رحلة البحث عن المفقودين داخل قطاع غزة: الجثث تغرق الشوارع
بعد أول ليلة في قطاع غزة بدون صوت الطائرات المسيرة أو القصف الجوي منذ أكثر من عام، عقب دخول وقف إطلاق النار حيز التنفيذ، بدأ سكان القطاع في العودة إلى منازلهم المدمرة والبحث عن أحبائهم المفقودين.
وعلى الرغم من الفرحة التي صاحبت تنفيذ الهدنة يوم الأحد، والتي شهدت إطلاق سراح أول ثلاثة رهائن من حماس مقابل 90 فلسطينياً من السجون الإسرائيلية، وتحقيق تدفق كبير للإمدادات الإنسانية إلى القطاع، إلا أن فرحة العودة سرعان ما تحولت إلى صدمة وحزن.
وبدأ سكان غزة البالغ عددهم 2.3 مليون نسمة في تقييم حجم الدمار الهائل الذي خلفته الضربات الإسرائيلية رداً على هجوم حماس في 7 أكتوبر 2023.
وفي وقت كانت فيه الاحتفالات تسود الجانب الإسرائيلي عقب تسليم الرهائن، كانت الأوضاع في الضفة الغربية لا تخلو من التوتر، حيث حاول مستوطنون إسرائيليون معارضون للصفقة إغلاق مداخل مدينة رام الله، فيما اندلعت مواجهات في بعض القرى.
ومن جهة أخرى، وبالرغم من وقف إطلاق النار، استمرت حصيلة القتلى في الارتفاع، إذ أفادت مصادر طبية عثورها على 62 جثة جديدة خلال الساعات الأربع والعشرين الماضية، ليرتفع إجمالي القتلى إلى 47 ألفاً، فيما أصيب أكثر من 110 آلاف آخرين، منهم 25% بحالات خطيرة.
في الوقت نفسه، أفادت خدمة الدفاع المدني أن عملية البحث لا تزال جارية للعثور على حوالي 10 آلاف مفقود. أما عن الأوضاع الميدانية، فقد استمر المدنيون في العودة إلى مناطقهم، سائرين على الأقدام أو باستخدام عربات تجرها الحمير عبر الطرق المليئة بالذخائر غير المنفجرة.
ووسط هذا الدمار الهائل، عبر يوسف، الذي فقد عائلته في الحرب، عن شعوره بالصدمة والرعب عند عودته إلى مدينته بيت لاهيا شمال القطاع، قائلاً: "كأن زلزالاً ضرب مدينتي، لا يوجد سوى الحطام والجثث الملقاة في الشوارع".
وأضاف أن العودة إلى غزة لن تكون ممكنة إلا عندما تتوافر الظروف اللازمة للحياة، مثل المياه والطعام والخدمات الطبية.
إعادة هيكلة البنية الطبية يحتاج 10 ملايين دولار
وأعلنت منظمة الصحة العالمية أن إعادة تأهيل البنية التحتية الطبية المدمرة في غزة ستكلف نحو 10 ملايين دولار، في حين قدر خبراء الأمم المتحدة أن إزالة أكثر من 50 مليون طن من الأنقاض قد يستغرق 21 عاماً بتكلفة تقدر بحوالي 1.2 مليار دولار.
مع استمرار تدفق المساعدات الإنسانية إلى القطاع، بما في ذلك 630 شاحنة وصلت يوم الأحد، يبقى الوضع الإنساني في غزة حرجاً. وبحسب تقديرات الأمم المتحدة، فإن القطاع يحتاج إلى 500 شاحنة مساعدات يومياً لتلبية احتياجات سكانه، وهو ما لا يزال بعيد المنال.
وفي إطار مفاوضات إعادة الإعمار، من المقرر أن تبدأ النقاشات حول الحلول طويلة الأمد في أوائل فبراير المقبل، قبل انتهاء المرحلة الأولى من وقف إطلاق النار في مارس 2025.