الخطة خوفاً على إسرائيل من الانهيار حال المواجهة مع مصر أو طمعاً في مكاسب اقتصادية وسياسية فلا. شئ مجاني في هذا العالم.
عزيزي القارئ.. نحن نواجه النسخة الأكثر عنادا وتطرفاً من الصهيونية، والتي تدفع للمزيد من الحرب لتوسيع خارطة إسرائيل كوعد توراتي وفق معتقدات ترامب، نحن أمام حرب طويلة ما بين أصحاب العقيدة الصهيونية العنيدة وأصحاب الأرض الشعب الفلسطيني، حرب الايدولوجية الدينية التي تخدم الرأسمالية النيوليبرالية ضد ايدولوجيا المقاومة والحق في التحرر من الاحتلال.. والنسخة الجديدة من صفقة القرن تقوم على التهجير عبر الحصار ومنع الغذاء والدواء وتعطيل الإعمار بالكذب أنه يحتاج إلى 10 أعوام، مصر كانت تعلم المخطط مبكراً وأن الهدف تحويل القطاع إلى مكان غير صالح للحياة من أجل تنفيذ التهجير، لذا أعدت داخل غزة منذ البداية ما يضمن الحد الأدنى من متطلبات الحياة كأفران الخبز ومراكز الايواء وغيرها.
مصر تحركت جيداً على رقعة الشطرنج وحتى الآن أفسدت المخطط، بإعلان صريح أن ما يطرحه ترامب غير قابل للتنفيذ، وأن القاهرة مع حل الدولتين، وتأكد ما سبق أن تحدثنا عنه في سبتمبر الماضي وقبل وقف إطلاق النار بأربعة أشهر، مصر حذرت إسرائيل وعواصم غربية بأن تهجير الفلسطينيين إلى مصر مرفوض، وسوف يعني إلغاء كامب ديفيد ويعد إعلان حرب، ولأول مرة وبشكل رسمي وفق تقارير إعلامية أمريكية: «المخابرات العسكرية المصرية نقلت إلى نظيرتها الإسرائيلية إنذارات بأن خطة التهجير قد تفجر منطقة الشرق الأوسط بالكامل في شهر رمضان القادم»، وذهب تقرير للقناة 13 الإسرائيلية إلى أن تعليق كامب ديفيد يعني هزيمة حتميه للكيان أمام جيش مصر، وهناك الآن إجماع بين قيادات أجهزة الكيان الصهيوني الأمنية على أن ما تخطوه أمريكا هو ضد الأمن القومي الإسرائيلي، وأن إسرائيل غير جاهزة للحرب مع مصر إلا بعد 8 سنوات حسب ما قاله شلومو بيندر مدير المخابرات العسكرية الصهيونية مضيفاً: «نحن أمام جيش منهك ليس كما كان يوم السادس من اكتوبر 2023 وإذا اندلعت الحرب لن يحارب الأمريكي بديلا عن الجيش الإسرائيلي».
رئيس المخابرات العسكرية شلومو بيندر يؤكد أن الجيش المصري يمكن أن يسحق جيش إسرائيل بسبب سياسة حكومة اليمين المتطرف، وأنهم غير جاهزين للحرب مع مصر، ولا يجب أن يكون هناك عجلة في ملف التهجير خصوصاً مع الرفض الإقليمي له، وأن هناك توازن مع مصر في القوات الجوية بينما التميز للقاهرة علي صعيد القوات البرية والبحرية وخاصة سلاح الغواصات المصري، والمرعب لو حارب البدو والمقاومة الفلسطينية مع الجيش الأردني وراء جيش مصر، وهنا سيكون التفوق العسكري المصري كمي وكيفي علي جيش الكيان... إذن وجهة نظر كل من رئيس الأركان الإسرائيلي الجديد ورئيس المخابرات العسكرية واحدة وهي أن ملف التهجير يمكن أن يسبب حرباً تسحق فيها مصر جيش الكيان المنهك من المقاومة الفلسطينية واللبنانية.. وهو ما يثبت أن قرار وقف إطلاق النار كان لإنقاذ الكيان أولاً.
وقد كان أخطر ما قاله الجنرال شلومو بيندر في تقريره السري: «بعد تهديد الجيش المصري بالحرب لا يوجد قائد أو ظابط إسرائيلي واحد يريد القتال علي الأرض في غزة أو غيرها» .. وتوقف جيش إسرائيل تعند سقف تقليم بعض أظافر المقاومة في الضفة الغربية بعد التهديد المصري الأردني ..فالاعلام العبري يؤكد أن إسقاط اتفاقية كامب ديفيد يعني نهاية إسرائيل لذا كان تصريح ترامب الأخير أن تنفيذ ملف التهجير لا يتطلب العجلة والتسرع وهذا التصريح هو تكتيك لابعاد الاضواء عن ملف التهجير، وأن كان الموقف المصري القوي الذي حظى بترحيب عربي وإقليمي ودولي سبب هزيمة جديدة لأمريكا في قطاع غزة بعد هزيمة صمود المقاومة ووقف إطلاق النار دون أن تحقق إسرائيل أهدافها من الحرب.
وكشفت تقارير سياسية أن نتنياهو كان يريد تجاوز مصر في النسخة الجديدة من صفقة القرن ولا يريد الصدام مع الجيش المصري لكن ترامب كان يريد الحلول السريعة والناجزة مما خلق صدام مع القاهرة، ووفق مراقبون رفضت مصر تهجير الفلسطينيين مقابل تعديل إتفاقية كامب ديفيد واعطاء الجيش المصري السيادة الكاملة علي سيناء وحتي المنطقة أ ، ب ، ج علاوة على منح القاهرة 250 مليار دولار، وهو سبب صدمة لترامب الذي لم يتوقع رفض القاهرة تلك المغريات، الجيش المصري موجود بالفعل في سيناء، ولم يعد في حاجة لموافقة أحد، والمصريين على كل المستويات الرسمية والشعبية يرفضون مخطط التهجير.
ويرى خبراء عسكريون أن أي مواجهة بين مصر وإسرائيل خارج النووي ستكون نهاية لجيش الاحتلال، وبعدما كشف الرئيس المصري انحيازه القومي، كشف مراقبون إن ترامب يريد تطبيق خطة تل أبيب «التصفية أو الاستبدال» وقال ترامب في الكواليس أن السيسي يجب أن يغادر منصبه، أمريكا تطمح في إدارة جديدة لمصر علي طريقة احمد الشرع في سوريا والذي قبل باحتلال إسرائيل لنحو 300 كم دون أن ينطق بكلمة.
وشهدت الأيام الماضية تسريب تقرير لوكالة المخابرات الأمريكية CIA عن خطة لاغتيال الرئيس السيسي، جاء ذلك بالتوازي مع نشر جريدة جيروزليم بوست العبرية تقرير يحمل صورة للرئيس عبدالفتاح السيسي مع إبراهيم رئيسي الرئيس الإيراني الذي تم اغتياله العام الماضي، فهم منه أنه تهديد بالقتل، وهو ما دفع الرئيس السيسي للقول: «مصر ترفض تهجير الفلسطينيين سواء كنت موجود أو مشيت»، في رسالة لصانع القرار العالمي أن وجوده ليس العائق لتهجير الفلسطينيين وانما هي إرادة الشعب المصري بالكامل.. ونجح الذكاء المصري وبحمله منظمة إفساد مخطط الإغتيال - إن وجد - بأنه لن يغير في موقف القاهرة وأيضاً أي غدر بالرئيس السيسي خلال زيارته لواشنطن في 18 فبراير الجاري تكون أمريكا المتهم الأول في هذه الجريمة، وتكون واشنطن مسئولة عن أي مكروه يتعرض له رئيس مصر.. وهو تحرك معروف في المناورات السياسية: «اكشف مخطط عدوك حتى لا ينفذه».
قالت وسائل إعلام عبرية: «الوجود العسكري المصري الكبير في شبه جزيرة سيناء والأعمال الجارية في البنية التحتية أثارت قلق بعض المسئولين في إسرائيل».. إلا أن مؤسسة الدفاع الإسرائيلية أعلنت: «التنسيق بين الجيشين لا يزال وثيقاً ويساهم في الاستقرار الإقليمي، ومع ذلك، فإن تركيز القوات في سيناء لا يمكن تفسيره بسهولة من خلال المبررات السابقة مثل قتال داعش، ويثير الاحتمال الأكثر إثارة للقلق، والذي نادراً ما يتم الحديث عنه، وهو أن الرئيس عبد الفتاح السيسي وجيشه ينظرون إلى إسرائيل كخصم محتمل في المستقبل».
وكشفت قناة "كان نيوز" الإسرائيلية أن القاهرة نقلت تحذيراً صريحاً إلى إسرائيل في اجتماعات التنسيق العسكري بأن استمرار بقاء قوات الجيش الإسرائيلي في ممر فيلادلفيا سيعتبر انتهاكاً لاتفاقية كامب ديفيد، وأن مصر لن تكون ملزمة بالتنسيق المستمر بشأن وضع قواتها على الحدود.
موشيه فوزيلوف، الباحث المشارك في معهد مسغاف للأمن القومي والاستراتيجية الصهيونية قال: بنوا في سيناء ثلاثة مطارات، مطار واحد على الأقل مخصص للطائرات المقاتلة.. لقد قاموا ببناء احتياطيات ضخمة من البنزين والديزل، وتم بناء أنفاق تخزين كبيرة في سيناء للتخزين الاستراتيجي للعتاد العسكري، وخطوط النقل التي تمكن تشكيلات كبيرة من الوصول إلى سيناء في غضون ساعات قليلة» .. فيما قال سفير إسرائيل لدى الأمم المتحدة داني دانون في 31 يناير الماضي: «مصر تتدرب لغرض واحد .. الحرب مع إسرائيل».
الحقيقة مخاوف تل أبيب من الحرب مع القاهرة زادت بعدما اكتشفت تل أبيب أن كل السلاح المصري من طائرات الأباتشي وحتي طائرات F16 يتم إعادة تفكيكها وضبطها لتصبح نسخ مصرية بامتياز غير خاضعة لأي استهداف من باب الحروب الإلكترونية والإدارة عن بعد، والتقارير العسكرية الصهيونية تؤكد قدرة الجيش المصري في السيادة الجوية بطائرات الرافال وميج وطائرات F16 خاصة النسخ المعدلة مصرياً منها، وتحييد حتي طائرات F35 الأمريكية
وما خفي من التعاون التركي المصري في تعديل نسخ طائرات F16 وتقنية الدرونات التركية، علاوة على تأكيد قدرة سلاح المدرعات والمدفعية المصرية علي قصف دبابة الميركافا التي تم طحنها في غزة وجنوب لبنان، مع استحالة قصف سلاح الجو المصري علي الأرض كما حدث في 1967، إضافة إلى تنفيذ القوات الخاصة المصرية إستراتيجية الخنادق والانفاق على غرار ما يحدث في غزة وقد تفاجئ إسرائيل بأن مصر داخل الأراضي المحتلة.. وسبق أن أعلنت القاهرة أن الحرب القادمة مع إسرائيل سوف تكون في الأراضي المحتلة وليس سيناء.
ويبقى السؤال: لماذا يصر ترامب علي تهجير الفلسطينيين رغم كل الرفض الإقليمي والدولي؟! يقول خبراء أن صناعة الدوامات السياسية لخلق أزمات وتحولات داخل الدولة المستهدفة هي صناعة أمريكية استخباراتية بإمتياز، أنه يريد تحقيق عدهة اهدف بضربة واحدة، بداية إنقاذ حكومة نتنياهو من الإنهيار، وتحويل غزة إلى مشروع استثماري خاص به، علاوة على شغل الرأي العام العالمي عما يقوم به من تفكيك لمؤسسات الدولة في أمريكا لصالح مشروع الفوضى العالمي، هو يريد كسر الصمود الشعبي حتى يتم التهجير الطوعي، من خلال تعليق إعمار غزة والذي يراه أنه يحتاج من 10 إلى 15 عام ويراهن على عدم صمود الغزاويين في العراء وفوق الخراب بدون غذاء ودواء لسنين طويلة في انتظار التعمير، إلا أن مصر أفسدت المخطط أيضاً واعلنت مشروع لإعادة إعمار غزة في 3 سنوات فقط، بل ودعت لمؤتمر دولي بالتنسيق مع الأمم المتحدة، لذا هدد ترامب بشن حرب اقتصادية على مصر تزيد معدلات الفقر والمعاناة الشعبية بهدف تأليب الشعب على النظام الحاكم من أجل كسر صمود الشعب المصري أيضاً، ثم فوجئ بحجم المساندة الشعبية الغير مسبوق لتحركات الرئاسة والحكومة والقوات المسلحة في رفض التهجير والحفاظ على الأمن القومي المصري، وتخندق الرئيس المصري وراء شعبه وأكد أن التهجير خط أحمر لشعب مصر قبل أن يكون لأي نظام سياسي، فأدرك ترامب أنه لا يواجه السيسي فقط بل يواجه شعباً جاء إلي الأرض ثم جاء من بعده التاريخ، حتى وصل لمرحلة التهديد بقطع المعونات العسكرية وهي أحد شروط كامب ديفيد، وسط توقعات واسعة أن هذه الاتفاقية قد لا تصمد طويلاً وتنهار في أي وقت.
يرى مراقبون أن الصدام العسكري بين مصر وإسرائيل لا يمكن أن تتحمله الولايات المتحدة التي تقوم سياستها على عدم وقوع حرب بين جهتين تتلقيان السلاح الأمريكي.. وأكدوا أن تزويد القاهرة بالأسلحة الأمريكية عقب اتفاقية السلام قام على أساس أنه لن تقوم حرب أخرى بين الجيشين.. لكن اقتراح ترامب تهجير سكان غزة إلى مصر والأردن وسيطرة أمريكا على القطاع، يخاطر بإنهاء هذه الإتفاقية.. وتقول وكالة أسوشيتدبرس إن مصر أطلقت حملة دبلوماسية من وراء الكواليس لمحاولة تجنب اقتراح ترامب بنقل جماعي للفلسطينيين من قطاع غزة، وحذرت مصر من أن مثل هذه الخطة يمكن أن تقوض معاهدة السلام مع إسرائيل، التي تمثل حجر الزاوية في الاستقرار والنفوذ الأمريكي في الشرق الأوسط منذ عقود.
مسؤولون مصريون، قالوا إن القاهرة أوضحت لإدارة ترامب وإسرائيل أنها ستقاوم أي اقتراح من هذا القبيل، وأن اتفاق السلام مع إسرائيل - الذي ظل قائما منذ ما يقرب من نصف قرن - في خطر، والرسالة سلمت إلى البنتاجون ووزارة الخارجية الأمريكية وأعضاء الكونجرس، وإلى إسرائيل وحلفائها في أوروبا الغربية، بما في ذلك بريطانيا وفرنسا وألمانيا.
اللافت أن خطة ترامب تواجه رفضاً قوياً في الداخل الأمريكي فقد قال انتوني زورشر مراسل BBC في أمريكا الشمالية: غرائز ترامب العقارية تتعارض مع نظريته «أمريكا أولاً»..عندما يصبح أحد المطورين العقاريين رئيساً للولايات المتحدة، فلا ينبغي لنا أن نتفاجأ إذا كانت السياسة الخارجية الأميركية تتضمن مساهمة كبيرة في مجال التطوير العقاري.. وأكد تروي كارتر عضو الكونجرس الديمقراطي عن لويزيانا: «إن تطوير الأراضي التي مزقتها الحرب لتصبح مثل منتجع ترامب للغولف ليس خطة سلام، إنه إهانة.. يسعى القادة الجادون إلى إيجاد حلول حقيقية، وليس الصفقات العقارية».
بل إن بعض حلفاء ترامب الجمهوريين بدوا حذرين من اقتراحه بأن القوات الأمريكية يمكن أن تحتل غزة، وتزيل الأنقاض وتزيل الذخائر الإسرائيلية غير المنفجرة، وكتب السيناتور راند بول من ولاية كنتاكي على موقع X: «اعتقدت أننا صوتنا لصالح أمريكا أولاً.. ليس من شأننا أن نفكر في احتلال آخر للقضاء على ثرواتنا وإراقة دماء جنودنا»..
في الإعلام الأمريكي أثار اقتراح ترامب الاستيلاء على غزة العديد من الأسئلة التي لا تزال دون إجابة: كم عدد الجنود الأمريكيين المطلوبين لإخلاء حماس؟.. وما هي تكلفة الاستحواذ وتعمير منطقة بحجم لاس فيجاس؟.. كيف سيتم تبرير الاستيلاء على الأراضي الفلسطينية وفقا للقانون الدولي؟.. وماذا سيحدث لمليوني فلسطيني يسكنونها؟.. ووفقا لصحيفة نيويورك تايمز، لم يكن ترامب مهتما قط بالقانون الدولي أو حقوق الإنسان.. فهو يرى العالم كمجموعة من البلدان التي تستغل أميركا، وتبحث عن سبل لاستخدام القوة الأميركية للسيطرة على بلدان أخرى.. وهو ما يهدد بانهيار كافة المنظمات الدولية مثل المجلس الدولي لحقوق الإنسان والأمم المتحدة.
وذهبت الصحيفة وفق مراقبون إلى أن ترامب لم يجتمع مع وزارة الخارجية الأمريكية والبنتاجون ولم يشكل فريق عمل قبل تقديم رؤيته لتهجير سكان غزة وتحويلها لولاية أمريكية، وقد فوجئ الجميع بتغريدة ترامب على منصته Truth Social: «سيتم تسليم قطاع غزة إلى الولايات المتحدة من قبل إسرائيل بعد انتهاء القتال».. ووصفت النيويورك تايمز اقتراح ترامب باحتلال غزة بأنه الأحمق في تاريخ أمريكا وووصفته فورين بوليسي بأنه اقتراح مجنون ومفلساً أخلاقياً، وتمت تعرية ترامب أمام الجميع بعد رفض خطته بشكل واسع .. رفضت مصر والأردن فكرة تهجير الفلسطينيين إلى أراضيهما، واعلنت دول عديدة كذب ترامب ولم تتلقى أي اتصال بشأن قبول التهجير وأنها ترفضه، دول الخليج وفي مقدمتها السعودية أكدت تمسكها بإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة، دول الغرب وفي مقدمتها بريطانيا وفرنسا وألمانيا وإسبانيا رفضت التهجير واكدت أنه يخالف القانون الدولي، قال وزير الخارجية البريطاني ديفيد لامي: «لقد كنا واضحين دائمًا في اعتقادنا بأننا يجب أن نرى دولتين. يجب أن نرى الفلسطينيين يعيشون ويزدهرون في أوطانهم في غزة والضفة الغربية».. يأتي ذلك وسط انتقادات واسعة للرئيس الأمريكي الذي يريد أن يكون التطهير العرقي والاستعمار الجديد سياسة الولايات المتحدة في الشرق الأوسط.
أخيراً .. خلال لقاءاته مع زعيم كوريا الشمالية كيم جونج اون في عام 2018، انبهر ترامب بـ «الشواطئ الرائعة» والتي يمكن أن تضم في يوم من الأيام «أفضل الفنادق».. وبعد اللقاء تم وضع تلك الأحلام الغير قابلة للتحقق على الرف ونسيت، ومن المؤكد أن رؤية ترامب بشأن غزة، والتي تتطلب التزام كبير بالدماء والثروة، ستواجه نفس المصير، الكثير من الدول رفضت خطته التي سوف تتسبب في إشعال الشرق الأوسط والعالم .. للحديث بقية دعونا نترقب ونرى.
ويحرص موقع الأيام المصرية على متابعة كافة الموضوعات المتعلقة بالشأن الخارجي، ضمن التغطية الإخبارية المستمرة والحصرية التي يقدمها الموقع لمتابعيه في مختلف المجالات، ويمكنكم متابعة المزيد من الموضوعات المتعلقة بهذا الشأن عن طريق اخبار العالم اليوم.