كيف نزل القرآن الكريم في شهر رمضان.. هل نزل يوم 17 ؟

يتساءل عدد كبير من المسلمين عن معنى نزول القرآن الكريم في شهر رمضان رغم أنه نزل على النبي صلى الله عليه وسلم مفرقًا على مدار سنوات، وأوضح الدكتور أحمد ممدوح، أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، أن القرآن الكريم له عدة مراحل من التنزيل.
مراحل نزول القرآن الكريم
وأوضح الدكتور ممدوح أن القرآن الكريم نزل على مراحل متعددة، بدايةً، نزل القرآن أولًا إلى اللوح المحفوظ، ثم نزول آخر إلى السماء الدنيا، وبعدها نزل من السماء الدنيا مفرقًا على قلب النبي صلى الله عليه وسلم، وتأكيدًا على ذلك، أشار ممدوح إلى أن العلماء قالوا إن نزول القرآن إلى السماء الدنيا حدث في رمضان، بينما نزوله على قلب النبي صلى الله عليه وسلم كان في مناسبات متعددة.

المدة التي استغرقها نزول القرآن الكريم
أضاف الدكتور ممدوح أن فترة نزول القرآن الكريم على النبي صلى الله عليه وسلم امتدت على مدار ثلاث وعشرين سنة من البعثة، وقد نزل الوحي في أوقات مختلفة، فتارة يأتي وهو نائم، وأحيانًا وهو مستيقظ، بل في بعض الأحيان كان يسمعه مباشرة من الملك جبريل عليه السلام، أو عن طريق الوحي، وقد وصفت السيدة عائشة رضي الله عنها حال النبي صلى الله عليه وسلم عندما كان يتلقى الوحي، حيث كان أمرًا صعبًا ومؤلمًا له، كما قال تعالى: “إنا سنلقي عليك قولًا ثقيلًا”، موضحًا أن النبي صلى الله عليه وسلم كان مهيئًا لتلقي الوحي، وأن حادثتي شق الصدر في صباه وفي رحلة الإسراء والمعراج كانتا جزءً من هذا التهيؤ.
نزول القرآن في ليلة القدر
كما يتحدث العلماء عن نزول القرآن في شهر رمضان، وخصوصًا في ليلة القدر التي لها مكانة عظيمة، وفي هذا السياق، يقول الله تعالى في القرآن الكريم: "إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ" [القدر: 1]، ويشير هذا إلى أن القرآن الكريم نزل في ليلة القدر، وهي الليلة المباركة في الشهر الكريم.
المرحلة الأولى: نزول القرآن إلى السماء الدنيا
أوضح العلماء في تفسيراتهم أن القرآن الكريم نزل إلى السماء الدنيا جملةً واحدة في ليلة القدر، وفي بيت العزة كما تشير الآيات القرآنية، وقال تعالى: "شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ" [البقرة: 185]، مما يدل على أن نزوله حدث في هذا الشهر الكريم، كما ورد في الحديث الصحيح عن ابن عباس رضي الله عنهما: "أنزل القرآن جملةً إلى السماء الدنيا في ليلة القدر، ثم نزل بعد ذلك مفرقًا على مدار 23 عامًا".

المرحلة الثانية: نزول القرآن مفرقًا
أما المرحلة الثانية من التنزيل، فتمثلت في نزول القرآن مفرقًا على قلب النبي صلى الله عليه وسلم على مدار ثلاث وعشرين سنة، وقد أكد الإمام السيوطي في كتابه "الإتقان في علوم القرآن" أن القرآن نزل بهذه الطريقة بواسطة أمين الوحي جبريل عليه السلام، ومن خلال هذا التنزيل المفرق، كان هناك حكمة إلهية عميقة تتعلق بتثبيت قلب النبي صلى الله عليه وسلم وتدعيمه خلال التحديات التي كان يواجهها، وهذا ما عبر عنه الله تعالى بقوله: "وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلَا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً وَاحِدَةً كَذَٰلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ وَرَتَّلْنَاهُ تَرْتِيلًا" [الفرقان: 32].
هل القرآن نزل يوم 17؟
يبحث عدد كبير حول هل القرآن نزل يوم 17 رمضان، ولكن الحقيقة أنه ورد في الأحاديث الصحيحة أن نزول الوحي حدث في ليلة الاثنين، قبل الفجر، وتحديدًا في ليلة 21 من رمضان، التي توافق 10 أغسطس عام 610م، وكان عمر النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك الوقت 40 عامًا.
حكمة نزول القرآن مفرقًا
شرح العديد من العلماء، بما في ذلك الإمام السعدي في تفسيره، أن نزول القرآن مفرقًا كان له فوائد كبيرة في تثبيت قلب النبي صلى الله عليه وسلم، حيث كان نزول الآيات يتناسب مع الوقائع والأحداث التي يمر بها، مما يزيد من تأثير الآيات في النفس ويعزز اليقين والثبات، كما أشار العلماء إلى أن هذا التنزيل المفرق كان يتماشى مع متطلبات التدرج في التشريع.
رأي الشيخ الشعراوي حول نزول القرآن الكريم
ذكر الشيخ الشعراوي رحمه الله، في تفسيره للقرآن الكريم، أن نزول القرآن مفرقًا كان لحكمة عظيمة، وهي أن الله تعالى أراد أن يعرض الوحي على النبي صلى الله عليه وسلم في سياق الأحداث التي يعيشها، ليكون أكثر تأثيرًا في قلبه، وقال الشيخ الشعراوي إن نزول القرآن بهذه الطريقة ساهم في تقوية إيمان النبي صلى الله عليه وسلم وجعل الوحي أكثر تأثيرًا في كل مرحلة من مراحل الدعوة، مضيفًا أنه في كل مرة كان ينزل فيها جزء من القرآن، كان يحدث في زمن مناسب يتطلب ذلك الجزء، مما ساعد في تطور التشريع بشكل تدريجي وملائم للظروف.

الحديث عن معارضة جبريل للنبي صلى الله عليه وسلم
أشار الحديث الشريف إلى أن جبريل كان يعارض النبي صلى الله عليه وسلم بالقرآن كل عام مرة، وفي العام الذي توفي فيه النبي صلى الله عليه وسلم، عارضه مرتين، وقد ورد عن السيدة عائشة رضي الله عنها أنها قالت: "وإنه عارضني العام مرتين"، وأضافت أنه بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم، كانت فاطمة رضي الله عنها، قد حزنت عندما أخبرها النبي بأن جبريل عرض عليه القرآن مرتين هذا العام، وأشار إلى أن أجله قد اقترب.