علي جمعة: رحلة المعراج معجزة فريدة لا تخضع لقوانين الأرض
قال الدكتور علي جمعة، مفتى الجمهورية الأسبق، وعضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، إن رحلة المعراج هي معجزة فريدة خص الله سبحانه وتعالى بها سيدنا محمد ﷺ، دون سائر الخلائق. ففي لحظة خاطفة، صعد النبي ﷺ من المسجد الأقصى إلى السماوات العلا، ومنها إلى سدرة المنتهى، وهو ما يعد كشفًا كليًا للغيب، وخروجًا كاملًا عن قوانين الأرض، وتجاوزًا لا يستطيع الإنسان بلوغه بحواسه ومداركه.
وأكد الدكتور على جمعة في منشور عبر صفحته الرسمية على فيس بوك، على أنه من الجدير بالذكر في هذه المعجزة الكبرى أنها أخذت بيد النبي ﷺ لتتجاوز عوالم الكون ومحددات الوجود، مثل الزمان والمكان والأشخاص والأحوال.
أما بالنسبة لعالم الزمان، فقد طوى الله عز وجل له الزمان بطريقة لا تستطيع العقول استيعابها، إلا إذا أدركت هذه العقول نفحات من الإيمان.
الاسراء والمعراج
أما عالم المكان، فقد تجاوز ﷺ كل مكان بلغه مخلوق، سواء كان قريبًا أو ملكًا مرسلًا، حيث تخطى السماوات السبع إلى سدرة المنتهى، إلى حيث شاء الله عز وجل، بما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر.
كما أنه تجاوز عالم الأشخاص، حتى أولئك الذين لهم من المحبة والكرامة عند الله سبحانه وتعالى، سواء كانوا أنبياء مرسلين أو ملائكة مقربين، بدءًا من آدم في السماء الأولى، مرورًا بعيسى وموسى من أولي العزم، وصولًا إلى أبي الأنبياء خليل الرحمن إبراهيم. بل تجاوز أيضًا الأمين جبريل، صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين، حيث قال له نبينا ﷺ: "أفي هذا المكان يفارق الخليل خليله؟" فأشار جبريل إلى قوله تعالى: {وَمَا مِنَّا إِلَّا لَهُ مَقَامٌ مَعْلُومٌ}.
أما بالنسبة لعالم الأحوال، فقد فاق رسول الله ﷺ جميع المقامات، وبلغ أعلى الرتب والدرجات. فقد تجاوز مراتب المرسلين، ومرَّ على أحوال الملائكة المقربين الذين وصفهم الله بقوله: {يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لَا يَفْتُرُونَ}. وقال ﷺ عن السماوات: "ما فيها موضع شبر إلا وعليه ملك ساجد أو قائم". ولم يتحمل سيدنا جبريل أنوار جلال الله تعالى، فترك رسول الله ﷺ يدخل تلك الأنوار وحده ويتلقى الوحي والعلم والفضل من الله عز وجل دون وساطة جبريل، ليحقق تفرده كما قال سبحانه: {وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ وَكَانَ فَضْلُ اللهِ عَلَيْكَ عَظِيمًا}.
وتجلت هذه المعاني الأربعة في قوله تعالى: {وَهُوَ بِالأُفُقِ الأَعْلَى * ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى * فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى * فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى * مَا كَذَبَ الفُؤَادُ مَا رَأَى * أَفَتُمَارُونَهُ عَلَى مَا يَرَى * وَلَقَدْ رَآَهُ نَزْلَةً أُخْرَى * عِنْدَ سِدْرَةِ المُنْتَهَى * عِنْدَهَا جَنَّةُ المَأْوَى * إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ مَا يَغْشَى * مَا زَاغَ البَصَرُ وَمَا طَغَى * لَقَدْ رَأَى مِنْ آَيَاتِ رَبِّهِ الكُبْرَى}.