القوات البريطانية تؤدي التحية العسكرية لرجال الشرطة المصريين
عيد الشرطة الـ 73 .. ذكرى ملحمة الإسماعيلية الخالدة
يحتفل المصريون بعيد الشرطة، في يوم 25 يناير من كل عام، وهو ليس مجرد مناسبة وطنية بل يروي قصة بطولة فريدة، كانت شرارتها الأولى في مواجهة الاحتلال البريطاني الذي استمر لأكثر من سبعين عامًا، وتخلد هذه الذكرى ملحمة الصمود التي شهدتها مدينة الإسماعيلية عام 1952.
عيد الشرطة.. ملحمة الإسماعيلية الخالدة
في صباح يوم 25 يناير 1952، وقعت واحدة من أعظم الملاحم الوطنية في مدينة الإسماعيلية، حينها، وجه القائد البريطاني في منطقة القناة، البريجادير "إكس هام"، إنذارًا لقوات الشرطة المصرية بتسليم أسلحتهم ومغادرة المدينة إلى القاهرة.
موقف بطولي لا يُنسى
رد أبطال الشرطة المصرية على هذا الإنذار كان سريعًا وقاطعًا، حيث رفضوا الانصياع للأمر مدفوعين بحسهم الوطني وشعورهم بالمسؤولية تجاه الوطن، وبهذا بدأت فصول مواجهة تاريخية غير عادلة، وغير متكافئة، حُفرت في ذاكرة النضال الوطني.
وردًا على هذا التحدي، حاصرت القوات البريطانية المدينة، وبدأت قصفًا عنيفًا استمر لساعات طويلة استهدف مبنى المحافظة وثكنات الشرطة، وواجه 850 شرطيًا بأسلحتهم البسيطة قوة قوامها سبعة آلاف جندي بريطاني مزودين بأحدث الأسلحة.
ورغم التفوق العددي واللوجستي للبريطانيين، أظهر رجال الشرطة شجاعة أسطورية، ورفضوا الاستسلام حتى بعد نفاد ذخيرتهم بالكامل، وعندما طلب القائد البريطاني وقف القتال وخروجهم بدون أسلحتهم، كان رد النقيب مصطفى رفعت بكلمة واحدة: "لا".
القوات البريطانية تؤدي التحية العسكرية لرجال الشرطة المصريين
بعد معركة استمرت ست ساعات، تحولت مباني المدينة إلى أنقاض وسقط العديد من الشهداء والجرحى، لكن بسالة رجال الشرطة أجبرت العدو على احترامهم، حيث أدت القوات البريطانية التحية العسكرية للأبطال عند خروجهم، في مشهد يعكس تقديرًا نادرًا لشجاعتهم وثباتهم.
شرارة الثورة
لم تتوقف ملحمة الإسماعيلية عند حدود المدينة، فقد انتشر خبرها بسرعة، وفي اليوم التالي، 26 يناير 1952، اندلعت مظاهرات غاضبة في القاهرة ومدن أخرى، شارك فيها رجال الشرطة وطلاب الجامعات، وكانت تلك الأحداث الشرارة الأولى لنهاية الاحتلال البريطاني، حيث أظهرت للعالم صلابة الشعب المصري ورغبته في التحرر.
عيد الشرطة.. رمز للفداء والتضحية
اليوم، وبعد مرور أكثر من سبعة عقود على هذه الملحمة، يحتفل المصريون بعيد الشرطة باعتباره رمزًا للفداء والشرف، ومنذ عام 2009، اعتمد 25 يناير عطلة رسمية تخليدًا لدور الشرطة في حماية الوطن ودعم إرادته المستقلة.
وإن عيد الشرطة ليس مجرد تاريخ يُحتفل به، بل هو درس للأجيال القادمة في الشجاعة الوطنية والتمسك بالحق، وهو شاهد حي على عظمة التضحيات التي قدمها رجال آمنوا بوطنهم وأقسموا أن يظل علم مصر عاليًا.
