الأحد 24 نوفمبر 2024
الايام المصرية
رئيس التحرير
رضـــا حبيشى
رئيس التحرير
رضـــا حبيشى

بعد أزمة فتوى الحجر على الأب .. أحمد كُريمة: الفتوى تحولت إلى مهنة

الدكتور أحمد كريمة
الدكتور أحمد كريمة

فتوى الحجر.. علق الدكتور أحمد كريمة، أستاذ الفقه المقارن والشريعة الإسلامية بجامعة الأزهر الشريف، على فتوى الشيخ محمد أبو بكر جاد الرب، بشأن الحجر على الأب، بأن الفتوى الفقهية من المسؤوليات الدينية الحساسة التي تتطلب علمًا متخصصًا.

وأضاف في تصريح خاص لموقع "الأيام المصرية"، أن الله عز وجل حذر من الإفتاء بغير علم في قوله: {وَلَا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَٰذَا حَلَٰلٌ وَهَٰذَا حَرَامٌ لِتَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لَا يُفْلِحُونَ}، كما حذر الرسول -صلى الله عليه وسلم- من ذلك في قوله "أجرأكم على الفتيا أجرأكم على النار".

وأكد أن الصحابة رضوان الله عليهم كانوا يتهيبون الإفتاء، وكان الواحد منهم يحب أن أخاه يكفيه مؤنة الإفتاء كما كان يفعل سيدنا عمر مع سيدنا علي رضي الله عنهما. 

حكم الحجر على الأب

عالم أزهري: ليس كل من ينتمي للأزهر الشريف مؤهلاً للإفتاء

ولفت "كريمة" إلى أن التخصص الفقهي مطلوب لضمان الفهم الصحيح للنصوص الشرعية، مستشهدًا بقوله تعالى: {وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَىٰ أُوْلِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنبِطُونَهُ مِنْهُمْ}، وقوله تعالى: {فَلَوْلَا نَفَرَ مِن كُلِّ فِرْقَةٍۢ مِّنْهُمْ طَآئِفَةٌۭ لِّيَتَفَقَّهُوا۟ فِى ٱلدِّينِ وَلِيُنذِرُوا۟ قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوٓا۟ إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ َ}.

واستطرد: ليس كل من ينتمي إلى الأزهر الشريف مؤهلاً للإفتاء، فلابد من وجود التخصص الفقهي أي الشريعة الإسلامية من أصول الفقه وفقه الفروع والفقه المقارن. 

وأوضح أن هناك فوضى عارمة في مجال الإفتاء، حيث يتجرأ بعض الأشخاص على الفتوى دون مؤهلات كافية، ممثلًا لذلك بأن هناك تخصصات في الأزهر لا تؤهل أصحابها للإفتاء، مثل تخصصات التاريخ الإسلامي والعقيدة والفلسفة واللغة العربية وآدابها، مبينًا أن هذه المجالات تصلح لمهام أخرى وليس لها علاقة بالإفتاء.

وواصل أن هناك أيضًا كيانات خارج الأزهر، مثل بعض الجماعات السلفية والشيعية والصوفية التي يتجرأ أتباعها على الفتوى دون علم أو تأهيل كافٍ، مما حول الفتوى إلى مهنة يتدخل فيها من ليس لهم صلة حقيقية بالعلم الشرعي.

حكم الحجر على الآباء؟

وفيما يتعلق بالحجر على الأب، أوضح أستاذ الفقه المقارن أنه لا يمكن الحجر على الأب إلا في حالات خاصة، مثل إسرافه في الأموال على أمور غير مشروعة كالقمار والخمر وغيرها، مؤكدًا أن الأصل هو حرية الإنسان في التصرف في أمواله طالما أنه يحترم حقوق الورثة.

واستدل على ذلك أن النبي -صلى الله عليه وسلم- لما بلغه أن سيدنا سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه مريض ذهب لزيارته، وقال سيدنا سعد يا رسول الله أريد أن أتصدق بثلثي مالي، فقال النبي صلى الله عليه وسلم كثير، قال إذًا الشطر (النصف)، فقال النبي هذا كثير، قال الثلث، فقال صلى الله عليه وسلم والثلث كثير يا سعد، لأن تدع ورثتك أغنياء خير من أن تدعهم عالة يتكففون الناس.

واختتم حديثه بأن الواجب في مثل هذه المسألة، الإرشاد الحكيم بأن ينفق الأب في سبيل الله مع مراعاة حقوق الورثة وليس الحجر عليه، معللًا بأن الحجر يعتبر عقوبة والإنسان لا يعاقب في أعماله الخيرية، لأن الأصل أن الإنسان أثناء حياته حر فيما يملك.

فتوى الشيخ محمد أبو بكر بشأن الحجر على الأب

كان الشيخ محمد أبو بكر، الداعية الإسلامي، تلقى سؤالًا من شخص يشتكي من تصرفات والده المسن، حيث يحصل الوالد على معاش كبير يكفي احتياجاته وزيادة، ولكنه يقوم بإنفاقه بالكامل على الصدقات، دون أن يحتفظ بأي مال لنفسه، مما يجعله يضطر إلى الاقتراض من الآخرين. وفي النهاية، يضطر الأبناء إلى تحمل مسؤولية تسديد تلك الديون، رغم أنهم يواجهون صعوبات مالية، خاصة أن هناك إخوة لم يتمكنوا من الزواج بسبب نقص الموارد.

فاستفسر السائل عن مدى شرعية أخذهم بطاقة المعاش لتلبية احتياجات والدهم المنزلية، وهل يعتبر ذلك تصرفًا حرامًا؟

وفي رده على السؤال، أوضح "أبوبكر" أن الكثير من الناس يسيئون فهم حديث النبي صلى الله عليه وسلم "أنت ومالك لأبيك"، مؤكدًا أن هذا الحديث يأتي بضوابط شرعية واضحة، مشيرًا إلى أن الحالة المطروحة لا تتوافق مع تلك الضوابط.

ونصح الشيخ أبناء هذا الرجل بالنظر في مسألة الحجر على والدهم، إذا صحت روايتهم حول تصرفاته المالية غير المسؤولة، مضيفًا أن الحجر عليه يكون من خلال اللجوء إلى القضاء، والحصول على حكم يتيح للأبناء إدارة أمواله بطريقة تضمن تغطية احتياجاته الأساسية فقط.

وشدد الشيخ أبوبكر على أنه لا يجوز للأبناء التصرف في أموال والدهم أو الحصول على بطاقة المعاش الخاصة به إلا بعد صدور حكم قضائي بالحجر عليه، على أن تُستخدم تلك الأموال فقط لتلبية احتياجاته، مع الاحتفاظ بما يتبقى من معاشه للورثة بعد وفاته، دون إنفاقه على أي غرض آخر.

تم نسخ الرابط