علي جمعة: الحجاب الشرعي لا يلفت الأنظار ويكون ساتر لكل شئ

قال الدكتور علي جمعة، عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، ومفتي مصر السابق، في الحلقة الخامسة من برنامج "نور الدين والدنيا"، الذي يذاع على القناة الأولى المصرية وقناة cbc، أنه في حياة كل إنسان، هناك ثلاثة أسئلة محورية تدور في ذهنه طوال عمره: "من أين جئت؟"، "إلى أين سأذهب؟"، و"ماذا سيحدث لي بعد الموت؟" وتظل هذه الأسئلة محورية للفكر البشري، منذ القدم وحتى يومنا هذا، ومن بين تلك الأسئلة العميقة، يبرز سؤال عن طبيعة خلق الإنسان وكيفية تصرفه في الحياة، وهو مرتبط بتكليف الإنسان بطاعة الله واتباع أحكامه.

تكليف الإنسان في الحياة
وأضاف الدكتور علي جمعة: من أبرز التكليفات التي وضعها الله على الإنسان هي الالتزام بالشرائع الدينية، والتي تشمل الحجاب كواحدة من أهم وأبرز هذه الشروط، فالحجاب ليس مجرد قطعة قماش، بل هو سمة من سمات الطهارة والعفة في الإسلام، وعليه، فإن الحجاب في الشريعة الإسلامية له شروط محددة تهدف إلى الحفاظ على كرامة المرأة وحمايتها من كل ما يمكن أن يزعزع مكانتها في المجتمع.
شروط الحجاب الشرعي
من أبرز الشروط التي يجب توافرها في الحجاب الشرعي، كما ورد في القرآن الكريم والسنة النبوية، هو أن لا يكون اللباس مشفًا أو مكشفًا لما يثير الشهوات، كما يجب أن يكون الحجاب غير واصف لجسم المرأة، وألا يظهر تفاصيل جسدها، بمعنى آخر، يجب أن يكون الحجاب الشرعي ساترًا لكل شيء، بحيث لا يبين ما يمكن أن يلفت الأنظار أو يشوه صورة الحياء والطهارة.
وفي إطار متصل إذا كانت المرأة ترتدي ملابس محتشمة، لكنها لا تلتزم بالحجاب الشرعي بالكامل، فهذا لا يعني أنها ترتكب خطأً كبيرًا، لكن بالطبع، لن تحصل على الأجر الكامل الذي وعد الله به، وبالتالي، يبقى الأمر متروكًا للنية، فالأعمال عند الله بالنوايا.

وتابع الدكتور علي جمعة: حين نتحدث عن الحجاب، لا بد أن نذكر أن هذه المسألة ليست مقتصرة فقط على النساء، بل تشمل الرجال أيضًا في بعض الأمور، مثل ستر العورة، ولكن الحجاب الشرعي يختلف باختلاف الأفراد والأزمان، ففي بعض الأحيان قد نجد أن بعض الفتيات يرتدين ملابس غير ضيقة ولكنها لا تلتزم بالحجاب الشرعي تمامًا، وهذا قد يحدث بسبب تغيرات الموضة أو نقص الفهم الصحيح للشرع.
وأردف حديثه قائلًا: ومن الممكن أن تتعامل المرأة بشكل طبيعي مع زميلاتها أو المحيطين بها حتى وإن لم يرتدين الحجاب، وهذا ما أكده علماء الإسلام، مستشهدين بواقعة في حياة الإمام جعفر الصادق عندما دخل بلاد ما وراء النهر، حيث كان النساء هناك غير ملتزمات بالحجاب، وكان رد الإمام في ذلك الوقت أن المواقف مختلفة ولكن يجب على المؤمن أن يحافظ على غض البصر، ويعامل الجميع بالرفق والمودة دون التوقف عن تعاليم الدين.

الحجاب ليس مجرد لباس
وتابع جمعة: إن الحجاب الشرعي ليس مجرد لباس، بل هو رسالة دينية تهدف إلى تقوية الروابط الإنسانية على أساس من التقوى، ورغم ذلك، قد لا يكون هناك نموذج واحد للحجاب يتبعه الجميع بشكل متشابه، فكل شخص مسؤول عن كيفية تطبيق الشرائع بشكل يتناسب مع زمانه ومكانه، فالمهم أن يبقى الأساس قائمًا في تغطية الجسم وعدم كشف العورات التي نهى الله عن إظهارها.