ما هي الأحكام العرفية في كوريا الجنوبية وسبب الدعوات لتنحي الرئيس؟
شهدت كوريا الجنوبية تطورات دراماتيكية بعد إعلان رئيسها يون سوك يول الأحكام العرفية، في خطوة غير مسبوقة منذ عقود، لكنها قوبلت برفض البرلمان وتصويت بأغلبية لإلغاء القرار، مما أجبر الرئيس على الامتثال، وسط واحدة من أكبر الأزمات السياسية التي مرت بها البلاد، وينشر موقع الأيام المصرية التفاصيل الخاصة بهذا الخبر.
ما هي الأحكام العرفية في كوريا الجنوبية
إعلان الأحكام العرفية
حيث ألقى يون سوك يول في مساء أمس الثالث من ديسمبر خطابًا متلفزًا أعلن فيه حالة الطوارئ في البلاد، مبررًا ذلك بضرورة التصدي لما وصفه بـ "القوات الشيوعية الكورية الشمالية" و"القوى المناهضة للدولة"، مؤكدًا أن الهدف هو إعادة بناء وحماية البلاد من الانهيار.
وترافق الإعلان مع إجراءات مشددة، حيث تم تحصين بوابة الجمعية الوطنية بواسطة الشرطة، واقتحمت قوات مسلحة المبنى الرئيسي للجمعية عبر النوافذ، وأصدر قائد الأحكام العرفية ورئيس أركان الجيش، بارك آن سو، بيانًا أعلن فيه حظر الأنشطة السياسية بكافة أشكالها، بما في ذلك أعمال البرلمان، المجالس المحلية، الأحزاب السياسية، التجمعات، والاحتجاجات.
رفض البرلمان والحكومة
ورغم التصعيد، اجتمع البرلمان بعد ساعات وصوّت 190 عضوًا من أصل 300 لصالح رفع الأحكام العرفية، مستندين إلى المادة 77 من الدستور الكوري الجنوبي التي تنص على ضرورة امتثال الرئيس لقرار البرلمان عند تصويت الأغلبية على إلغاء الأحكام العرفية.
كما انسحبت القوات من محيط الجمعية الوطنية، بينما تجمع حوالي 2000 مواطن أمام المبنى الرئيسي مرددين شعارات مثل "تحيا جمهورية كوري"، مما عزز الضغط الشعبي والسياسي على الرئيس، وفي وقت مبكر من صباح الأربعاء، رفض مجلس الوزراء أيضًا الأحكام العرفية.
تراجع رئيس كوريا يون سوك يول
في مواجهة المعارضة البرلمانية والشعبية، أعلن يون سوك يول، قبل الساعة الخامسة صباحًا، رفع حالة الطوارئ والأحكام العرفية، منهيًا مواجهة استمرت لساعات مع البرلمان وقيادة البلاد إلى أزمة غير مسبوقة.
الأحكام العرفية في تاريخ كوريا الجنوبية
لم تشهد كوريا الجنوبية إعلان الأحكام العرفية منذ عام 1980 عندما نفذ تشون دو هوان انقلابًا عسكريًا بعد اغتيال الرئيس بارك تشونغ هي، ومنذ تأسيس الجمهورية عام 1948، تم إعلان الأحكام العرفية 16 مرة، حيث يمنح الدستور الرئيس صلاحيات واسعة لتقييد الحريات العامة وتنظيم السلطات الحكومية والقضائية في حالات الطوارئ الوطنية.
دعوات لتنحي رئيس كوريا الجنوبية
وسط هذه التطورات، طالبت المعارضة الكورية الجنوبية الرئيس بالاستقالة أو مواجهة المساءلة، وأصدر الحزب الديمقراطي المعارض بيانًا وصف فيه إعلان الأحكام العرفية بأنه "خيانة"، مشددًا على أن يون لم يعد قادرًا على إدارة البلاد.
وقال بارك تشان داي، أحد قيادات الحزب، إن "رفع الأحكام العرفية لا يعفي الرئيس من المسؤولية عن هذه الأزمة".
خلفية الصراع السياسي
لم يكن الصدام بين البرلمان والرئيس يون جديدًا، فمنذ توليه المنصب في مايو 2022، تعرض لمحاولات مستمرة لعزله بلغت 22 مرة، وتصاعدت التوترات في الأيام الأخيرة بعد أن خفض البرلمان ميزانية الحكومة وبدأ إجراءات لعزل مسؤولين كبار في هيئة التدقيق والمدعي العام.
واشتهر يون بملاحقة قضايا الفساد خلال عمله كمدعٍ عام، كما يتميز بمواقفه الصارمة تجاه كوريا الشمالية ودعواته لتعزيز التحالف مع الولايات المتحدة، مما أكسبه دعمًا في واشنطن ولكنه أثار استياء المعارضة داخليًا.
موقف واشنطن
على الصعيد الدولي، أكدت وزارة الخارجية الأمريكية أن الأحداث في كوريا الجنوبية لم تؤثر على مستوى جاهزية القوات الأمريكية، وقال فيدانت باتيل، نائب المتحدث باسم الخارجية، إن "لا تغييرات في جاهزية القوات الأمريكية" رغم إعلان الأحكام العرفية.
ويشير قرار الرئيس برفع الأحكام العرفية إلى قوة المؤسسات الديمقراطية في كوريا الجنوبية، لكنه يسلط الضوء أيضًا على عمق الانقسام السياسي في البلاد، حيث يواجه يون سوك يول تحديات متزايدة من المعارضة ومطالب متصاعدة لتنحيه.