في ذكرى وفاته.. كيف تنبأ وائل الإبراشي بوفاته مبكرا؟
في التاسع من يناير 2022، رحل عن عالمنا الإعلامي المصري الشهير وائل الإبراشي، الذي تميز بالكلمة الصادقة والموضوعية التي دائمًا ما كانت تعكس واقع المجتمع بكل ما فيه من إيجابيات وتحديات.
وكان وائل الإبراشي أحد الوجوه الإعلامية البارزة التي استطاعت أن تربط بين المواطن والشاشة الصغيرة بكل شجاعة واحترافية وعرف الجمهور وائل الإبراشي بقدرته الفائقة على طرح الأسئلة المؤثرة واستخلاص الحقائق من ضيوفه، ليكتسب لقب "إعلامي الشعب" بجدارة.
شخصية إعلامية استثنائية
وائل الإبراشي، صاحب الكاريزما الفائقة، كان يتمتع بقدرة على استحضار الحقيقة في كل نقاش، معتمدًا على ذكائه ودهائه المهني.
كما عُرف بقدرته الفائقة على استجواب المسؤولين والكشف عن العديد من القضايا التي تهم الشارع المصري، وكان حريصًا على إبراز التحديات التي يواجهها المجتمع المصري، مؤكدًا على أهمية الموضوعات التي تلامس المواطن العادي، لا سيما من خلال برامجه التي كانت تلتقط نبض المجتمع.
رحيل مؤلم بعد صراع طويل مع المرض
وفي مثل هذا اليوم من عام 2022، فقد العالم الإعلامي وائل الإبراشي بعد صراع طويل مع فيروس كورونا، عن عمر يناهز 58 عامًا. لقد ترك وراءه إرثًا إعلاميًا عميقًا امتد عبر سنوات عديدة، قدم خلالها برنامجه اليومي "التاسعة" الذي كانت تعرضه القناة الأولى المصرية، حيث كان ينقل للجمهور الأخبار الساخنة ويكشف الخفايا التي كانت تهم المصريين. تميزت حلقاته بمناقشات عميقة مع ضيوف محترفين، كان يستهدف من خلالها كشف الواقع وتقديم حلول للمشاكل المطروحة.
تنبأ بوفاته المبكرة
في لقاء قديم له مع الإعلامي عمرو الليثي، تحدث الإعلامي الراحل وائل الإبراشي عن مشاعر لم يكن يخفيها تجاه الحياة والموت. كشف عن إحساسه العميق بقصر عمره، مشيرًا إلى أن هناك شيئًا في داخله يهمس له بأنه قد يرحل مبكرًا. وأضاف الإبراشي أنه يشعر براحة أكبر في العمل بالليل مقارنة بالنهار، حيث يفضل هدوء الليل بعيدًا عن ضجيج النهار وصخبه الذي يزعجه.
كما تحدث الإبراشي عن خوفه من المجهول، وهو خوف يفوق خوفه من المرض ذاته. وأوضح في حديثه أنه يحمل في قلبه ذكرى مؤلمة كانت لها آثار كبيرة على رؤيته للحياة. وقال إنه تأثر بشكل عميق بعد حادثة وفاة شقيقته، التي لقيت حتفها في حادث سير مؤلم بينما كانت في طريقها من الدقهلية إلى القاهرة، حيث كان هو في انتظارها. هذه الحادثة جعلته يشعر بأن الحياة قد تكون غير مضمونة، وقد تنتهي فجأة. وأضاف أن هذه التجربة جعلته يخاف من فكرة القيادة بنفسه، حيث أصبح يشعر وكأن وقوع حادث قد يحدث له ولمن حوله.
مسيرة حافلة بالإنجازات الصحفية والإعلامية
وُلد وائل الإبراشي في 26 أكتوبر 1963 في مدينة شربين بمحافظة الدقهلية، وقد بدأ مسيرته الصحفية في جريدة "روز اليوسف" ثم انتقل إلى "صوت الأمة" قبل أن يستقيل منها في عام 2010.
واصل تألقه الإعلامي كمقدم برامج، حيث قدم برنامج "العاشرة مساءً" على قناة دريم خلفًا للإعلامية منى الشاذلي، ثم قدم برنامج "كل يوم" على قناة أون خلفًا للإعلامي عمرو أديب.
كان الإبراشي من أبرز الصحفيين الذين سجلوا العديد من السجلات الصحفية الهامة، مثل تغطيته لقضية "لوسي أرتين"، غرق "عبّارة السلام"، مقتل المجند سليمان خاطر، وغيرها من القضايا التي تلامس الشأن العام المصري.
تحديات واتهامات
طوال مسيرته، كان وائل الإبراشي صاحب رأي مستقل، مما جعله عرضة لبعض التحديات القانونية. في عهد الرئيس الأسبق حسني مبارك، كان متهمًا في 66 قضية نشر، كان آخرها قضية التحريض على عدم تنفيذ قانون الضرائب العقارية، لكنه حصل على البراءة بعد أيام من ثورة يناير 2011.
وفاته: خسارة فادحة للإعلام المصري
شكل رحيل وائل الإبراشي صدمة للمجتمع الإعلامي والجمهور على حد سواء، فقد كان مثالاً للإعلامي الجاد والمخلص لرسالته. وترك في قلوب محبيه ذكريات لا تُنسى، ودورًا رياديًا لا يمكن تجاوزه في مجال الإعلام المصري.
ويظل إرث وائل الإبراشي في ذكرى رحيله شاهدًا على مسيرة إعلامية تميزت بالصدق والجرأة، وسيسجل التاريخ اسمه كواحد من أبرز الصحفيين والإعلاميين الذين أثروا في الحياة الإعلامية في مصر والعالم العربي.