خبير بريطاني: الأمير أندرو يستحق الشكر على علاقته مع جاسوس الصين
صرح تشارلز بارتون، الخبير البريطاني المخضرم في شأن العلاقات الدولية مع الصين، إن الأمير أندرو يستحق الشكر على ما قدمه لبريطانيا من خدمات جليلة. فقد لاحظ المحلل أن الأمير الذي أصبح مهمشاً الآن نجح "بمفرده تقريباً" في تسليط الضوء على التهديد الذي تشكله دولة الصين المعاصرة على العالم أجمع وخاصة إزاء الدول الحرة والمفتوحة.
تدهور العلاقات الصينية البريطانية: من التعاون إلى التجسس والضغط السياسي
في تحول دراماتيكي، شهدت العلاقات بين الصين والمملكة المتحدة تراجعًا ملحوظًا في السنوات الأخيرة، حيث تغيرت هذه العلاقة بشكل كبير في أقل من عقد من الزمان. قبل تسع سنوات فقط، كان رئيس الوزراء البريطاني آنذاك ديفيد كاميرون يصطحب الرئيس الصيني شي جين بينج لتناول المشروبات الروحية في حانة بريطانية، في إطار تعزيز العلاقات الاقتصادية بين البلدين.
في تلك الفترة، كانت هناك خطط لتعاون صيني في بناء محطات نووية في المملكة المتحدة، حيث كان من المقرر أن تستثمر الصين في مشاريع ضخمة مثل محطة "هينكلي بوينت" في سومرست، بالإضافة إلى خطة أكبر لتطوير مشروع في "برادويل" بإسيكس. إلا أن هذه الطموحات لم تتحقق أبدًا، بينما توقف تمويل الصين لمشروع "هينكلي بوينت".
في الوقت نفسه، كانت الحرب الإلكترونية في أوجها، حيث كان القراصنة الصينيون يواصلون محاولاتهم لسرقة أسرار الشركات البريطانية. منذ ثلاث سنوات ونصف، حذر جهاز المخابرات البريطاني "MI5" من عمليات تجسس تستهدف الأشخاص عبر ملفات تعريف مزيفة على "لينكد إن" بهدف جمع معلومات تجارية حساسة. ورغم أن الحملة كانت مرتبطة بالصين، إلا أن جهاز المخابرات كان حذرًا في الإشارة بشكل مباشر إلى الحكومة الصينية.
ومع مرور الوقت، تصاعدت قضايا التجسس المرتبطة بالصين، حيث تم الكشف عن تورط عدد من الأفراد في أنشطة تجسسية لصالح بكين. أحد أبرز القضايا كان المتعلقة بالنائب البريطاني اليساري باري جاردينر، حيث تم ربط محاميه كريستين لي بجهاز المخابرات الصيني، بعدما تبرعت بمبلغ كبير لمكتبه. على الرغم من نفي لي لهذه التهم ورفعها دعوى ضد جهاز المخابرات البريطاني، فإن القضية أثارت العديد من التساؤلات حول العلاقة بين السياسة البريطانية والصين.
في السياق ذاته، شهدت المملكة المتحدة قضايا تجسس أخرى، بما في ذلك اتهامات موجهة للباحث البرلماني كريستوفر كاش، الذي عمل مع النائبين المحافظين أليشيا كيرنز وتوم توجندهات، وذلك بانتهاك قانون الأسرار الرسمية. بالإضافة إلى ذلك، اتهم مسؤول تجاري في هونج كونج وضابط في قوة الحدود البريطانية بمساعدة جهاز الاستخبارات الصيني بشكل غير قانوني، حيث تم التحقيق في مراقبتهم لناشطين مؤيدين للديمقراطية.
من بين القضايا المثيرة للجدل، تبرز قضية رجل الأعمال الصيني يانغ تينغبو، الذي كان له ارتباطات مع الأمير أندرو. في حين أن يانغ لم يتهم بالتجسس بشكل مباشر، إلا أن الحكومة البريطانية اعتبرت علاقاته مع الصين، خاصة مع الحزب الشيوعي الصيني، تهديدًا سياسيًا، مما دفع إلى إلغاء إقامته في المملكة المتحدة. وأكدت محكمة الهجرة البريطانية أن تأثير يانغ كان يمكن أن يُستغل لأغراض تدخل سياسي.
تتمثل القضية الأساسية التي تثيرها هذه التطورات في أن الصين تحت قيادة شي جين بينج تسعى لتحقيق هيمنة سياسية طويلة الأجل، مع طموحات تتجاوز حدود الاقتصاد إلى السياسة. وهذا يشمل محاولة تعزيز نفوذها في الغرب، خصوصًا في حال حدوث صراعات مستقبلية مع دول مثل المملكة المتحدة، ربما على خلفية قضايا مثل تايوان.
إن تصاعد الحوادث التي تتعلق بالتجسس والضغط السياسي تشير إلى أن العلاقة بين الصين وبريطانيا تتجه نحو مزيد من التوتر، حيث تزداد مشاعر عدم الثقة بين الجانبين. ويبدو أن هذه التطورات ستظل تلقي بظلالها على العلاقات بين البلدين في المستقبل القريب.