الايام المصرية
رئيس التحرير
رضـــا حبيشى
رئيس التحرير
رضـــا حبيشى

إن من جوهر الإسلام، وأساسياته تحقيق الأمن والأمان للبشرية جمعاء، وهو نعمة من نعم الله على خلقه التي تستحق شكر المنعم - الله سبحانه وتعالي- ولقد امتن على قريش حينما ذكَّرها بهذه النعمة التي أنعمها عليهم ، فقال سبحانه وتعالى "فليعبدوا رب هذا البيت الذي أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف" ، وتحدث -سبحانه وتعالى-  عما أنعم عليهم به من نعمة الأمن دون غيرهم من الأمم الأخرى التي حولهم، فقال: " وَقَالُوا إِن نَّتَّبِعِ الْهُدَىٰ مَعَكَ نُتَخَطَّفْ مِنْ أَرْضِنَا ۚ أَوَلَمْ نُمَكِّن لَّهُمْ حَرَمًا آمِنًا يُجْبَىٰ إِلَيْهِ ثَمَرَاتُ كُلِّ شَيْءٍ رِّزْقًا مِّن لَّدُنَّا وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ﴾. 


وقد جعل رسول الله- صلى الله عليه وسلم - الأمن من النعم التي إن تحققت لأي إنسان فكأنه ملك الدنيا كلها، فقال- صلى الله عليه وسلم : "من أصبح آمنا في سربه، (أي : جماعته) معافا في بدنه، عنده قوت يومه، فكأنما حيزت له الدنيا بحذافيرها".


ونهى الإسلام عن ترويع الآمنين وحذر من ذلك تحذيرا شديدا، وقد ذكر رسول الله - صلى الله عليه وسلم- عدة أحاديث   تحذر وتشدد من أي ترويع أو تفزيع للمسلم ولو كان على سبيل المزاح، ومن ذلك ما رواه عبد الرحمن بن أبي ليلى، قال: حدثنا أصحاب النبي- صلى الله عليه وسلم - " أنهم كانوا يسيرون معه - صلى الله عليه وسلم - فنام رجل منهم، فانطلق بعضهم إلى حبل معه، فأخذه، ففزع الرجل لما لم يجد حبله، فعلم رسول الله- صلى الله عليه وسلم،  فقال: " لا يحل لمسلم أن يروِّع مسلما".
وقال -صلى الله عليه وسلم-: “لا يُشِر أحدكم على أخيه بالسلاح، فإنه لا يدري لعل الشيطان ينزغ في يده فيقع في حفرة من النار”، متفق عليه.


وفي حديث آخر يقول- صلى الله عليه وسلم- : "من أشار إلى أخيه بحديدة، فإن الملائكة تلعنه حتى يدعه، وإن كان أخاه لأبيه وأمه". رواه مسلم.


كما نهى الإسلام حتى عن النظرة التي يقصد بها التخويف والترويع للمسلم، فعن عبد الله بن عمرو قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : "من نظر إلى أخيه نظرة يخيفه بها أخافه الله يوم القيامة" رواه البيهقي.


ولم يتوقف النهي عن الترويع عند الإنسان فقط، بل إن رسول- صلى الله عليه وسلم - نهى عن ترويع وتفزيع الطير والحيوان، فعن ابن مسعود - رضي الله عنه - قال: " كنا مع رسول - صلى الله عليه وسلم- في سفر، فانطلق لحاجته، فرأينا حُمَّرة (طير بين الحمامة واليمامة) معها فرخان، فأخذنا فرخيها، فجاءت الحٌمَّرة وأخذت تعرِّش ( أي: تلف وتدور)  فوق رؤوسنا بجناحيها، فلما جاء النبي - صلى الله عليه وسلم- قال : من فزَّع هذه في ولديها؟! ردوا ولديها إليها".


هذا هو منهج الإسلام في تحقيق الأمن والأمان للإنسان والطير والحيوان، فقد حذر تحذير شديدا من الترويع والتفزيع للمسلم حتى ولو كان مزاحا، وشدد في عقوبة من يفعل ذلك، ولكن للأسف فإن كثيرا من الناس في أيامنا هذه - وبخاصة الشباب- لا يبالون بما نهى عنه الإسلام وحذر منه من تخويف وتفزيع للآمنين من الناس، من خلال استخدامهم لوسائل وأدوات يفعلون بها ذلك على سبيل المزاح وإرضاء هوايات شيطانية تسكن نفوسهم، ومن ذلك ما نراه من ألعاب نارية مفزعة في صوتها، مرعبة في شكلها، يفعلون ذلك في مناسبات الأفراح ويظنون أنهم بذلك يجاملون العروسين وأهلهما، وإنها لبئس  المجاملة التي فيها معصية لله ورسوله ولا يأتي من ورائها خير، والأشد خطرا أن يفعلوا ذلك بأسلحة نارية حقيقية مما يزيد من فزع وخوف الحاضرين، وكثيرا ما تخطئ الرمية فتصيب أحد الحاضرين فيتحول الفرح إلى مأتم، والزغاريد إلى إلى صراخ وعويل.


وحتى في شهر رمضان المبارك الذي يأمل أن يعيش فيه الصائمون في أمن وأمان واطمئنان وهم يصومون يومهم، ويقيمون ليلهم، ويقرأون قرآنهم، يفاجئون عند إعلان آذان المغرب بانطلاق تلك الصواريخ النارية، وقنابل ( البمب) لتفزع الآمنين، وتقلق المرضى والمتعبين دون مراعاة لأوامر الدين وتحذيراته، مما يزيد من معاصيهم لله سبحانه وتعالى، كما ينفر منهم المجتمع، وتطاردهم لعنات المفَزَّعين الخائفين، وإننا نناشد الآباء والأمهات أن يمنعوا أبناءهم من تفزيع الناس وترويعهم لأنهم شركاء معهم في الإثم، كما نأمل من الدولة أن تضرب بيد من حديد على الذين يصنعون هذه الوسائل، ومن يبيعونها حتى يتحقق للمجتمع الأمن والأمان والاطمئنان. 

تم نسخ الرابط