تهاجم إدانة نتنياهو وتؤيد اعتقال بوتين والبشير.. الولايات المتحدة ترفع شعار "أنا القانون"
ازدواجية المعايير في القانون الدولي.. أظهرت الولايات المتحدة الأمريكية نهجًا يتسم بالازدواجية في تعاملها مع مذكرات الاعتقال الصادرة عن المحكمة الجنائية الدولية بحق عدد من الشخصيات الدولية البارزة، ويرصد موقع الأيام المصرية التفاصيل.
ففي الوقت الذي رحبت فيه واشنطن بقرارات المحكمة في بعض الحالات، رفضت بشدة مذكرات أخرى، ما يثير تساؤلات حول معايير العدالة التي يتبناها البيت الأبيض في التعامل مع هذه القضايا.
مذكرة اعتقال عمر البشير.. واشنطن تؤكد ضرورة احترام قرارات المحكمة
فيما يتعلق بمذكرة الاعتقال الصادرة بحق الرئيس السوداني السابق عمر البشير، التي وجهت إليه المحكمة الجنائية الدولية في 2009، أكدت الولايات المتحدة على ضرورة "احترام قرارات المحكمة وتنفيذها"، ما يعكس هذا الموقف تأييدًا واضحًا للعدالة الدولية في قضية متعلقة بجرائم الحرب والإبادة الجماعية التي ارتكبها البشير خلال فترة حكمه في دارفور، ويثبت دعمًا أمريكيًا لاستمرار العمل بالمحكمة الجنائية الدولية والتزامًا بسيادة القانون الدولي، حيث دعت واشنطن إلى تنفيذ المذكرة وإلقاء القبض على البشير.
مذكرة اعتقال بوتين.. الترحيب والدعم من الجانب الأمريكي
أما في حالة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، فقد أصدرت المحكمة الجنائية الدولية في مارس 2023 مذكرة اعتقال ضد بوتين على خلفية اتهامات بارتكاب جرائم حرب في أوكرانيا، ردت الولايات المتحدة على هذا القرار بشكل إيجابي، معربة عن "ترحيبها" و"دعمها" لقرار المحكمة.
واعتبرت واشنطن هذا القرار"نقطة قوية" في مسار العدالة الدولية، ويمثل خطوة مهمة نحو تحميل المسؤولين عن جرائم الحرب مسؤولياتهم، مؤيدة الموقف الدولي القاضي بمحاكمة الشخصيات البارزة التي ارتكبت فظائع بحق المدنيين في أوكرانيا.
مذكرة اعتقال نتنياهو.. واشنطن تهاجم المحكمة
على النقيض من موقفها تجاه مذكرات الاعتقال بحق البشير وبوتين، قامت الولايات المتحدة برفض مذكرة الاعتقال الصادرة بحق رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو التي أصدرتها المحكمة بتاريخ 21 نوفمبر 2024 على خلفية اتهامات بارتكاب جرائم حرب والإبادة الجماعية في قطاع غزة.
وجاء الرفض الأمريكي جاء بشكل قاطع من قبل واشنطن، التي اعتبرت أن المحكمة الجنائية الدولية "لا تتمتع بولاية قضائية" على إسرائيل، وأن التحقيق الجنائي الذي تم فتحه ضد نتنياهو "شابه العديد من الأخطاء المقلقة".
ووصفت الولايات المتحدة قرار المحكمة بأنه غير قانوني، حيث استندت إلى اعتراضها على اختصاص المحكمة في هذه القضية نظرًا لأن إسرائيل ليست عضوًا في المحكمة الجنائية الدولية.
الولايات المتحدة.. دولة ذات وجهين
تكشف هذه المواقف المتباينة عن ازدواجية واضحة في المعايير التي تتبناها الولايات المتحدة عندما يتعلق الأمر بتطبيق العدالة الدولية، فحينما تدعم واشنطن بشدة قرارات المحكمة الجنائية الدولية في حالات معينة، مثل تلك المتعلقة ببشير وبوتين، فإنها تُظهر رفضًا تامًا عندما يتعلق الأمر بأشخاص يعتبرون حلفاء استراتيجيين أو ذوي تأثير كبير في السياسة الدولية، كما هو الحال مع نتنياهو.
وتثير المواقف تساؤلات حول معايير العدالة التي تروج لها الولايات المتحدة على الساحة العالمي، ففي الوقت الذي تدعو فيه أمريكا إلى ضرورة محاسبة المسؤولين عن ارتكاب الجرائم الدولية في بعض الحالات، فإنها ترفض مواقف مماثلة عندما تتعارض مع مصالحها أو مصالح حلفائها، ما يعكس سياسة انتقائية.
ما الأسباب السياسية وراء المواقف الأمريكية ؟
يذهب خبراء إلى المواقف الأمريكية تستند في حالات معينة إلى حسابات سياسية واضحة، حيث إن دعم مذكرة الاعتقال ضد بوتين يتماشى مع موقف الولايات المتحدة من الحرب الروسية في أوكرانيا، بينما رفض مذكرات الاعتقال ضد قادة إسرائيل جزء من الدعم الاستراتيجي الثابت الذي تقدمه واشنطن لإسرائيل، الذي يمتد إلى مجالات عدة تشمل الأمن والسياسة الخارجية.
كما أن رفض أمريكا القاطع لولاية المحكمة الجنائية الدولية على إسرائيل يتماشى مع معارضتها التقليدية لأي محاولات لتقويض تحالفها الوثيق مع الدولة العبرية، ومن جهة أخرى، يعكس واشنطن لمذكرات الاعتقال ضد قادة مثل البشير وبوتين يعكس محاولتها تعزيز موقفها كداعم للعدالة الدولية، خاصة عندما يتعلق الأمر بتوسيع نفوذها في مناطق مثل إفريقيا وأوروبا الشرقية.
تهديدات ضد كريم خان المدعي العام للجنائية الدولية
أكد كريم خان المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية في لقاء تليفزيوني أنه تلقى تهديدات من مسئول امريكي بعد أن أرسل طلب إصدار مذكرة اعتقال بنيامين نتنياهو، قائلًا له إن المحكمة الجنائية الدولية تم تأسيسها فق لمحاسبة الدول النامية والعالم الثالث والتي تقف ضد الولايات المتحدة فقط، لكن لا يجوز محاسبة إسرائيل بأي حال من الأحوال.