أهمية باب المندب بعد حديث الرئيس السيسي عنه
أعادت تصريحات الرئيس عبد الفتاح السيسي مؤخرًا عن مضيق باب المندب فتح باب النقاش حول أهمية هذا الممر المائي الحيوي في التجارة والملاحة البحرية الدولية، فقد أكد الرئيس السيسي على أهمية مضيق باب المندب باعتباره نقطة محورية في المدخل الجنوبي لقناة السويس، التي تعد واحدة من أهم شرايين الحياة الاقتصادية على مستوى العالم، كونها أكبر ممر ملاحي عالمي.
أهمية موقع مضيق باب المندب
يعد باب المندب هو الممر الذي يفصل بين البحر الأحمر وخليج عدن، ويربط المحيط الهندي، ويقع المضيق بين قارتين هما آسيا وأفريقيا، حيث تحده من الجهة الأفريقية دولة جيبوتي، ومن الجهة الآسيوية دولة اليمن، ويبلغ عرض مضيق باب المندب حوالي 30 كيلومترًا، وهو يتكون من قناتين رئيسيتين: القناة الشرقية المعروفة بـ"باب اسكندر" بعرض 3 كيلومترات وعمق 30 مترًا، والقناة الغربية "دقة المايون" بعرض 25 كيلومترًا وعمق 310 أمتار.
تعود أهمية مضيق باب المندب إلى التباعد الجيولوجي بين قارتي آسيا وأفريقيا نتيجة حدوث الصدع السوري الأفريقي الذي أدى إلى تكوّن البحر الأحمر في أواخر الحقبة الجيولوجية الثالثة، ومنذ افتتاح قناة السويس عام 1869، أصبح المضيق حلقة وصل هامة للتجارة العالمية، حيث يربط التجارة بين أوروبا وبلدان المحيط الهندي وشرق أفريقيا.
دور النفط في زيادة أهمية مضيق باب المندب
ازدادت أهمية المضيق بشكل خاص في الآونة الأخيرة بسبب النفط، ويتمتع باب المندب بخصائص جيولوجية تساعد في مرور ناقلات النفط التي تحتاج إلى عرض وعمق مناسبين، مما يجعله أحد أبرز الممرات لنقل النفط من منطقة الخليج العربي إلى الأسواق العالمية، ويعبر عبر هذا المضيق أكثر من 21,000 سفينة سنويًا، أي بمعدل 57 سفينة يوميًا.
تأثير التوترات الأمنية على مصر
ومن جانبه أكد الرئيس السيسي في تصريحات له أن مصر خسرت حوالي 7 مليار دولار خلال عام 2024 بسبب انخفاض إيرادات قناة السويس نتيجة الأوضاع الأمنية المضطربة في منطقة باب المندب، والتوترات الأمنية التي تشهدها المنطقة تؤثر على حركة الملاحة في قناة السويس، وهو ما يشكل تهديدًا للاقتصاد المصري الذي يعتمد بشكل كبير على هذا الممر البحري.
تأثير إتاوات الحوثيين
وأشارت مجلة الإيكونوميست إلى أن الحوثيين في اليمن يفرضون إتاوات على السفن العابرة عبر باب المندب، ووفقًا للمجلة، فإن هذه الإتاوات تقدر بحوالي 2 مليار دولار سنويًا، وهو ما يؤثر على حركة التجارة الدولية في هذه المنطقة.
تعاون مصر مع المنظمة البحرية الدولية
استقبل الرئيس السيسي أرسينيو دومينجيز، سكرتير عام المنظمة البحرية الدولية، لمناقشة سبل التعاون في مجال الشحن البحري والنقل البحري، وأكد اللقاء على أهمية دور المنظمة في تعزيز التعاون بين الأطراف الدولية والإقليمية المعنية بقطاع الشحن البحري، خاصة في ظل ما تمتلكه مصر من مقومات كبيرة في هذا المجال، بما في ذلك قناة السويس وسواحلها الممتدة على البحرين المتوسط والأحمر.
الجهود المشتركة لمكافحة التحديات البيئية
تطرق اللقاء أيضًا إلى موضوعات أخرى تتعلق بالبيئة، مثل تغير المناخ والطاقة المتجددة، حيث استعرضت مصر جهودها للتحول إلى مركز عالمي لإنتاج الهيدروجين الأخضر، وتم التأكيد على أهمية تعزيز التعاون في استخدام الوقود البديل للسفن، بما يساهم في تقليل الانبعاثات البيئية ويحسن الاستدامة في صناعة النقل البحري، كما تم مناقشة البنية التحتية اللازمة في الموانئ والممرات البحرية الرئيسية في الدول النامية لدعم استخدام الهيدروجين الأخضر.
دور المنظمة البحرية الدولية في تحسين الأمن البحري
وناقش الجانبان أيضًا الوضع الأمني في مضيق باب المندب، حيث أكد الرئيس السيسي أهمية دور المنظمة في استعادة الأمن في تلك المنطقة الحيوية، في ضوء تصاعد الأوضاع الأمنية، تطمح مصر إلى تعزيز التعاون الدولي مع الدول المعنية لتأمين الممرات البحرية الحيوية، خاصة بعد التوصل إلى اتفاق وقف إطلاق النار في غزة، مما يعكس رغبة مصر في تهدئة الأوضاع الإقليمية بشكل عام.
وتعد تصريحات الرئيس السيسي حول مضيق باب المندب نقطة انطلاق جديدة في تسليط الضوء على أهمية هذا الممر الاستراتيجي في التجارة العالمية، ومع تزايد الأهمية الجيوسياسية للمنطقة، تسعى مصر لتعزيز التعاون مع الشركاء الدوليين لضمان استقرار أمن الملاحة في تلك المياه الضيقة، وكذلك المضي قدمًا في مساعيها لتطوير البنية التحتية لتلبية احتياجات النقل البحري الدولي في المستقبل.