ترامب يحذر من تكرار كساد 1929 حال فوز هاريس.. ما قصة هذا التاريخ؟
أزمة الكساد العظيم 1929، في خطاب مثير في ولاية ساوث داكوتا، أثار دونالد ترامب موجة من الجدل، حيث تنبأ بحدوث كساد اقتصادي ضخم قد يعيد إلى الأذهان الانهيار المدوي لاقتصاد أمريكا بعد أزمة وول ستريت في عام 1929.
وفي تصريحات نقلتها صحيفة "التليجراف" البريطانية، وجه ترامب انتقادات قاسية للإدارة الحالية بقيادة جو بايدن، محذرًا من أن الولايات المتحدة تقف على حافة أزمة اقتصادية قد تكون أسوأ مما يتوقعه الكثيرون، ما يعني كأنه يحذر من تكرار الكساد الأعظم حال انتخاب نائبة جو بايدن “ كامالا هاريس” .
ما هي أزمة الكساد العظيم 1929 ؟
في أكتوبر من عام 1929، اندلعت أزمة وول ستريت التي سرعان ما تحولت إلى الكساد الكبير، مغيرة بذلك مسار التاريخ الأمريكي والعالمي. كان انهيار السوق المالي بمثابة زلزال اقتصادي دمر الثقة في النظام المالي، لتغرق أمريكا في موجة من البطالة والفقر المدقع.
وانخفضت قيمة الأسهم بشكل حاد، وأفلست العديد من الشركات الكبرى، فيما تفجرت أزمات الزراعة والصناعة على حد سواء، وتأثر ملايين الأمريكيين بشدة مع فقدانهم وظائفهم ومدخراتهم، ليشهدوا بأعينهم انهيار الآمال الاقتصادية التي كانت قد انعشتهم في العقد السابق، ولم تكن تلك مجرد خسائر مالية، بل كانت بداية فصل قاتم في حياة الأمة.
أسباب أزمة الكساد العظيم 1929
تحليل أسباب أزمة الكساد العظيم 1929 يتطلب النظر في عدة عوامل معقدة على النحو التالي:
- فشل النظام المصرفي: بدأ العديد من البنوك في الانهيار منذ أكتوبر 1930 بسبب عدم قدرة المزارعين على سداد القروض. آنذاك، لم تكن هناك شركات تأمين للودائع، ما جعل الناس يسحبون مدخراتهم، مما أدى إلى انكماش نقدي وحالة من الذعر المالي.
- سياسات اقتصادية خاطئة: كانت الولايات المتحدة ملتزمة بنظام غطاء الذهب، ما فرض عليها ضرورة الحفاظ على أسعار فائدة مرتفعة لجذب المستثمرين الدوليين. ولكن هذه السياسات أدت إلى إبطاء النمو الداخلي وزيادة الضغوط على الاقتصاد المحلي.
- فشل الاحتياطي الفيدرالي: اقتصرت دور الاحتياطي الفيدرالي في تلك الفترة على إدارة النظام النقدي، حيث فشل في التخفيف من الذعر المصرفي، مما أدى إلى انكماش كبير في الاقتصاد، وكان ذلك سببا رئيسيا في شدة الأزمة.
كما أشار ميلتون فريدمان إلى أن فشل الاحتياطي الفيدرالي في التدخل بشكل مناسب كان له دور كبير في تعميق الأزمة، وهو ما أقر به بن بيرنانكي رئيس الاحتياطي الفيدرالي في خطاب تكريمه لفريدمان.
الهجرة والنزوح بسبب أزمة الكساد العظيم 1929
إحدى الظواهر التي نتجت عن الكساد الكبير كانت الهجرة الواسعة، حيث قرر العديد من الأمريكيين، خاصة من المناطق المتضررة مثل السهول الكبرى و الجنوب، الانتقال إلى أماكن مثل كاليفورنيا ومدن الشمال بحثًا عن فرص أفضل. كما تسببت الأزمة في زيادة التوترات العرقية في الولايات المتحدة، وكان النزوح الكبير من أبرز سمات هذه الفترة، وفيما بعد، بدأ الناس يعودون إلى حياة طبيعية في الأربعينيات.
تأثير أزمة الكساد العظيم 1929 على الاقتصاديات الحديثة
أدى الكساد إلى تغييرات جذرية في فهم الاقتصاد وطرق التعامل مع الانكماشات، فظهرت النظريات الاقتصادية الحديثة مثل الاقتصاد الكينزي، واستخدام الحزم التحفيزية، وإنشاء نظام الضمان الاجتماعي.
وفي الأدب الأمريكي، كانت آثار الكساد واضحة في العديد من الأعمال الأدبية، أبرزها روايات جون ستاينبيك مثل "عناقيد الغضب" و "فئران ورجال" التي جسّدت معاناة الناس أثناء تلك الفترة.
التغيرات السياسية والاقتصادية في أمريكا بسبب أزمة الكساد العظيم 1929
أدى الكساد الكبير إلى تحولات سياسية جذرية في الولايات المتحدة، حيث إن هربرت هوفر الذي واجه الانتقادات بسبب فشله في إدارة الأزمة، خسر الانتخابات أمام فرانكلين روزفلت في عام 1932 بفارق كبير، ليقدّم روزفلت الصفقة الجديدة، وهي مجموعة من البرامج الاقتصادية التي تضمنت معونات وإصلاحات تهدف إلى إعادة الإنعاش الاقتصادي، لكنها لم تُؤدِ إلى إنعاش كامل أو سريع كما كان يُتوقع.