ما سر التحركات الدبلوماسية غير الاعتيادية لإدارة بايدن في عمرها الأخير؟
بايدن، ذكر المركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية، أن عملية اتخاذ القرارات السياسية، خصوصًا في المجال الدبلوماسي بالنسبة لإدارة جو بايدن في عمرها الأخير، من العمليات المعقدة للغاية. فالأمر لا يتوقف عند هدف واحد فقط، بل يتطلب أخذ جميع الأبعاد بعين الاعتبار قبل اتخاذ القرار.
تحركات دبلوماسية غير اعتيادية لإدارة بايدن
وأضاف المركز أنه مع اقتراب نهاية ولاية إدارة بايدن، هناك تحركات دبلوماسية نشطة بشكل ملحوظ، وهو ما يبدو غير اعتيادي لحكومة تقترب من نهاية عهدها، فمنذ منذ إعلان بايدن انسحابه من السباق الرئاسي، وتعيين هاريس كمرشح جديد للحزب الديمقراطي، كان من المتوقع أن ينخفض نشاط الإدارة تدريجياً مع اقتراب موعد الانتخابات وتسليم السلطة. أو على الأقل، لم يكن من المتوقع زيادة هذا النشاط، خاصةً في ظل الانتقادات الموجهة لبايدن وإدارته بعدم وجود نشاط كافٍ أو فعال على الصعيد الدولي.
ومن أبرز التحركات الدبلوماسية الأخيرة زيارة مستشار الأمن القومي الأمريكي "جيك سوليفان" إلى بكين في نهاية أغسطس الماضي، هذه الزيارة تعد خطوة بارزة في ظل التنافس المتزايد بين الولايات المتحدة والصين على مختلف الأصعدة.
تكتسب الزيارة أهمية خاصة لعدة أسباب في السطور التالية :
- ساهمت في تشكيل لقاء دبلوماسيا رفيع المستوى بين البلدين، وهو نوع من اللقاءات الذي نادراً ما شهدناه منذ تولى بايدن منصبه.
- تأسيس قناة اتصال لم تُستفد منها بما يكفي في السنوات السابقة.
الوساطة لوقف الحرب في قطاع غزة
كما تتقدم الولايات المتحدة حالياً بفعالية في مشهد المفاوضات، حيث خصصت جزءاً كبيراً من جهودها لتحقيق نجاح العملية. تعمل واشنطن على إيجاد صيغة توافقية ترضي جميع الأطراف المعنية، من خلال محاولة الوصول إلى حلول ترضي الطرفين الرئيسيين في النزاع، بالإضافة إلى ممارسة ضغوطات رسمية وغير رسمية على إسرائيل لقبول شروط الاتفاقية.
كما تسعى الولايات المتحدة إلى ضمان إقناع حماس بالشروط المحددة، من خلال التواصل المستمر مع كل من مصر وقطر. رغم أنه لم يتم التوصل إلى اتفاق نهائي حتى الآن، إلا أن الجهود التي تبذلها الولايات المتحدة في هذا الصدد واضحة وغير قابلة للإنكار.
الولايات المتحدة عائق رئيسًا في عملية التهدئة
رغم بروز الولايات المتحدة في الآونة الأخيرة كقوة دبلوماسية رئيسة، كما أبرزته وسائل الإعلام الغربية، إلا أن هذا النشاط الجديد لا ينبغي نسيان الفترة السابقة التي تميزت بالخمول والسلبية الشديدة من جانب واشنطن تجاه جهود تهدئة الصراع. خلال تلك الفترة، لأن الولايات المتحدة في بعض الأحيان عائقًا رئيسًا أمام محاولات التهدئة، وساندت حق إسرائيل في الرد والدفاع عن نفسها بشكل مطلق في بداية النزاع، وساهمت في نشر المعلومات المضللة التي تروجها قوات الاحتلال، مما فاقم الاحتقان.
علاوة على ذلك، استخدمت واشنطن حق النقض الفيتو من أجل تعطيل مقترحات مجلس الأمن لوقف إطلاق النار، وضغطت بشكل غير مباشر على أي طرف حاول تهدئة الوضع أو ممارسة الضغط على إسرائيل.
ومع ذلك، بدأ الموقف الأمريكي في التحول تدريجيًا نحو الضغط على إسرائيل لقبول وقف إطلاق النار وبدء المفاوضات بشأن المرحلة التالية. إلى جانب ذلك، تعمل واشنطن على وضع رؤية لمرحلة ما بعد وقف إطلاق النار، تسعى لدفعها نحو الاتفاق بمجرد التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار وتبادل الأسرى. هذا التحول في السياسة الأمريكية بدأ قبل انسحاب بايدن من سباق الانتخابات، لكنه برز بشكل واضح وجعل واشنطن تتصدر مشهد الوساطة في المفاوضات بعد انسحابه.
تفسير حركة الولايات المتحدة في الآونة الأخيرة
يشير المركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية إلى يمكن النظر إلى التحركات الأخيرة لواشنطن، سواء في الصين أو في الشرق الأوسط، على أنها خطوات ضرورية وملحة، حيث إن التنافس بين الولايات المتحدة والصين يشمل جميع المجالات الاقتصادية والبيئية والعسكرية، والسياسية.
وتبين المؤشرات أن الصين قد حققت تفوقاً واضحاً في هذا التنافس، حتى في المجالات التي تُعتبر جديدة نسبياً عليها، مثل القيادة السياسية العالمية، وهذا النجاح يعكس قدرة الصين على التفوق في مجالات أخرى أيضاً، مما يجعل من الضروري بالنسبة للولايات المتحدة أن تنتقل من المنافسة إلى التعاون الحقيقي. هذا التعاون يمكن أن يحول المنافسة إلى علاقة ودية تعود بالنفع على كلا الطرفين وتدفعهما نحو التقدم المشترك.