صرخة أم حنين: "مش هسيب بنتي بس أروح فين بـ 500 جنيه نفقة؟"
بوجه ملائكي وعينين بلون أحجار الفيروز اللامعة وبشرة مشربة بحمرة وطلة تمزج البهاء بالبساطة تكاد لاتخلو من دلائل ضيق الحال وقصر اليد، تعتلي درجات مجمع محاكم شبرا، الكائن بشارع زنانيري بشبرا مصر، تسعى وحيدة دون ونيس أو محامي، إلى تحقيق أحلام عادلة في نفقة مناسبة لطفلتها "حنين"، ذات التسع سنوات.
تدور في حلقات مفرغة منذ عامين، فالمحكمة قضت لها بنفقة شهرية لا تتعدى 500 جنيه فقط، بما يلائم دخل الأب - عامل بأحد أفران العيش بحي شبرا نفسه - مبلغ لا يسمن ولايغني من جوع، دفع الزوجة "ن . ي" إلى مجابهة الرجال كتفًا بكتف في ميادين عملهم، تتنقل بين المهن بحثًا عن وظيفة تضمن لها أجرًا مناسبًا دون المساس بكرامتها.
يغمرها الوجوم وتعتلي ملامحها الحزم عند التعامل مع الجنس الخشن تحاول أن تنأي بنفسها بعيدًا عن المضايقات وطالبي الزواج التي لاتنتهي حيلهم في عرض الزواج عليها.
لجأت "ن" إلى محامي تعرفه الأسرة تستأمنه على مستقبل وحيدتها، وافق على تقاضي أتعابه "بالتقسيط"، لحين بت المحكمة في دعواها التي قدمتها أمام محكمة أسرة شبرا مصر، طالبت فيها زيادة النفقة الشهرية لابنته، بالنظر إلى ممتلكاته، وإرث مالي تحصل عليه منذ سنوات، يودعه أحد البنوك، كما أخبرها فاعلو الخير والأصدقاء.
وبعد السير في الاجراءات، استطاعت "ن .ي" أن تحصل أخيرًا على الموافقة بالحصول على كشف حساب بنكي لطليقها قبل أن يصدر القاضي حكمه في دعوى زيادة النفقة والتي تتحصل عليها في الأساس من بنك ناصر الإجتماعي، فتحمل "ن" الخطاب بكلتا يديها كمن يمسك بآخر آماله في حياة تلبي حد الكفاف من المآكل والملبس لابنتها الصغيرة.
تحكي "ن" عن ابنتها فتقول "أدعو الله ألا ترث ابنتى حنين حظي السيئ"، ترفض السيدة أية عروض زواج تتضمن أن تغيب "حنين" عن عينيها أو تلك العروض التي يشترط فيها العريس أن تقيم الابنة مع والدتها ونهاية الأسبوع تنتقل للعيش مع جدتها لأمها أو العكس، "لن أترك ابنتي تغيب عن نظري"، مؤكدة "مصلحة بنتي قبل أي حاجة".
خلال عام 2013، قادت ترتيبات القدر "ن" للقاء "م" زوجها السابق، والذي كان ولايزال يعمل بأحد أفران العيش البلدي، صب كلمات الغزل في أذنيها فنسج حولها شباكه، وبعد قصة حب طويلة انتهت بزواج.
تنازلت "ن" عن الكثير من أحلام الفتيات ممن في مثل عمرها آنذاك، شبكة لاتتجاوز الخمس جرامات، ومسكن زوجية إيجار تهاون "م" في فرشه بالأثاث وتجهيزه بمستلزمات الحياة.
رضيت بيق الحال بإيعاز من تعلق قلبها الغض به، فرضخت الأم ووافق الأب على مضض حتى بدأت فصول جديدة تتضح من القصة.
سطر "م" قصة زواجه بـ "ن" بالإهانة والضرب، بدأها بالتطاول ثم السباب، وانتهت بالتعدي عليها بالضرب، وهو ماقادها إلى رفع دعوى طلاق للضرر نالت بها حريتها بعد توثيق الكدمات والجروح التي كانت لاتفارق جسدها ووجهها، لتظل من بعد ذلك قضية النفقة حبيسة المحكمة، تصارع في أن تجد منفذًا نحو زيادة وإن كانت بسيطة للنفقة، وذلك أمام دائرة شبرا.