الذكاء الاصطناعي والأسلحة البيولوجية .. تهديد محتمل أم مبالغة؟
مع التقدم الكبير في مجال الذكاء الاصطناعي وتوسّع نطاق تطبيقاته في مجالات عديدة، بدأ البعض يثير تساؤلات حول إمكانية استخدام الذكاء الاصطناعي في تطوير أسلحة بيولوجية قاتلة، وهذا السؤال يثير مخاوف أخلاقية وسياسية وأمنية عميقة تتعلق بإمكانية تسخير التقنيات الحديثة لأغراض ضارة، ويوافيكم موقع الأيام المصرية التفاصيل في السطور التالية.
استخدام الذكاء الاصطناعي في تصميم أسلحة بيولوجية
على الرغم من أن الذكاء الاصطناعي يستخدم حاليًا في مجالات طبية متقدمة، مثل تطوير الأدوية وتشخيص الأمراض بدقة أكبر، إلا أن هناك سيناريوهات مستقبلية، وإن كانت افتراضية حتى الآن، وتشير إلى إمكانية استغلال هذه القدرات في تصميم أسلحة بيولوجية، وفي هذا السياق، يتساءل البعض عما إذا كان الذكاء الاصطناعي قادرا على تسهيل تصميم كائنات بيولوجية ممرضة أو تطوير فيروسات وأمراض يمكن أن تُستخدم كسلاح في المستقبل.
كيف يمكن استخدام الذكاء الاصطناعي في تصميم أسلحة بيولوجية
التخوفات تكمن في إمكانية استغلال الذكاء الاصطناعي في تحليل قواعد البيانات البيولوجية المعقدة بشكل أسرع وأكثر دقة من البشر، مما يفتح الباب لتصميم فيروسات أو بكتيريا معدلة جينيًا قد تكون أكثر فتكًا أو مقاومة للعلاجات الحالية. في سيناريوهات كهذه، قد يتمكن الذكاء الاصطناعي من تحديد نقاط الضعف في أنظمة المناعة البشرية أو تطوير مواد بيولوجية تمتلك قدرة على الانتشار السريع وإحداث تأثيرات واسعة النطاق.
كما أن الذكاء الاصطناعي قد يساعد في تسريع عملية الابتكار البيولوجي بفضل قدرته على التعامل مع كميات ضخمة من المعلومات وتحليلها بسرعة، ومن حيث المبدأ، يمكن للذكاء الاصطناعي تحديد تركيبات جينية أو بروتينات معينة قد تزيد من فعالية الفيروسات أو تجعلها أكثر مقاومة للظروف البيئية، مما يزيد من خطر استخدامها كسلاح.
قيود الذكاء الاصطناعي
رغم هذا الخوف المحتمل، هناك عوامل تجعل هذا السيناريو غير مرجح في الوقت الحالي.
- الذكاء الاصطناعي ما زال يعتمد بشكل كبير على البيانات التي يوفرها البشر، ولا يمكنه توليد أو ابتكار أسلحة بيولوجية دون توجيه أو تدخل بشري.
- تطوير أسلحة بيولوجية يتطلب خبرات معقدة تشمل علوم الأحياء والكيمياء والتكنولوجيا الحيوية، وهي مجالات تحتاج إلى مراقبة دقيقة وتنسيق معقد لا يمكن أن يتم عن طريق الذكاء الاصطناعي وحده.
- علاوة على ذلك، يوجد إجماع عالمي على حظر الأسلحة البيولوجية بموجب اتفاقيات دولية مثل "اتفاقية الأسلحة البيولوجية والتكسينية" التي دخلت حيز التنفيذ عام 1975، وهذه الاتفاقيات تهدف إلى منع استخدام البيولوجيا كأسلحة وتؤكد على أهمية تعزيز التعاون الدولي للحد من تطوير هذه الأسلحة.
التحديات الأخلاقية والأمنية
استخدام الذكاء الاصطناعي في مجالات التكنولوجيا الحيوية يثير تساؤلات أخلاقية كبيرة، وفي حال استخدمت هذه التكنولوجيا لتطوير أسلحة بيولوجية، فإنها قد تؤدي إلى عواقب كارثية على البشرية، وتتطلب مواجهة هذه التحديات تعزيز التعاون بين الدول وتطوير معايير وقوانين دولية جديدة لضمان أن يتم استخدام الذكاء الاصطناعي في الأغراض السلمية فقط.
في الوقت نفسه، على الحكومات والمؤسسات العلمية أن تبقى متيقظة تجاه أي محاولات لاستغلال الذكاء الاصطناعي في أغراض ضارة، وينبغي أن يكون هناك شفافية ومراقبة مستمرة للتقدم التكنولوجي في هذا المجال، مع وضع ضوابط صارمة على أي بحوث قد تؤدي إلى نتائج خطيرة.
وفي نهاية، لا يزال الذكاء الاصطناعي أداة بيد البشر، ويمكن توجيهها إما نحو الخير أو الشر، بينما يحمل هذا المجال إمكانيات هائلة لتحسين حياة البشر، يجب أن يظل الحذر حاضرًا لضمان عدم انحراف هذه التقنية نحو تهديد وجودي مثل الأسلحة البيولوجية لذا، من الضروري أن تعمل الحكومات والهيئات الدولية على تعزيز الأطر التنظيمية والرقابية لضمان استخدام الذكاء الاصطناعي في تحسين حياة البشر وليس العكس.