أين يذهب الجن والشياطين في رمضان؟.. صراع بين التعود العادة والوسوسة المباشرة
مع حلول شهر رمضان المبارك، يتداول المسلمون فكرة أن الشياطين تُحبس خلال هذا الشهر، وهو ما ورد في عدد من الأحاديث النبوية الشريفة، فعن أبي هريرة، رضي الله عنه، قال: قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: "إذا دخل شهر رمضان فتحت أبواب الجنة، وغلقت أبواب جهنم، وسلسلت الشياطين" (رواه البخاري ومسلم)، وهذا يدل على أن الله يمنع تأثير الشياطين على العباد كما في بقية أيام السنة، مما يجعل الأجواء أكثر روحانية ويشجع المسلمين على الطاعات.
وفي حديث آخر عن أبي هريرة، رضي الله عنه، قال: قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: "أتاكم شهر رمضان، شهر مبارك، فرض الله عليكم صيامه، تفتح فيه أبواب الجنة، وتغلق فيه أبواب الجحيم، وتغل فيه مردة الشياطين، وفيه ليلة هي خير من ألف شهر، من حرم خيرها فقد حرم" (أخرجه أحمد والنسائي).
هل يحبس الجن في رمضان؟
الجن مثل البشر، منهم المؤمن ومنهم الكافر، وقد ورد في القرآن الكريم في سورة الجن: "وَأَنَّا مِنَّا الصَّالِحُونَ وَمِنَّا دُونَ ذَٰلِكَ كُنَّا طَرَائِقَ قِدَدًا"، مما يدل على وجود جن مسلم لا يشمله الحبس كما يشمل مردة الجن والكافرين منهم، وقد جاء في حديث آخر أن "إذا كان أول ليلة من شهر رمضان صفدت الشياطين ومردة الجن"، مما يعني أن الحبس يشمل فقط العصاة والمتمردين منهم وليس جميعهم.
لماذا تستمر المعاصي في رمضان رغم حبس الشياطين؟
على الرغم من تصفيد الشياطين في رمضان، إلا أن المعاصي لا تنتهي، وهو ما جعل بعض العلماء يفسرون الحديث بأن التصفيد يشمل كبار الشياطين وليس جميعهم، أو أن تأثير الشياطين يقل ولكنه لا ينعدم تمامًا، بالإضافة إلى أن النفس الأمّارة بالسوء لا تزال موجودة، وقد اعتاد الإنسان على الذنوب خارج رمضان، فيستمر في بعضها بسبب العادة لا بسبب الوسوسة المباشرة من الشيطان.
الجن في الإسلام
الجن مخلوقات خلقها الله مثل البشر، وقد ورد ذكرهم في القرآن الكريم في سورة الجن، وأشار الله إلى وجود جن مسلم وجن كافر، فقال: "وَأَنَّا لَمَّا سَمِعْنَا الْهُدَىٰ آمَنَّا بِهِ فَمَن يُؤْمِن بِرَبِّهِ فَلَا يَخَافُ بَخْسًا وَلَا رَهَقًا (13) وَأَنَّا مِنَّا الْمُسْلِمُونَ وَمِنَّا الْقَاسِطُونَ فَمَنْ أَسْلَمَ فَأُو۟لَـٰئِكَ تَحَرَّوْا رَشَدًۭا".
وقد كان الجن جزءً من قصة النبي سليمان عليه السلام، حيث سخّرهم الله لخدمته، كما ورد في سورة النمل: "وَحُشِرَ لِسُلَيْمَٰنَ جُنُودُهُۥ مِنَ ٱلْجِنِّ وَٱلْإِنسِ وَٱلطَّيْرِ فَهُمْ يُوزَعُونَ"، مما يدل على أن هناك جنًا مؤمنين يطيعون الله وأنبياءه.
تصفد الشياطين في شهر رمضان ويقل تأثيرها على المسلمين، لكن لا يعني ذلك اختفاء الذنوب تمامًا، إذ لا تزال النفس الأمّارة بالسوء موجودة، بالإضافة إلى بعض الشياطين التي قد لا تكون مشمولة بالتصفيد، أما الجن، فمنهم المسلم ومنهم الكافر، ولم يرد في النصوص أن الجن المسلم يُحبس خلال رمضان، بل فقط مردة الجن والشياطين العاصية.
