الثلاثاء 11 مارس 2025
الايام المصرية
رئيس التحرير
رضـــا حبيشى
رئيس التحرير
رضـــا حبيشى

من هو رون ديرمر؟.. إسرائيلي يصر على نقل الفلسطينيين إلى سيناء| خاص

من هو رون ديرمر
من هو رون ديرمر

برز اسم رون درمر، وزير الشؤون الاستراتيجية في إسرائيل، وأقرب مستشاري بنيامين نتنياهو السياسيين، بشكل كبير في الآونة الأخيرة، بعد إعلان مكتب نتنياهو تكليفه بقيادة الوفد الإسرائيلي في مفاوضات المرحلة الحالية بشأن الأوضاع في غزة، ليحل محل رؤساء الموساد والشين بيت، ديدي بارنيا ورونين بار.

ويثير هذا التعيين العديد من الأسئلة حول دوافع اختيار درمر تحديدًا، واستبعاد قادة الأجهزة الأمنية الإسرائيلية. ومع ذلك، يبدو أن نتنياهو قد أصاب أكثر من هدف بحجر واحد.

ويقدم موقع الأيام المصرية، خلال السطور التالية، التفاصيل حول مستشار نتنياهو، رون درمر، والقصة الكاملة حول علاقته بتهجير الفلسطينيين إلى سيناء.

من هو رون ديرمر ؟

رون ديرمر من أصل ألماني من جهة والده، الذي وُلد في نيويورك لعائلة هاجرت إلى الولايات المتحدة، ومن أصل ألماني وبولندي من جهة والدته، التي وُلدت في فلسطين خلال الانتداب البريطاني لأبوين هاجرا من ألمانيا وبولندا قبل الحرب العالمية الثانية. 

بعد نكبة فلسطين، انتقلت عائلة والدته إلى فلوريدا، حيث التقى والده بوالدته وتزوجها. وُلد رون في فلوريدا عام 1971 وقضى طفولته وشبابه هناك.

من هو رون ديرمر

درس درمر في مدرسة دينية يهودية صارمة في ميامي بيتش، حيث نشأ كداعم قوي لإسرائيل. جعلته دراسته هناك حريصًا على زيارة إسرائيل عدة مرات. ثم درس الاقتصاد والإدارة في جامعة بنسلفانيا، تلاه دراسة الفلسفة والعلوم السياسية في جامعة أكسفورد في المملكة المتحدة عام 1993. خلال فترة دراسته في أكسفورد.

وكان دايرمر رئيسًا لجمعية طلابية يهودية تحمل اسم "لحايا"، وكانت سنواته في أكسفورد ونشاطه السياسي هناك دفعاه للانخراط في عالم السياسة الإسرائيلية، حيث أصبح نشطًا في الحزب القومي اليميني "إسرائيل بعليا"، الذي كان يقوده في ذلك الوقت ناتان شارانسكي (الذي اندمج الحزب في الليكود عام 2006).

أصبح اسم درمر بارزًا في الحزب، خاصة خلال انتخابات 1996 في إسرائيل عندما فاز نتنياهو برئاسة الحكومة لأول مرة. بعد تخرجه، هاجر إلى إسرائيل عام 1997، واكتسب الجنسية الإسرائيلية، وتزوج. 

ويقال إن شارانسكي قدم ديرمر إلى نتنياهو في وقت مبكر من مسيرة نتنياهو السياسية. نتيجة لذلك، كانت العلاقة بين نتنياهو ودامر طويلة ورافقه طوال مراحل حياته السياسية في إسرائيل، مما جعله أحد أقرب الشخصيات إلى نتنياهو، وأطلق عليه لقب "ظل نتنياهو".

ديرمر يتخلى عن الجنسية الأمريكية لينضم إلى نتنياهو 

هذا المؤيد الشديد للاحتلال الإسرائيلي تخلى حتى عن جنسيته الأمريكية الأصلية عام 2005 ليشغل منصب الملحق الاقتصادي في السفارة الإسرائيلية في واشنطن، وهو منصب كان نتنياهو، الذي كان وزيرًا للمالية في ذلك الوقت، قد أوصى به.

بعد عودته إلى إسرائيل عام 2008، لعب درمر دورًا مهمًا في حملة نتنياهو الانتخابية، مما ساهم في عودة نتنياهو إلى رئاسة الحكومة الإسرائيلية في 2009. 

من هو رون ديرمر

وعين نتنياهو درمر مستشارًا شخصيًا له، مما حوله إلى شخصية قوية وذات تأثير، حتى أن درمر كان يكتب خطب نتنياهو. هذا أدى إلى تكليف نتنياهو له بمهمة حساسة، وهي منصب السفير الإسرائيلي في واشنطن، الذي تفوق فيه درمر بفضل علاقاته الواسعة في الأوساط الأمريكية.

في هذه المرحلة، أصبحت علاقات درمر مع الجناح المحافظ في الولايات المتحدة أمرًا بالغ الأهمية، حيث بنى شبكة واسعة من العلاقات مع شخصيات مرتبطة بالحزب الجمهوري. ستقدمه هذه الشبكة لاحقًا إلى الرئيس دونالد ترامب خلال ولايته الأولى. أعجب ترامب بدرمر بعد أن تعلم عن دوره الكبير في توجيه السياسة الإسرائيلية نحو الولايات المتحدة، وخاصة دوره في كتابة خطاب نتنياهو الشهير أمام الكونغرس الأمريكي في عام 2015 خلال إدارة أوباما. أثار الخطاب أزمة دبلوماسية بين إدارة أوباما وإسرائيل بعد أن حث نتنياهو الولايات المتحدة على التخلي عن اتفاقها النووي مع إيران، وهو ما كان يتماشى تمامًا مع الجمهوريين، وخاصة ترامب.

جعلت هذه الصلة درمر شخصية رئيسية في السياسة الإسرائيلية خلال رئاسة ترامب. من خلال روابطه السياسية والتجارية والاجتماعية المتعددة، لعب درمر دورًا مركزيًا في تسهيل عدة مبادرات هامة، مثل اعتراف ترامب بالقدس عاصمة لإسرائيل ونقل السفارة الأمريكية إليها في 2017، وكذلك الاعتراف بضم إسرائيل هضبة الجولان، والمساعدة في التوسط في اتفاقات أبراهام مع الدول العربية في 2020.

رون ديرمر صندوق نتنياهو الأسود 

مع وصول حكومة نتنياهو الثانية، قرر نتنياهو تعيين صديقه المخلص درمر وزيرًا للشؤون الاستراتيجية. تم إنشاء هذه الوزارة في 2006 خلال حكومة إيهود أولمرت لتلبية مطالب أفيغدور ليبرمان، وقد تطورت لتصبح أداة أساسية للحكومات المتعاقبة من حزب الليكود، للتعامل مع قضايا حساسة مثل حركة المقاطعة BDS والعلاقات العامة مع مؤسسات المجتمع المدني.

تحت قيادة درمر، أصبحت الوزارة أداة فعالة في الدبلوماسية وراء الأبواب المغلقة، حيث تقوم بإجراء مفاوضات سرية. أصبح نتنياهو يعتمد على درمر بشكل كبير لدرجة أنه منح له مقعدًا دائمًا في المجلس الوزاري المعني بإدارة حرب غزة منذ 7 أكتوبر 2023  وهي ميزة لم تُمنح حتى للوزراء في المناصب الأمنية الحيوية، مثل وزارة الأمن القومي تحت إشراف إيتامار بن غفير.

من هو رون ديرمر

من خلال النظر في هذه الحقائق، تتضح أسباب اختيار نتنياهو لدرمر لقيادة المفاوضات في هذه المرحلة الحاسمة من المباحثات، على حساب رؤساء الموساد والشين بيت.

في المرحلة الأولى من المفاوضات، كان نتنياهو، الذي كان يتعرض لضغط من مبعوث ترامب، ستيفن ويتكوف، مضطراً للاتفاق على الصفقة. مع تعيين درمر، من المرجح أن يسعى نتنياهو لاستعادة السيطرة الكاملة على المفاوضات في المرحلة الثانية.

يشير اختيار درمر إلى نية نتنياهو التحكم في مفاتيح التفاوض، حيث يمكن اعتبار درمر نسخة من نتنياهو نفسه. وقد أثار هذا مخاوف لدى عائلات الأسرى الإسرائيليين، الذين عبروا عن قلقهم من هذا الاختيار بعد أن قال لهم درمر خلال لقاء إنه لن يدعم أي اتفاق ينهي الحرب دون ضمان التدمير الكامل لحماس، مكررًا خطاب نتنياهو نفسه حرفيًا.

من جهة أخرى، يأمل نتنياهو في تخفيف الضغط الأمريكي عليه، إذ يُنظر إلى درمر كشخصية محبوبة لدى ترامب. وقد صرح درمر علنًا أن ترامب ألهمه لدراسة الاقتصاد وإدارة الأعمال في جامعة بنسلفانيا بعد أن قرأ أحد كتب ترامب عن إدارة الأعمال.

وبذلك، يرى نتنياهو في قيادة درمر لفريق التفاوض وسيلة لتخفيف الضغط الأمريكي عليه، حيث يُعد درمر رابطًا وثيقًا بين نتنياهو وترامب.

في الوقت نفسه، يشير تعيين درمر إلى لحظة حاسمة في الصراع المستمر بين نتنياهو والأجهزة الأمنية الإسرائيلية، حيث ترى الأخيرة في تهور نتنياهو تهديدًا للمشروع الاستعماري بأسره. 

ومع ذلك، يعتقد نتنياهو أن تعيين حليفه المقرب في رأس التفاوض، بتأييد ترامب، سيساعده في كسب النقاط ضد الأجهزة الأمنية، بينما يتم استبعادها فعليًا من عمليات اتخاذ القرار الرئيسية بشأن الحرب.

من هو رون ديرمر

القلق الحقيقي هنا هو أن قرار نتنياهو بتعيين درمر يعني أنه يريد السيطرة على المفاوضات بنفسه، دون رغبة حقيقية في نجاحها، أو إذا حدث ذلك، فسيكون فقط وفقًا لشروطه دون تسويات مؤلمة، إذ يثق في قدرة درمر على تخفيف الضغط الأمريكي مع الحفاظ على مصالح نتنياهو في المقدمة، خاصة بالنظر إلى حماسة درمر للحرب.

يجب أن نتذكر أيضًا أن درمر كان أول من صمم فكرة نقل الفلسطينيين من غزة قسرًا عن طريق البر والبحر في بداية الحرب، وقد حاول الترويج لهذه الفكرة للإدارة الأمريكية عدة مرات. يشير تعيينه إلى أن نتنياهو عازم على تنفيذ خطة الترحيل بأي ثمن.

يضع هذا المفاوض الفلسطيني تحت ضغط هائل في المرحلة الثانية من المفاوضات، حيث سيواجهون طرفًا واحدًا بل اثنين كلاهما ملتزمان بفرض الاستسلام بالقوة وطرد الفلسطينيين من غزة بشكل دائم.

يجب على المفاوض الفلسطيني أن يفهم تمامًا رهانات ما يريده نتنياهو، وظله درمر، أو ترامب وحلفاؤهم، وفي الوقت نفسه، أن يثق في أنه يمتلك النفوذ اللازم لفرض رؤيته الخاصة.

تم نسخ الرابط