سر فشل الذكاء الاصطناعي في حل المسائل الرياضية .. اعرف الأسباب
لقد أحدثت النماذج اللغوية الكبيرة تحولاً جذريًا في مجال الذكاء الاصطناعي، إذ ساهمت في تطوير تقنيات أصبحت جزءًا لا يتجزأ من حياتنا اليومية، فهي لا تزال تذهلنا بقدرتها على توليد نصوص إبداعية، مثل الشعر والقصص، وتلخيص الكتب، وتبسيط المعلومات المعقدة، كما أنها أثبتت كفاءتها في الإجابة عن استفسارات متنوعة بطلاقة تقترب من طلاقة الإنسان، ويرصد لكم موقع الأيام المصرية التفاصيل في السطور التالية.
ومن أحدث النماذج اللغوية روبوتات الدردشة الشهيرة، Chat GPT من شركة OpenAI، وGemini من جوجل، حيث تعد نماذج بارزة في هذا المجال، من حيث تقدم تجارب محادثة طبيعية وفعالة.
محدودية النماذج اللغوية في التعامل مع المسائل الرياضية
على الرغم من الإنجازات المذهلة التي حققتها هذه النماذج، إلا أنها لا تزال تواجه صعوبات في بعض المجالات، مثل حل المسائل الرياضية، فعلى سبيل المثال، يظهر نموذج "Claude" من شركة Anthropic عدم كفاءة في حل المسائل الكلامية، بينما يخفق نموذج "Gemini" في التعامل مع المعادلات التربيعية، ويواجه "Llama" من ميتا صعوبات في العمليات الحسابية الأساسية.
لكن كيف يمكن لنماذج قادرة على إنتاج نصوص إبداعية معقدة أن تعجز عن إجراء حسابات يتقنها طلاب المدارس؟
أسباب فشل النماذج في الرياضيات
لفهم هذا القصور، يجب أولًا استيعاب كيفية عمل النماذج اللغوية، توصف بأنها "ببغاوات عشوائية"، وهو مصطلح صاغته الباحثة إميلي بندر من جامعة واشنطن، وتعمل هذه النماذج عن طريق تقليد الأنماط اللغوية التي تعلمتها من كميات هائلة من البيانات النصية، إلا أنها لا تفهم المعنى العميق وراء الكلمات والرموز التي تُعالجها.
أحد الأسباب الرئيسة لفشل هذه النماذج في الرياضيات هو طريقة تقسيم النص إلى وحدات أصغر تُسمى “Tokens”، بينما تكون هذه الطريقة فعالة في فهم النصوص اللغوية، إلا أنها غير مناسبة تمامًا عند التعامل مع الأرقام والمعادلات الرياضية.
نقص الفهم الرياضي والاعتماد على الأنماط
تعتمد النماذج اللغوية على الإحصاءات للتنبؤ بالكلمة أو الرمز التالي، مما يجعلها عرضة للأخطاء عند التعامل مع الرياضيات، على سبيل المثال، إذا طلب من ChatGPT حساب حاصل ضرب عددين كبيرين، سيعتمد على الأنماط اللغوية بدلاً من الخوارزميات الرياضية الدقيقة، ونتيجة لذلك، قد ينتج إجابات غير صحيحة بسبب التبسيط المفرط للعمليات الرياضية.
أظهرت دراسات أن هذه النماذج تواجه صعوبات خاصة عندما يتعلق الأمر بعمليات الضرب الكبيرة، وعلى سبيل المثال، نموذج GPT-4o يحقق دقة أقل من 30% في العمليات الحسابية التي تتضمن أعدادًا مكونة من أربعة أرقام أو أكثر.
هل يمكن تطوير القدرات الرياضية للنماذج اللغوية؟
رغم هذا القصور، هناك تطورات واعدة في هذا المجال، أظهرت دراسة حديثة أجراها الباحث يونتيان دينج من جامعة واترلو أن النماذج الجديدة، مثل GPT-o1، قد تمكنت من تحسين أدائها في العمليات الرياضية المعقدة، فعلى سبيل المثال، استطاع هذا النموذج حل مسائل ضرب معقدة بشكل صحيح في نصف الوقت مقارنةً بالنماذج السابقة.
يعتقد دينج أن النماذج اللغوية قادرة على تحسين أدائها بمرور الوقت، ويشير إلى أن بعض المشكلات الرياضية، التي تعتمد على خوارزميات واضحة، قد تصبح قابلة للحل بدقة باستخدام هذه النماذج في المستقبل القريب.
مستقبل النماذج اللغوية الكبيرة
يعبر التقدم الملحوظ في قدرات النماذج اللغوية عن إمكانياتها الكبيرة في التطور السريع، وهذه الإمكانيات قد تؤدي إلى ثورة جديدة في مجالات متعددة، مثل التعليم والبحث العلمي، ومع ذلك، لا يزال هناك الكثير من العمل لتحسين قدرتها في التعامل مع جميع جوانب الحياة، بما في ذلك الرياضيات.
تشير التحديات التي تواجهها النماذج اللغوية الكبيرة إلى أن الذكاء الاصطناعي لا يزال في مرحلة التطور، وأن هذه النماذج تحتاج إلى مزيد من التحسين لتصبح أكثر دقة في المهام الرياضية، ولكن مع استمرار البحث والتطوير، قد نشهد قريبًا حلولًا جديدة تساعد هذه النماذج على منافسة البشر في جميع المجالات، بما في ذلك الرياضيات.