انفجار أجهزة "بيجر" في لبنان.. لغز أمني وتطور تقني يثير التكهنات
بدأت السلطات التايوانية تحقيقات واسعة مع شركة "جولد أبولو" المصنعة لأجهزة الأجهزة الاتصال "بيجر"، وذلك بعد وقوع انفجارات في لبنان أمس الثلاثاء 17 سبتمبر، مما أسفر عن سقوط قتلى وجرحي معظمهم من كوادر "حزب الله".
وفي إطار تلك الأحداث يرصد لكم موقع الأيام المصرية كل التفاصيل المتعلقة بالحادث، حيث جاء بلاغًا من وسائل الإعلام اللبنانية يفيد أن أجهزة "بيجر" المنفجرة هي من طراز AR-924، التي تستخدم بشكل رسمي بين عناصر "حزب الله" اللبناني.
استهداف مباشر أم خلل تقني؟
جاءت الانفجارات لتلقي بظلالها على المشهد الأمني في لبنان، حيث أوقعت خسائر كبيرة في صفوف "حزب الله"، فحسب إحصائيات أولية اعلن وزير الصحة اللبناني أن هناك 2800 إصابة من بينهم السفير الإيراني في لبنان، بالإضافة إلى مقتل 10 أشخاص، بينهم طفلة وسيدة ونجل النائب في "حزب الله" علي عمار، كما أشارت المعلومات إلى وجود 200 إصابة في حالة حرجة، وشملت الإصابات نجل النائب في "حزب الله" حسن فضل الله، ونجل مسؤول الارتباط والتنسيق في الحزب، وفيق صفا.
والملفت أن الإصابات تركز بشكل كبير في الأصابع والعيون، مما يشير إلى طبيعة الانفجار الذي يبدو أنه كان موجهًا بشكل دقيق ومقصود، إلا أن أسباب هذا الانفجار لا تزال محل الجدل، حيث تضاربت التفسيرات بين احتمالية التلاعب بالأجهزة وبين استهداف متعمد باستخدام تقنية عالية الدقة.
ما هو جهاز بيجر، ولماذا يستخدمه حزب الله؟
البيجر، هو جهاز اتصال لاسلكي صغير تم تطويره في الستينيات للاستخدام في حالات الطوارئ، ويعمل الجهاز عبر إرسال إشارات رقمية عبر موجات الراديو لإخطار الطرف الثاني بأن أحد حاول الاتصال به، ويمكنه أيضًا إرسال رسائل نصية قصيرة، وكان ذلك قبل حقبة ظهور الهواتف المحمولة، وكان البيجر شائعًا بين الأطباء وموظفي خدمات الطوارئ كما تم استخدامه في المجالات العسكرية والأمنية.
يحتفظ حزب الله بهذه الأجهزة لاعتبارات أمنية، حيث يعتبرها أكثر أمانُا نسبيًا ن الاختراقات السيبرانية والتجسس، والتي غالبًا ما ترتبط بالهواتف الذكية، ويعتقد أن البيجر" كجهاز غير متصل بالإنترنت أقل عرضة للقرصنة السيبرانية، مما يجعله خيارًا استراتيجيًا للحزب.
فرضيات الانفجار: اختراق تقني أم هي عبوات ناسفة؟
لم تتضح بعد الأسباب الفعلية للانفجار، ولكن هناك عدة فرضيات حول كيفية تنفيذ مثل هذا الهجوم، وإحدى النظريات تشير إلى أن شريحة معينة زرعت في أجهزة البيجر" وتم تفعيلها عبر موجات الراديو المرسلة من طائرات مسيرة، وهذه الموجات قد تكون أدت إلى رفع حرارة البطارية، مما تسبب في انفجار الجهاز.
نظرية أخرى تتحدث عن إمكانية إدخال برمجيات خبيثة في الأجهزة، حيث قال مسؤولين أمريكيون لصحيفة "نيويورك تايمز" إن الأجهزة البيجر" المتفجرة تم العبث بها قبل وصولها إلى لبنان، وأن موادًا منفجرة زرعت بداخلها بكمية تصل إلى أونصة أو أثنين ( أونصة تعادل 28 مل)، وهذه البرمجيات قد تكون رفعت الحرارة البطاريات مما أدى إلى انفجارها، كما أفادت شركة "لوبك إنترناشيونال" الأمنية.
ومن جهة أخرى رجح رجل الاستخبارات الأمريكية السابق إدوارد سنودن" أن تكون هذه الانفجارات ناجمة عن عبوات ناسفة، حيث قال إن التفسير الأكثر ترجيحًا هو استخدام عبوات ناسفة مدمجة، بدلًا من اختراق تقني أو تسخين البطاريات، والدليل على ذلك أن الانفجارات حدثت في نفس التوقيت وأدت إلى إصابات خطيرة.
غموض وتكهنات الحرب الالكترونية
الحرب الإلكترونية في الواجهة تجعل هذه الأحداث من الصعب تحديد السبب الحقيقي للانفجار، ووسط تضارب المعلومات والتكهنات، تعكف السلطات التايوانية الأن على التحقيق مع شركة "جولد أبولو" لتقديم تفاصيل حول إنتاج الأجهزة وسبل بيعها، في حين لم تعلن إسرائيل رسميًا عن تبنيها لهذه العملية، إلا أن "حزب الله" وجه أصابع الاتهام إليها، محملًا إياها المسؤولية ولقبتها بـ"العدوان الإجرامي".
وتأتي هذه الأحداث لتبرز دور استخدام الحرب الإلكترونية في النزاعات المعاصرة، حيث يتم استغلال التكنولوجيا الحديثة لشن هجمات معقدة دون الحاجة إلى مواجهة مباشرة، سواء باستخدام عبوات ناسفة أو برمجيات خيبة، فكل هذه الوسائل تكشف عن مدى سيطرة التكنولوجيا الحديثة، وما يمكن أن يحدثه جهاز "بيجر" من تأثيرات هائلة.
مازال الغموض يكتنف حادثة انفجار أجهزة البيجر في لبنان، وما اذا كانت هذه العملية قامت عن طريق عبوات ناسفة أم هي عملية ناتجة عن حرب إلكترونية، وتثير هذه الحادثة العديد من التساؤلات حول مستقبل الصراح في المنطق، وهل تقف عند هذا أم تشمل حرب على نطاق أوسع؟، لكن من المؤكد أن العواقب لن تكون بسيطة، وأن المشهد قد يتطور بشكل غر متوقع في الفترة القادمة.