الجمعة 01 نوفمبر 2024
الايام المصرية
رئيس التحرير
رضـــا حبيشى
رئيس التحرير
رضـــا حبيشى

«يطلق نفاثات ضخمة».. ماذا يحدث داخل الثقب الأسود المكتشف حديثًا؟

في اكتشاف علمي غير مسبوق، تمكن العلماء من رصد ثقب أسود هائل يطلق نفاثات ضخمة تمتد لمسافة تبلغ حوالي 23 مليون سنة ضوئية، ما يعد واحدًا من أطول النفاثات التي تم توثيقها في الكون حتى الآن، ويمثل هذا الاكتشاف خطوة جديدة في فهمنا للأجسام الفلكية ذات الكتلة الفائقة وتأثيرها على محيطها الكوني، ويرصد لكم موقع الأيام المصرية التفاصيل خلال السطور التالية.

الثقب الأسود المكتشف يقع في مركز مجرة عملاقة تعرف باسم "مجرة القنطور A" (Centaurus A)، وهي مجرة إهليلجية تبعد حوالي 12 مليون سنة ضوئية عن الأرض، ويشتهر هذا الثقب الأسود، الذي تصل كتلته إلى مليارات الأضعاف من كتلة الشمس، بقدرته على إطلاق تدفقات هائلة من الطاقة عبر نفاثات من الجسيمات التي تتحرك بسرعات تقترب من سرعة الضوء.

الثقب الأسود

ماذا يحدث في قلب هذا الثقب الأسود؟

الظاهرة التي تقود هذه النفاثات العملاقة تنشأ من المادة التي تسقط داخل الثقب الأسود، وعندما تقترب الغازات والمواد من الأفق الحدث، تتسارع بشدة بفعل جاذبية الثقب الأسود وتتشكل قرص دوار من المادة يسمى قرص التراكم، وترتفع درجات الحرارة في هذا القرص إلى ملايين الدرجات، ويولد حقل مغناطيسي قوي يساعد في توجيه كميات كبيرة من المادة والبلازما بعيدًا عن القرص وعلى شكل نفاثات ضخمة تمتد إلى خارج المجرة.

النفاثات الناتجة ليست مجرد انفجارات عشوائية، بل تظهر بنية محددة تمتد على مسافات هائلة عبر الفضاء بين المجري، ويعتقد العلماء أن هذا الامتداد الشاسع يحدث نتيجة للطاقة الهائلة التي يتم توليدها في مركز الثقب الأسود وانتقالها عبر الحقول المغناطيسية التي تمتد عبر المجرة وما بعدها.

تأثير النفاثات العملاقة

النفاثات التي تم رصدها هي واحدة من أطول النفاثات التي تم اكتشافها حتى الآن، حيث تمتد لمسافة 23 مليون سنة ضوئية، مما يعني أنها تتجاوز بكثير حجم المجرة التي تحتوي على الثقب الأسود نفسه، وهذه الظاهرة تمثل مصدرًا رئيسيًا للطاقة والمادة التي تنتشر في الفضاء الفارغ بين المجرات، ويمكن أن تؤثر على كيفية تطور المجرات والمجموعات المجرية المحيطة بها.

الثقب الأسود

تشير الدراسات الحديثة إلى أن هذه النفاثات الضخمة تلعب دورًا حيويًا في تشكيل المجرات وتوزيع المادة في الكون، فهي تعمل على دفع الغازات والمادة من مراكز المجرات إلى الأطراف، مما قد يؤثر على معدلات تكوين النجوم في تلك المناطق.

التحديات في دراسة النفاثات الكونية

رغم أن العلماء تمكنوا من رصد هذه النفاثات العملاقة بفضل التكنولوجيا المتطورة، إلا أن هناك الكثير من الأسئلة التي لا تزال دون إجابة حول كيفية توليد هذه النفاثات وكيفية انتقالها عبر مسافات هائلة في الفضاء، ومن الصعب جدًا دراسة هذه الظواهر بسبب بعدها الشاسع وتعقيد العمليات الفيزيائية التي تحدث بالقرب من الثقوب السوداء.

الثقب الأسود

التلسكوبات الراديوية المتقدمة، ثل تلسكوب "إيفنت هورايزن" الذي ساعد في تصوير أول ثقب أسود، تساهم بشكل كبير في توسيع معرفتنا عن هذه

 الظواهر، وكما أن التلسكوبات الفضائية مثل "تشاندرا" و"هابل" تعمل على تقديم رؤى جديدة حول كيفية تشكل هذه النفاثات وتأثيرها على البنية الكونية.

 

الأهمية المستقبلية للاكتشاف

مع تقدم التكنولوجيا وزيادة قدرات الرصد، من المتوقع أن يتم اكتشاف المزيد من الثقوب السوداء التي تطلق نفاثات ضخمة، مما سيتيح للعلماء فرصة أفضل لفهم العمليات المعقدة التي تحدث في قلب هذه الأجسام الفلكية، وهذه الاكتشافات قد تقدم أدلة مهمة حول تطور المجرات والمجموعات المجرية عبر الزمن الكوني، وربما تساعد في تفسير بعض الظواهر الغامضة مثل المادة المظلمة والطاقة المظلمة، ويظل الثقب الأسود المكتشف ونفاثاته العملاقة لغزًا فلكيًا مثيرًا، يلهم العلماء بمواصلة البحث عن أسرار الكون.

تم نسخ الرابط