أزعجني خبر قرار حبس البلوجر سوزي الأردنية، والتي لم تتخطى حاجز الثامن عشر من عمرها، وكنت قد تحدثت عن سوزي في مقال سابق، ووضعت نفسي موضع مقارنة معها، وأنا في نفس عمرها، بالتحديد وأنا في مرحلة شهادة إتمام الثانوية العامة.
وعندما قرأ صديق لي المقال، هاجمني، بأنني قارنت زمنا ووضعا اقتصاديا واجتماعيا مغايرًا تماما، لوضع سوزي وجيلها، اقتصاديا واجتماعيا واقتصاديا.
فتوقفت برهة عند بعض الفقرات، التي هاجمت فيها سوزي الأردنية وجيلها كاملا، إذ اتهمتها أنها فتاة طائشة، تهتم بالمكياج والملابس وكسب التريندات، على حساب الأخلاق والقيم والمبادئ، التي تحلى بها جيلي.
ووجدت حكمي قاسيا بعض الشيء عليها وعلى أقرانها من نفس السن، فالعالم الصاخب من حولنا، والتطور التكنولوجي المرعب، لا بد أن يخلق مثل شخصية سوزي الأردنية، ولا عيب في أن تبحث كما يبحث الكثيرون، عن “التريند”.
وإن كان هناك من يجب محاكمته على تصرفات سوزي وغيرها من التيك توكرز والبلوجرز، فسيكون أولى أن نحاكم العولمة والانفتاح والتطور التكنولوجي، فهي وليدة كل هذا التقدم، وتراجعت فورا عن قراري بأنها فتاة سيئة.
لكن فجعني اليوم خبر قرأته على أحد المواقع الإخبارية، بصدور حكم بـ حبس سوزي الأردنية لمدة عامين، ودفع غرامة 300 ألف، وكفالة 100 ألف جنيه.
صدر الحكم على إثر اتهامها بسب والدها، واستغلال شقيقتها من ذوي الهمم في فيديوهاتها بتطبيقات السوشيال ميديا، فضلا عن تريندها الشهير “آه.. الشارع اللي وراه” والتي أصبحت كلمة معتادة على لسان أغلب شباب الجيل.
لكن لماذا سوزي دون غيرها؟ فلو أننا يجب أن نصدر أحكاما على سوزي، فلا بد أن نصدر الحكم على الظاهرة برمتها وإلا سنكون قُساة الحكم، ومعدومي الضمير، ببساطة لأن سوزي هي مجرد ضحية في مجتمع متذبذب بين التمسك بقيم وتقاليد المجتمع وبين الانفتاح والتقدم السريع والمرعب للتكنولوجيا، الذي نخر هيكل كل الأسر المصرية.
فلا بيت يخلو اليوم من راوتر وشبكة نت سريع، ولا يد تخلو من هاتف بجودة صورة وصوت عالٍ، حتى الأمر تتطور لتجد السيدات والرجال في وسائل المواصلات يقلبون النظر بين صفحات اللاشيء، يبحثون عن جدوى الحياة.