خبراء يوضحون: لماذا اصطحب الرئيس السيسي ماكرون لـ خان الخليلي ؟

أكد خبير شؤون الأمن القومي محمد مخلوف، أن زيارة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى القاهرة والعريش تكتسب أهمية سياسية كبيرة.
وأوضح مخلوف أن الزيارة تهدف إلى تعزيز العلاقات الثنائية بين مصر وفرنسا، بصفتها أحد أضلاع الاتحاد الأوروبي الرئيسيين كشريك لمصر جديد ليس فقط في منطقة البحر المتوسط بل شريكًا اقتصاديًا وسياسيًا عالميًا وإقليميًا.

وتابع مخلوف، أن الزيارة جاءت لمناقشة القضية الفلسطينية، بعقد قمة ثلاثية تضم الرئيس السيسي وماكرون وملك الأردن لوقف إطلاق النار في غزة، وتسهيل إيصال المساعدات الإنسانية، ودعم فرنسا للجهود المصرية ورفض فرنسا لتهجير الفلسطينيين قسرًا وتأييد حل الدولتين كسبيل لتحقيق السلام الدائم في المنطقة.
وأوضح مخلوف، أن قيام الرئيس السيسي باصطحاب الرئيس ماكرون لـ خان الخليلي بمنطقة الحسين، لها مدلول عميق وأبعاد سياسية كبيرة، أهمها الدلالات الأمنية والسياسية العميقة، التي تجاوزت البعد السياحي، وتعكس رسائل موجهة داخليا وخارجيا.
حيث تْعد زيارة خان الخليلي، أحد أكثر الأماكن الشعبية ازدحامًا وعفوية في القاهرة، بحضور رئيسين، تظهر الثقة العالية في الأجهزة الأمنية المصرية، وقدرتها على تأمين شخصيات رفيعة في بيئة مفتوحة ومعقدة.

وخان الخليلي يقع في منطقة القاهرة الإسلامية، التي شهدت في فترات ماضية بعض التهديدات الأمنية، واختيار هذا الموقع بالتحديد هو رسالة طمأنة قوية بأن القاهرة آمنة ومستقرة، ليس فقط في المناطق الحديثة بل أيضًا في قلبها التاريخي.
وأشار مخلوف، إلى أن مصر قدمت مشهدًا بالغ الذكاء خلال زيارة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى القاهرة، حيث لم يكن مجرد لقاءً رسميًا، بل كان رسالة سياسية محكمة الصياغة، عبر صورة حيّة التقطتها عدسات العالم من قلب القاهرة الفاطمية.

وتعتبر الزيارة ردًا غير مباشر على أي تقارير دولية أو إعلامية تشكك في الوضع الأمني بمصر، وتؤكد أن الدولة قادرة على حماية مواطنيها وزوارها، وتحمل الزيارة رسالة اقتصادية بامتياز، موجهة للمستثمرين في الداخل والخارج، بأن مصر ليست فقط مستعدة لجذب الاستثمار.
ويشير خبير القانون الدولي محمد محمود مهران، عضو الجمعيتين الأمريكية والأوروبية للقانون الدولي، أن زيارة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون لمصر تشكل منعطفًا استراتيجيًا بين البلدين.
وأكد مهران، أن زيارة ماكرون لـ القاهرة، تحمل رسائل سياسية وقانونية مهمة على المستويين الإقليمي والدولي، موضحًا أن التطور النوعي في العلاقات، يأتي في ظل ظروف إقليمية بالغة التعقيد، تتطلب تعاونًا دوليًا لمواجهة التحديات المشتركة، وعلى رأسها الأزمة الإنسانية في غزة والتهديدات للأمن الإقليمي.

ولفت مهران إلى أن التوافق بين الرئيسين، على رفض أي محاولات لتهجير الفلسطينيين قسريًا من أراضيهم، يمثل التزامًا صريحًا بأحكام القانون الدولي، استنادًا إلى المادة 49 من اتفاقية جنيف الرابعة، التي تحظر النقل الجبري للسكان، وإلى نظام روما الأساسي الذي يصنف التهجير القسري كجريمة حرب.
وأشاد خبير القانون الدولي، بالدعوة المشتركة للرئيس السيسي وماكرون، لوقف إطلاق النار الفوري في غزة، مؤكدًا أن هذا الموقف يتوافق مع المادة الثالثة المشتركة في اتفاقيات جنيف، التي تلزم أطراف النزاع بحماية المدنيين.

وأضاف مهران، أن المبادرة المصرية لإعادة إعمار غزة تكتسب أهمية قانونية خاصة في ظل تقاعس الاحتلال الإسرائيلي، عن الوفاء بالتزاماتها كقوة احتلال وفقًا للمواد 55 و56 من اتفاقية جنيف الرابعة.
وتطرق الخبير القانوني إلى الموقف المصري الفرنسي المشترك تجاه الأزمات الإقليمية الأخرى، مشيرا إلى تأكيد الرئيسين على ضرورة الحفاظ على وحدة الأراضي السورية وسيادتها، وإنهاء الاحتلال الإسرائيلي للجولان، والالتزام الكامل بتنفيذ القرار الأممي 1701 فيما يخص لبنان، مع إدانة الانتهاكات الإسرائيلية المتكررة للسيادة اللبنانية.

ونوه مهران إلى أهمية الدعم الفرنسي والأوروبي لمصر، والذي تجلى مؤخرا في موافقة البرلمان الأوروبي على صرف الشريحة الثانية من حزمة الدعم المالي بقيمة أربعة مليارات يورو، مما يعكس الاعتراف الدولي بالدور المحوري لمصر في تحقيق الاستقرار الإقليمي.