باحثة فلسطينية: السلطة تريد منع استخدام المسلحين كذريعة أمام إسرائيل لتدمير الضفة
قالت الدكتورة تمارا حداد الباحثة السياسية الفلسطينية إن التطورات الأخيرة في مخيم جنين وما يرافقها من تحركات بين المسلحين والأمن الفلسطيني، تحمل دلالات متعددة ووجهات نظر متباينة، خاصة في رؤية السلطة الفلسطينية التي تتعامل مع هذا الوضع بحذر.
وأوضحت الدكتورة تمارا حداد في تصريح خاص لموقع الأيام المصرية أن السلطة تسعى إلى الحد من استخدام المقاومة المسلحة كذريعة أمام إسرائيل لتدمير الضفة الغربية واستهداف المشروع الوطني الفلسطيني.
وأضافت حداد أن السلطة الفلسطينية تحاول قدر الإمكان تعزيز السيطرة الأمنية وفرض النظام في المناطق التي تشهد تواجدًا مكثفًا للمسلحين، تحديدًا في مخيم جنين والمخيمات الأخرى، وتسعى السلطة إلى إيصال رسائل مزدوجة، واحدة للداخل الفلسطيني والأخرى للخارج.
تمارا حداد: السلطة توجه رسالة للداخل الفلسطيني بأن تحركات المقاتلين ستنعكس سلبًا على القضية الفلسطينية
وأوضحت الدكتورة تمارا حداد أن السلطة تحاول توجيه رسائل للداخل الفلسطيني، مفادها أن تحركات المقاتلين الحالية في مخيم جنين قد تنعكس سلبًا على القضية الفلسطينية، بدلًا من أن تخدمها.
وأشارت إلى هذه التحركات يتم استغلالها من قبل اليمين الإسرائيلي المتطرف الذي يسعى إلى تصفية القضية الفلسطينية بشكل نهائي، ووفق هذا السيناريو، فإن تصاعد المواجهات والفوضى في الضفة يمنح إسرائيل مبررًا لتنفيذ خططها، سواء بفرض السيطرة العسكرية أو دفع الولايات المتحدة والمجتمع الدولي للتسليم بواقع جديد في الضفة الغربية، قائم على حكم عسكري إداري وأمني، بعيدًا عن أي أفق سياسي فلسطيني مستقبلي.
وتابعت أن الاحتلال الإسرائيلي يستغل الفوضى لإضعاف السلطة الفلسطينية وتفكيكها تدريجيًا، وتحويلها إلى إدارة بلدية كبرى لا تمتلك أي حقوق سياسية أو سيادية مستقبلية، مما يُجهض فكرة الدولة الفلسطينية.
أما فيما يخص الرسالة الخارجية التي تريد أن ترسلها السلطة الفلسطينية حيث تسعى إلى طمأنة الولايات المتحدة والمجتمع الدولي بأنها قادرة على فرض الأمن والاستقرار في الضفة الغربية ولا بد من إطلاق مسار سياسي يضمن الحقوق الفلسطينية، وتُبرز السلطة جهودها في احتواء الفوضى الداخلية وتقويض أي تحركات مسلحة يمكن أن تستغلها إسرائيل كذريعة لتكثيف عملياتها العسكرية واقتحاماتها، خاصة في ظل المناخ الدولي الحساس.
وأردفت الباحثة السياسية الفلسطينية أنه على مايبدو هناك دور إقليمي محتمل وتحديدًا الدور الإيراني الذي تحاول طهران استثماره عبر تحريك مجموعات مسلحة في الضفة الغربية، خصوصًا بعد فشل إيران في تحقيق دورها في سوريا ولبنان وقطاع غزة.
ولفتت الدكتورة تمارا حداد إلى أن إيران تعتبر الضفة الغربية "حديقة جانبية" قريبة من إسرائيل، تسعى من خلالها لإحداث فوضى أمنية، وهو ما ترفضه السلطة الفلسطينية التي تحاول منع استخدام هذه الجماعات كأدوات تخدم أجندات خارجية لا علاقة لها بالمصلحة الوطنية الفلسطينية.
تمارا حداد: السلطة ترى أن بعض الأسلحة يأتي من عصابات إسرائيلية للضفة
وأردفت أن مصدر السلاح في الضفة الغربية بات موضع شك وبحاجة رقابة مشددة، حيث يُطرح تساؤل حول كيفية وصول هذا السلاح رغم التشديدات الأمنية الإسرائيلية، والسلطة ترى أن بعض السلاح قد يأتي من عصابات داخل إسرائيل نفسها، وهو ما يمنح الاحتلال ذريعة لمواصلة اقتحاماته وعملياته الانتقامية، بحجة القضاء على هذه الظاهرة.
تمارا حداد: هناك تخوفات من تكرار سيناريو غزة في الضفة
وأضافت أن الخوف الأكبر تكرار سيناريو قطاع غزة في الضفة الغربية، حيث أن المقاومة المسلحة في غزة لم تحقق نجاحًا ملموسًا بسبب عدم وجود استراتيجية واضحة وبرنامج وطني مشترك بين جميع الفصائل الفلسطينية.
وأشارت تمارا حداد إلى أن الضفة الغربية ليست مهيأة لمثل هذا النوع من المقاومة، خاصة في ظل الفارق الكبير في القوة العسكرية واللوجستية بين الاحتلال الإسرائيلي والمجموعات المسلحة.
تمارا حداد: إسرائيل ستستغل ذلك لتهجير الفلسطينيين قسرًا وتدمير الضفة مثل غزة
وأكدت أنه من المهم تجنب استخدام المخيمات الفلسطينية كمنصات لمعارك غير محسوبة، حيث أن إسرائيل ستستغل ذلك لتهجير الفلسطينيين قسرًا وتدمير الضفة الغربية، على غرار ما حدث في غزة.
ويجب التعلم من التجربة الغزية، والتركيز على تعزيز صمود المواطن الفلسطيني وثباته على أرضه، بدلًا من الانخراط في مواجهات مسلحة غير متكافئة.
وأوضحت أن المشروع الوطني الفلسطيني يتطلب تضافر الجهود وتعزيز الوحدة الداخلية لمواجهة التحديات الكبرى التي تهدد الضفة الغربية.
كما اختتمت الدكتورة تمارا حداد الباحثة السياسية الفلسطينية أن الحل الأمثل يكمن في تعزيز صمود الفلسطينيين على أرضهم، والعمل على استثمار الطاقات الوطنية في برامج تدعم الثبات والمقاومة الشعبية السلمية، بدلًا من الانجرار إلى مواجهات عسكرية تُستغل لإضعاف السلطة وتصفية القضية الفلسطينية.