"اللي يضربك اضربه".. توجيه تربوي أم تشجيع على العنف؟
"اللي يضربك اضربه".. توجيه تربوي أم تشجيع للعنف؟، تثير توجيهات الأهل للطفل حول كيفية الرد على الآخرين، خاصة تلك التي تشجع على الرد بالمثل في حالات العنف، جدلًا واسعًا بين المختصين في مجال التربية.
ويعتبر مبدأ "اللي سضربك اضربه" إرشادًا شائعًا في بعض المجتمعات، لكنه يطرح تساؤلات حول مدى صحته كتوجيه تربوي، وما إذا كان يعزز الثقة بالنفس أو يشجع على السلوك العدواني.
ويوافيكم موقع الأيام المصرية التفاصيل خلال السطور التالية.
الدفاع عن النفس أم تعزيز العنف؟
يعتقد أن هذا التوجيه يمكن أن يساهم في شعور الطفل بالقوة والقدرة على الدفاع عن نفسه، مما يعزز ثقته ويدفعه للوقوف ضد التنمر، وعندما يخبر الوالد طفله "اللي يضربك اضربه"، يرسخ لديه مفهوم الدفاع عن النفس وعدم الاستسلام للظلم، وهو ما يساعد في بعض الحالات على حماية كرامته وبناء شخصيته.
لكن على الجانب الآخر، يؤكد مختصون في علم النفس أن التركيز على الرد الجسدي قد يعزز النزعة العدوانية لدى الأطفال، فيصبحون أكثر استعدادًا لاستخدام العنف كحل أول للمشكلات، بدلًا من ذلك، يمكن للطفل تعلم مهارات تواصل تساعده على التعبير عن مشاعره والمطالبة بحقه بطرق سلمية.
التأثيرات النفسية على الطفل
يرى الخبراء أن تأثيرات هذا النوع من التوجيهات قد تكون مربكة للطفل، إذ يمكن أن تزرع في ذهنه فكرة أن العنف مقبول أو حتى ضروري في مواجهة المواقف الصعبة، ويشير علم النفس إلى أن تكرار هذه النصيحة قد يفقد الطفل القدرة على التمييز بين الدفاع عن النفس وردود الأفعال العدائية.
كما يشير البعض إلى أن التوجيهات التي تشجع على الرد بعنف تفوت على الطفل فرصة تطوير مهارات مهمة، مثل إدارة الغضب والتحكم في الانفعالات، مما يؤدي إلى نشوء شخصية عدوانية في المستقبل.
القدوة والتأثير على السلوك الاجتماعي
الأطفال يميلون إلى تقليد سلوك الكبار من حولهم، وعندما يتبنى الأهل نهجًا يُشجع على العنف كردة فعل، قد يرى الطفل أن هذا هو التصرف المقبول اجتماعيًا، مما يعزز لديه ردود أفعال سلبية تجاه زملائه وأصدقائه، لهذا يعتبر تأثير التوجيهات العدوانية طويل الأمد، إذ قد يؤثر في شخصيته وسلوكياته بشكل سلبي.
بدائل تعليمية لتعزيز السلام الداخلي والتواصل
في ضوء هذه الآثار، ينصح المختصون بطرح بدائل تربوية تعزز من مهارات الطفل في التواصل والتعامل مع المواقف المعقدة بطرق سليمة، وبدلًا من تعليم الطفل الرد بالعنف، يمكن توجيهه نحو استخدام الحوار كوسيلة للتعبير عن استيائه، أو طلب المساعدة من الكبار إذا تعرض للتنمر.
كما يمكن للأهل تشجيع أطفالهم على تطوير مهارات التفاوض والدفاع عن النفس بطرق لفظية وهادئة، مما يعزز من ثقته ويعطيه أدوات للتعامل مع المواقف الصعبة بشكل إيجابي.
البرامج التعليمية كأداة مساعدة
بالإضافة إلى ذلك، يمكن توجيه الأطفال للمشاركة في برامج تعليمية متخصصة تعزز من مهاراتهم الاجتماعية وتساعدهم على التحكم في الغضب وحل المشكلات، وهذه البرامج غالبًا ما تقدم أنشطة لبناء مهارات التفكير النقدي وتحمل الضغوط، وهي عناصر أساسية للتعامل مع التحديات اليومية بدون اللجوء إلى العنف.
تعتبر التربية مسؤولية دقيقة تتطلب من الأهل توخي الحذر عند اختيار العبارات والتوجيهات، إذا كان الهدف هو بناء جيل يتبنى قيم السلام والتعايش، فعلى الأهل تجنب التوجيهات التي تشجع على العنف، واعتماد أساليب تربوية تُعزز من ثقة الطفل بنفسه دون الحاجة للجوء إلى القوة