بين الزهور والخشب.. رحلة مريم مغربي إلى عالم الجمال والخيال
تتفتح أفكار مريم مغربي مثل زهور الربيع، ترسم مساراتها على أوراق الأشجار وبتلات البنفسج، تمضي بينها كما النسيم العليل، تبحث عن سر الحياة المخفي بين جذوع الأشجار وزهور الزنبق والنرجس، تدع بحرية الرياح يداعب بشرتها التي ما زالت تفوح برائحة الزهور التي ترعاها بعناية، وتشهد على ميلاد إبداعاتها التي تتخذ شكل قلائد وزخارف تحمل في طياتها قصص الطبيعة وسحرها.
الخريجة في كلية الآداب في جامعة الزقازيق، تسبح مريم مغربي بعالم من السحر الذي ينسجه الخيال، تديره أناملها المبدعة بين يديها التي تجلب الحياه للأزهار المذبلة، كما لو كانت تكتب فصولًا من قصة عشق لا تنتهي بين الإنسان والطبيعة.
في ورشة صغيرة في حي المعادي، تجد مريم راحتها وسط هواة الفن والحرف اليدوية، يمدون يد العون لها لتشحذ موهبتها وتصقل تجربتها، فتتعلم فنون التعامل مع الأخشاب والأدوات، وتغذي خيالها بألوان الطيف الذي يلمع في قطع الخشب والأكريليك، لتصنع من الزهور قلائد وحُليًّا، تزين بها حياتها وحياة من حولها.
منزل مريم، الذي يقع في مركز شبين القناطر بمحافظة الشرقية، هو موطن أفكارها، ومسكن إبداعاتها التي تنضج بين جدران غرفتها المزينة بالألوان الهادئة، وسط صناديق الخشب القديمة والأدوات التي تعود لأجيال سابقة، حيث تضع لمساتها الأخيرة على كل تصميم، هنا تتشكل الأفكار، وتنصهر الأحلام داخل زجاجة من الرزنان الساحر، وتدور حول الأزهار الميتة في صندوق صغير حفظته من النسيان، لتعيد لها الحياة بشكل جديد.
تنتمي مريم إلى أسرة مغربية أصيلة، إذ تحمل في طياتها هوية عربية نابعة من تراث الأجداد، ورغم الصعوبات التي مرت بها، بما في ذلك محاولات خداعها من قبل سماسرة وأباطرة الأخشاب، ظل حلمها قائمًا، ولم تتركه يعكر صفو رحلتها نحو تحقيق أهدافها، بل على العكس، تحولت هذه المحن إلى محركات لنجاحاتها القادمة، فهي تؤمن بأن الجمال لا يأتي إلا بعد المرور بالتحديات التي تقوي عزيمتنا.
لا تكتفي مريم بصنع الجمال، بل تسعى لتحويل هذا الجمال إلى رسالة أمل للمجتمع، ترى في حلمها بناء مجتمع من النساء المتكاتفات اللاتي يدفعن بعضهن البعض نحو حياة أفضل، تزهر فيها قلوبهن بالزهور والياسمين، حلمٌ يراودها مع كل فجر جديد، تدفعه رغبتها في أن تخلق مكانًا للسلام والتعاون في عالم مليء بالتحديات.
كل زهرة تصنعها، وكل قطعة خشب تحوّلها إلى تحفة فنية، هي جزء من قصة مريم مغربي، تلك الفتاة التي تعيش بين الزهور والأخشاب، ترسم عالمها بألوان الطبيعة وتحوله إلى لوحات من الإبداع والحياة.