ماذا حدث في 25 يناير في مصر؟.. جماعات إرهابية حاولت سرقة أحلام الشعب لتحقيق مكاسب شخصية
يحل اليوم السبت 25 يناير 2025 الذكرى الرابعة عشرة لثورة 25 يناير 2011، تلك الثورة التي انطلقت بشعارات العدالة الاجتماعية والحرية والديمقراطية، لكنها تحولت لاحقًا إلى ساحة صراع سياسي بين مختلف القوى، وعلى رأسها جماعة الإخوان المسلمين التي سعت إلى استغلال الحراك الشعبي لتحقيق مكاسب سياسية خاصة بها، ومع مرور السنوات، تظل الثورة محطة تاريخية بارزة تحمل في طياتها دروسًا وعبرًا عن النضال من أجل الحرية والتحديات التي تواجه الشعوب في مسار تحقيق أحلامها.
الأوضاع قبل 25 يناير .. تراكم الغضب الشعبي
قبل اندلاع الثورة، كانت مصر تعيش حالة من التوتر السياسي والاجتماعي في ظل حكم الرئيس الأسبق حسني مبارك الذي استمر لأكثر من ثلاثة عقود، حيث عانى المواطنون من فساد واسع النطاق، وقمع للحريات، وتدهور اقتصادي أثقل كاهل الطبقات المتوسطة والفقيرة.
في هذا المناخ، كانت جماعة الإخوان المسلمين قد نجحت في بناء نفوذ كبير عبر شبكاتها الاجتماعية والاقتصادية، مستفيدة من العمل الخيري ودعم قطاعات شعبية واسعة، خاصة في المناطق الريفية، وعلى الرغم من تعرضها للتهميش والملاحقة الأمنية، إلا أن الجماعة ظلت لاعبًا بارزًا في المشهد السياسي، تعمل من خلال قنوات غير رسمية وتحظى بدعم مادي كبير غير معلن المصدر، مما منحها قاعدة شعبية قوية ساعدتها لاحقًا في التوغل داخل الثورة.
25 يناير 2011 .. انطلاق الثورة
في يوم 25 يناير 2011، خرجت جموع غفيرة من المصريين إلى الشوارع للمطالبة بالتغيير وإسقاط نظام مبارك، وجاءت الدعوات إلى التظاهر بقيادة حركات شبابية مثل "6 أبريل" و"كلنا خالد سعيد"، إضافة إلى مشاركة واسعة من الأحزاب والحركات السياسية، فيما رفع المتظاهرون شعارات تدعو إلى العدالة الاجتماعية والحرية.
في البداية، أبدت جماعة الإخوان المسلمين ترددًا في الانخراط الكامل في الحراك الشعبي، خشية أن تفشل الثورة وتترتب على ذلك عواقب وخيمة عليهم، ومع ذلك، ومع تصاعد الأحداث في "جمعة الغضب" يوم 28 يناير، وبعد أن أدركوا قوة الزخم الشعبي، سارعت الجماعة إلى الانضمام بقوة إلى الثورة، حيث استغلت التنظيم المحكم الذي تمتعت به لتحشد أنصارها في مختلف الميادين.
مع تزايد زخم الثورة، بدأت جماعة الإخوان المسلمين تعمل بشكل ممنهج على استغلال الحراك الشعبي لتحقيق أهدافها السياسية، وبسبب ضعف التنظيم لدى معظم القوى السياسية التقليدية، تمكن الإخوان من ملء الفراغ في ميادين الاحتجاجات، وخاصة ميدان التحرير، حيث عمدوا إلى تقديم أنفسهم كقوة منظمة قادرة على قيادة المرحلة الانتقالية.
ووفقًا للعديد من المراقبين، اتبعت الجماعة استراتيجية مزدوجة تضمنت استقطاب الحركات الشبابية والقوى السياسية الأخرى في البداية، ثم تهميشهم تدريجيًا، كما عملت الجماعة على إعادة صياغة أهداف الثورة بما يخدم مصالحها الخاصة، حيث ركزت على الوصول إلى السلطة بدلًا من تحقيق العدالة الاجتماعية ومطالب الشعب.
مرحلة ما بعد الثورة .. السيطرة على المشهد السياسي
بعد تنحي مبارك في 11 فبراير 2011، دخلت مصر مرحلة انتقالية شهدت اضطرابًا سياسيًا واقتصاديًا كبيرًا، وفي هذه الفترة، استغلت جماعة الإخوان ضعف الأحزاب السياسية الأخرى وتمكنت من الفوز بأغلبية مقاعد البرلمان في الانتخابات التشريعية، ومن ثم إيصال محمد مرسي إلى الحكم كأول رئيس مدني منتخب في يونيو 2012.
لكن فترة حكم الإخوان اتسمت بالكثير من الجدل، حيث ظهرت ممارسات تعكس سعيهم إلى الهيمنة على مؤسسات الدولة، مع تجاهل المطالب الشعبية، وأدى ذلك إلى تصاعد حالة الغضب الشعبي، خاصة مع ظهور مؤشرات على فشل الجماعة في إدارة شؤون البلاد، وظهور قضايا فساد وتراجع اقتصادي ملحوظ.
ثورة 30 يونيو
في 30 يونيو 2013، خرجت الملايين من المصريين مرة أخرى إلى الشوارع، لكن هذه المرة كانت المظاهرات موجهة ضد حكم الإخوان المسلمين، وطالب الشعب بتصحيح المسار واستعادة روح ثورة 25 يناير، التي انحرفت عن أهدافها الأساسية تحت حكم الجماعة، وأسفرت الاحتجاجات عن تدخل الجيش بقيادة المشير عبد الفتاح السيسي، وعُزل محمد مرسي من منصبه، وتم الإعلان عن خارطة طريق جديدة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتحقيق مطالب الشعب.
وما بين 25 يناير 2011 و30 يونيو 2013، تتضح صورة التحولات السياسية والاجتماعية في مصر، حيث تحولت ثورة كانت تهدف إلى تحقيق الديمقراطية والعدالة الاجتماعية إلى ساحة صراع على السلطة، وضعف التنظيم لدى القوى الثورية، واستغلال جماعة الإخوان للفوضى السياسية، أدى إلى فقدان الثورة لبوصلتها، ما دفع الشعب المصري إلى النضال مجددًا لاستعادة ثورته لوضع بلادة في المسار الصحيح بمساندة القيادات الوطنية المحبة لبلادها.