خطبة الجمعة القادمة صوت الدعاة خالد بدير.. إن هذا الدين متين فأوغل فيه برفق

خطبة الجمعة القادمة صوت الدعاة خالد بدير .. يبحث عنها عدد كبير لمعرفة نص خطبة الجمعة للدكتور خالد بدير والتي جاءت تحت عنوان: إِنَّ هَذَا الدِّينَ مَتِينٌ فَأَوْغِلْ فِيهِ برِفْقٍ، وهي الخطبة التي حددتها وزارة الأوقاف.
ويقدم موقع الأيام المصرية، النص الكامل لـ خطبة الجمعة القادمة صوت الدعاة خالد بدير وعناصرها الرئيسية.
خطبة الجمعة القادمة صوت الدعاة خالد بدير
وجاء نص خطبة الجمعة القادمة صوت الدعاة خالد بدير بعنوان: إِنَّ هَذَا الدِّينَ مَتِينٌ فَأَوْغِلْ فِيهِ برِفْقٍ، كالتالي:
أولًا: الإسلام دين اليسر والرفق.
إن ديننا الحنيف دين اليسر والرفق، فهو قائم على اليسر وعدم المشقة أو التشدد فيه، فالتيسير على العباد مراد الله، والمشقة لا يريدها الله لعباده: {يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر} [البقرة: 185]، ومن يسر الإسلام أن الله لم يكلف هذه الأمة إلا بما تستطيع، قال تعالى: {لا يكلف الله نفسًا إلا وسعها} (البقرة: 286)، ويقول ﷺ: "إن هذا الدين متين فاغل فيه برفق". (البيهقي والبزار بسند فيه ضعف).
ولأهمية اليسر في الشريعة الإسلامية عنون له الإمام البخاري بابًا خاصًا في صحيحه وسمَّاه: "باب قول النبي ﷺ: يسروا ولا تعسروا وكان يحب التخفيف واليسر على الناس". وساق عدة وصايا وشواهد وأدلة ليسر النبي ﷺ ورحمته بأمته منها: عن عائشة قالت: "ما خير رسول الله ﷺ بين أمرين أحدهما أيسر من الآخر إلا اختار أيسرهما ما لم يكن إثمًا؛ فإن كان إثمًا كان أبعد الناس منه." (البخاري ومسلم واللفظ له).
قال صاحب عون المعبود: "فيه استحباب الأخذ بالأيسر والأرفق ما لم يكن حرامًا أو مكروهًا."
عن سعيد بن أبي بردة عن أبيه عن جده: أن النبي ﷺ بعث معاذًا وأبا موسى إلى اليمن فقال لهما: "يسرا ولا تعسرا وبشرا ولا تنفرا وتطاوعا ولا تختلفا". (متفق عليه).
وأنت ترى أن النبي ﷺ جمع بين الشيء وضده تأكيدًا، فإنه كان يكفي قوله: "يسرا"؛ وإنما ذكر الضد: "ولا تعسرا" تأكيدًا للأمر. يقول الإمام النووي: "إنما جمع في هذه الألفاظ بين الشيء وضده؛ لأنه قد يفعلهما في وقتين، فلو اقتصر على (يسرا) لصدق ذلك على من يسَّر مرة أو مرات، وعسَّر في معظم الحالات، فإذا قال: (ولا تعسرا)، انتفى التعسير في جميع الأحوال من جميع وجوهه، وهذا هو المطلوب."
وفي مقابل التيسير في الدين نهى الشارع الحكيم عن التشدد والغلو فيه، فعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي ﷺ قال: "إن الدين يسر، ولن يشاد الدين أحد إلا غلبه، فسدِّدوا وقاربوا وابشروا، واستعينوا بالغدوة والروحة وشيء من الدلجة". (البخاري ومسلم). يقول الحافظ ابن رجب: "معنى الحديث: النهي عن التشديد في الدين، بأن يحمل الإنسان نفسه من العبادة ما لا يحتمله إلا بكلفة شديدة، وهذا هو المراد بقوله ﷺ: "لن يشاد الدين أحد إلا غلبه" يعني: أن الدين لا يؤخذ بالمغالبة، فمن شاد الدين غلبه وقطعه."
العنصر الثاني من خطبة الجمعة بعنوان: إِنَّ هَذَا الدِّينَ مَتِينٌ فَأَوْغِلْ فِيهِ بِرِفْقٍ
ثانيًا: مظاهر وصور اليسر والرفق في الإسلام.
إن الدين الإسلامي الحنيف دين اليسر والرفق وعدم التشدد في جميع المجالات:
ففي مجال العبادات عامة والصلاة خاصة لتكرارها في كل يوم، نتمثل أمر الرسول ﷺ في التخفيف والتيسير، فقد روي جابر بن عبد الله: أن معاذ بن جبل رضي الله عنه، كان يصلي مع النبي ﷺ، ثم يأتي قومه فيصلي بهم الصلاة، فقرأ بهم البقرة، قال: فجاوز رجل فصلى صلاة خفيفة، فبلغ ذلك معاذًا، فقال: إنه منافق، فبلغ ذلك الرجل، فأتاه النبي ﷺ فقال: يا رسول الله، إنا قوم نعمل بأيدينا، ونسقي بنواضحنا، وإن معاذًا صلى بنا البارحة، فقرأ البقرة، فجاوزت، فزعمت أني منافق، فقال النبي ﷺ: "يا معاذ، أفتَّانٌ أنت - ثلاثًا - اقرأ: والشمس وضحاها وسبح اسم ربك الأعلى ونحوها". (البخاري).
قال الإمام ابن حجر: "فيه استحباب تخفيف الصلاة مراعاة لحال المأمومين." (فتح الباري).
ونحن نعلم منزلة سيدنا معاذ رضي الله عنه، وحب الرسول ﷺ له، وهو أعلم الناس بالحلال والحرام، وكان ﷺ يردفه خلفه على الدابة حبًا في صحبته، ومع ذلك عاتبه وعنفه لما أطال على الناس في الصلاة كما ذكر.

وفي مجال الصيام: كان ﷺ يواصل الصيام لربه تعالى، واتبعه الصحابة رضي الله عنهم واقتدوا به في الوصال، فنهاهم رحمة ورأفة بهم وشفقة عليهم، وتيسيرًا لهم في أمر الصيام. فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: "نهى رسول الله ﷺ عن الوصال في الصوم. فقال له رجل من المسلمين: إنك توصل يا رسول الله! قال: وأيكم مثلي؟! إني أبيت يطعموني ربي ويسقيني؛ فلما أبوا أن ينتهوا عن الوصال واصل بهم يومًا ثم يومًا ثم رأوا الهلال؛ فقال: لو تأخر لزدتكم؛ كالتنكيل لهم حين أبوا أن ينتهوا." (البخاري).
ولذلك نهاهم ﷺ عن صيام الدهر أبدًا أو قيام الليل أبدًا أو التبتل: فعن أنس بن مالك رضي الله عنه، يقول: "جاء ثلاثة رهط إلى بيوت أزواج النبي ﷺ، يسألون عن عبادة النبي ﷺ، فلما أخبروا كأنهم تقالوها، فقالوا: وأين نحن من النبي ﷺ؟ قد غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، قال أحدهم: أما أنا فإني أصلي الليل أبدًا، وقال آخر: أنا أصوم الدهر ولا أفطر، وقال آخر: أنا أعتزل النساء فلا أتزوج أبدًا، فجاء رسول الله ﷺ إليهم، فقال: "أنتم الذين قلتم كذا وكذا، أما والله إني لأخشاكم لله وأتقاكم له، لكني أصوم وأفطر، وأصلي وأرقد، وأتزوج النساء، فمن رغب عن سنتي فليس مني". (البخاري).
وهذا عبد الله بن عمرو جعل يساوم النبي ﷺ في الصيام والقيام، فعنه رضي الله عنه قال قال: لي رسول الله ﷺ: يا عبد الله ألم أخبر أنَّك تصوم النهار وتقوم الليل؟ فقلت: بلى يا رسول الله قال: فلا تفعل؛ صم وأفطر وقم ونم. فإن لجسدك عليك حقًا، وإن لعينك عليك حقًا، وإن لزوجك عليك حقًا، وإن لزورك عليك حقًا، وإن بحسبك أن تصوم كل شهر ثلاثة أيام، فإن لك بكل حسنة عشر أمثالها؛ فإن ذلك صيام الدهر كله. فشدَّدت فشددَّ عليَّ قلت: يا رسول الله إني أجد قوة، قال: فصم صيام نبي الله داود عليه السلام ولا تزد عليه. قلت: وما كان صيام نبي الله داود عليه السلام؟ قال: نصف الدهر فكان عبد الله يقول بعد ما كبر: يا ليتني قبلت رخصة النبي ﷺ". (البخاري).
وهكذا بلغت رحمة الرسول ﷺ بأمته حدًا لا يتخيله عقل حتى إن الأمر وصل إلى خوفه عليهم من كثرة العبادة! ومع أن التقرب إلى الله والتبتل إليه أمر محمود مرغوب، بل هو مأمور به، لكنه ﷺ كان يخشى على أمته من المبالغة في الأمر فيفتقدون التوازن في حياتهم، أو يصل بهم الأمر إلى الملل والكسل، أو يصل بهم الحد إلى الإرهاق الزائد عن طاقة الإنسان، لذلك رأيناه كثيرًا ما يعرض عن عمل من الأعمال، مقرب إلى قلبه، محبب إلى نفسه، لا لشيء إلا لخوفه أن يُفرض على أمته فيعنتهُم ويشقّ عليهم؛ تقول أم المؤمنين عائشة: "إن كان رسول الله ﷺ ليترك العمل وهو يحب أن يعمل به خشية أن يعمل به الناس فيفرض عليهم." [البخاري ومسلم].
لذلك كان كثيرًا ما يقول كلمة: "لولا أن أشق على أمتي"، دلالة على أنه يحب الأمر، ولكنه يخشى الفتنة على الأمة، فانظر كيف كان لا يخرج في كل المعارك لكي لا يتحرج الناس في الخروج في كل مرة، وكيف كان لا يؤخر صلاة العشاء إلى منتصف الليل، وكيف رفض الخروج إلى قيام الليل جماعة في رمضان خشية أن يُفرض على المسلمين، وكيف تأخر في الرد على من سأل عن تكرار الحج خشية فرضه في كل عام، وهكذا…