هل حديث "إذا انتصف شعبان فلا تصوموا" صحيح؟ .. الأزهر يحسم الجدل
الأزهر الشريف .. من الأحاديث التي يكثر الحديث عنها في شهر شعبان هو حديث "إذا انتصف شعبان فلا تصوموا"، حيث يتساءل الكثيرون عن صحة هذا الحديث في ظل الاهتمام المتزايد بصيام التطوع في هذا الشهر المبارك، استعدادًا لشهر رمضان.
صحة حديث "إذا انتصف شعبان فلا تصوموا"
تحدث الأزهر الشريف عبر موقعه الرسمي عن صحة هذا الحديث، مشيرًا إلى أن الله عز وجل قال في كتابه العزيز: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا}، وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يكثر من الصيام في شهر شعبان، فقد ورد عن السيدة عائشة رضي الله عنها أنها قالت: «مَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَكْثَرَ صِيَامًا مِنْهُ فِي شَعْبَانَ»، وهذا يشير إلى أن رسول الله كان يصوم في شهر شعبان بشكل عام، ولم يحدد النصف الأول أو الثاني فقط.
وتابع الأزهر الشريف، أن بعض العلماء اختلفوا في صيام النصف الثاني من شهر شعبان، حيث رووا أحاديث تدل على أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصوم أغلب أيام هذا الشهر، ومنها أحاديث أخرى تبيح الصيام في النصف الثاني لمن كانت عادته الصوم، كما في الحديث الذي روي عن أبي هريرة رضي الله عنه، حيث قال النبي صلى الله عليه وسلم: «لا تَقَدَّمُوا رَمَضَانَ بِصَوْمِ يَوْمٍ وَلا يَوْمَيْنِ إِلَّا رَجُلٌ كَانَ يَصُومُ صَوْمًا فَلْيَصُومَهُ».
لكن هناك حديث آخر رواه أبو هريرة رضي الله عنه قال فيه النبي ﷺ: «إِذَا انْتَصَفَ شَعْبَانُ فَلا تَصُومُوا»، وهو الحديث الذي يثير الجدل بين العلماء، وقد تباينت الآراء حول صحة هذا الحديث.
الرأي الفقهي في هذا الحديث
من ناحية الرأي الفقهي، قال الشافعية إن صيام التطوع في النصف الثاني من شعبان محرم إلا إذا كان الصوم عادة للشخص أو وصله بصوم النصف الأول، أو كان نذرًا أو قضاءً، ولو كان هذا القضاء لصوم نافلة أو كفارة، أما جمهور الفقهاء فيرون أن صيام التطوع في النصف الثاني من شعبان جائز، بل إنه لا يكره إلا إذا كان صومًا في "يوم الشك" (اليوم الذي لا يتم التأكد فيه من بداية رمضان).
أما بالنسبة لصحة الحديث "إذا انتصف شعبان فلا تصوموا"، فقد أوضح الأزهر الشريف أن العديد من الفقهاء يعتبرون هذا الحديث ضعيفًا، فقد قال أحمد بن حنبل وابن معين إنه حديث منكر، وذكر الخطابي أن عبد الرحمن بن مهدى كان ينكر هذا الحديث، وقال أحمد بن حنبل إن العلاء كان يروي هذا الحديث بشكل مخالف لما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم من أنه كان يصل شعبان برمضان، وبالرغم من هذه المعارضة، فقد رده جمهور الفقهاء وقالوا إنه يتوافق مع الأحاديث الأخرى التي تثبت صيام النبي لشهر شعبان بوجه عام.
ووفقًا لما ذكرته دار الإفتاء المصرية، فإن الحديث عن "إذا انتصف شعبان فلا تصوموا" لا يعتبر حجة قوية في تحريمه، وجاء رأي بعض الفقهاء بأن الصيام في النصف الثاني من شعبان لا حرج فيه إذا كان الشخص قد اعتاد عليه، أما لمن لا يعتاد الصيام، فقد يكون الأمر مرهقًا بالنسبة له خاصة قبل شهر رمضان، لذا يُستحسن أن يقتصر على صيام رمضان فقط.
ومن خلال اختلاف الآراء بين العلماء حول هذا الحديث، يمكن القول إن صيام التطوع في النصف الثاني من شهر شعبان جائز لمن اعتاد الصيام، أما لمن لا يعتاد الصيام، فيمكنه الاكتفاء بالصيام في شهر رمضان، وعليه، لا ينبغي تشديد الأمر على المسلمين في هذه المسألة، بل ينبغي التيسير عليهم بما يتناسب مع قدرتهم وظروفهم الشخصية.