الايام المصرية
رئيس التحرير
رضـــا حبيشى
رئيس التحرير
رضـــا حبيشى

معاوية بن أبي سفيان، صحابي جليل، كاتب وحي، وقائد سياسي وإداري فذ.. شخصية محورية في التاريخ الإسلامي، لا يزال الجدل حولها مستمرًا حتى يومنا هذا، فمن هو معاوية؟ وما هي إنجازاته التي تستحق أن نتوقف عندها؟

كان معاوية رضي الله عنه من صحابة النبي صلى الله عليه وسلم، وقد أسلم قبل فتح مكة، وكان من كتاب الوحي، وهذا دليل على مكانته وثقة النبي صلى الله عليه وسلم به، وإن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم هم خير القرون، وقد اختارهم الله تعالى لصحبة نبيه، ونصرة دينه، وحمل رسالته، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: "خير الناس قرني، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم". 

وإن معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه هو أحد هؤلاء الصحابة الأجلاء، الذين نالوا شرف صحبة النبي صلى الله عليه وسلم، وشهدوا نزول الوحي، وشاركوا في الفتوحات الإسلامية، وإننا نجل ونحترم كل من شهد النبي صلى الله عليه وسلم، حتى ولو كان حيوانًا، فكيف بمن كان من أصحابه الذين آمنوا به، ونصروه، وضحوا بأنفسهم وأموالهم في سبيل الله؟ فمن أنتم أيها المشككون، حتى تجرؤوا على مهاجمة صحابي جليل مثل معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه؟

تولى ولاية الشام في عهد عمر وعثمان رضي الله عنهما، وأظهر كفاءة عالية في إدارة هذا الإقليم الهام، وحافظ على استقراره وأمنه، وقام بفتوحات واسعة في عهده.

بعد استشهاد عثمان رضي الله عنه، دخلت الأمة الإسلامية في فترة فتنة عصيبة، وكان لمعاوية رضي الله عنه دور بارز في هذه الفترة.. اجتهد معاوية رضي الله عنه في الحفاظ على وحدة المسلمين، وسعى إلى تحقيق العدل والاستقرار، وقد تمكن من توحيد الأمة الإسلامية بعد فترة من الانقسامات.

أسس معاوية رضي الله عنه الدولة الأموية، وقام بتطوير النظام الإداري، وأنشأ الدواوين لتنظيم شؤون الدولة، واهتم بتنظيم الشرطة والأمن، وشجع التجارة، وطور البنية التحتية، ونظم البريد، وقد وصلت الدولة الإسلامية في عهده إلى أقصى اتساع لها، ففتحت شمال أفريقيا، ووصلت إلى حدود الهند.

كان معاوية رضي الله عنه يتمتع بصفات قيادية فذة، فكان حليمًا، سياسيًا محنكًا، كريمًا جوادًا، فصيحًا بليغًا، وقد استطاع بحكمته وحنكته أن يدير الدولة الإسلامية في فترة صعبة، وأن يحقق إنجازات عظيمة.

قد يختلف البعض مع بعض مواقف معاوية رضي الله عنه، ولكن لا يمكن إنكار دوره العظيم في خدمة الإسلام والمسلمين. لقد كان معاوية رضي الله عنه قائدًا ملهمًا، ورجل دولة من الطراز الرفيع، وقد ترك بصمة واضحة في التاريخ الإسلامي، وإننا إذ نذكر معاوية رضي الله عنه، فإننا نذكر صحابيًا جليلًا، شهد الوحي، وشارك في الفتوحات، وقاد الأمة بحكمة وعدل. 

وكما قال حسان بن ثابت رضي الله عنه:
وأفضلُ منكم لم ترَ قطُّ عيني، وأجملُ منكم لم تلدِ النّساءُ
خُلقتُم مُبرَّئينَ من كلِّ عَيبٍ، كأنّكمُ خُلقتُم كما تَشاءُ
فمن أنتم أيها المشككون، أمام هؤلاء القادة العظام؟ هل قدمتم للأمة ما قدموه؟ هل حققتم ما حققوه؟
دعونا ننظر إلى التاريخ بموضوعية وإنصاف، ونقدر جهود الرجال الذين خدموا الإسلام والمسلمين، وكما قال الإمام الشافعي رحمه الله:
إذا نال أصحابي لساني بشتيمةٍ، فإني عنهم باللسانِ مُضاربُ
أدافعُ عنهم باللسانِ وبالحشا، وأبذلُ فيهم طاقتي وما أُغالبُ

تم نسخ الرابط