سبب سقوط نظام بشار الأسد.. هل انهزمت روسيا أم قبضت الثمن ؟
سبب سقوط نظام بشار الأسد، عندما تولى فلاديمير بوتن مقاليد السلطة في روسيا ما بعد الاتحاد السوفييتي قبل ربع قرن من الزمان، شرع على الفور في استعادة مكانة موسكو كقوة عالمية، حيث استغرق الأمر 15 عامًا.
ويوضح موقع الأيام المصرية خلال السطور التالية أهم ما جاء بخصوص خسارة روسيا نتيجة سقوط سوريا في يد الجماعة الإرهابية المسلحة، والآن وجه سقوط حكومة الرئيس بشار الأسد، الحليف الرئيسي لموسكو، ضربة قوية لطموحات روسيا كقوة عظمى.
روسيا تشيد بتدخل سوريا الحرب الأهلية وماذا بعد بشار؟
وأشادت روسيا بتدخلها العسكري في الحرب الأهلية السورية باعتباره دليلًا على عودتها كقوة لا يستهان بها على الساحة الدولية، حيث استغلت موسكو تلك الصورة لتوسيع نفوذها في مختلف أنحاء الشرق الأوسط وخارجه باعتبارها قوة موازنة للغرب.
يوضح فيليب سميث، الخبير في شؤون الشرق الأوسط بقوله: "كانت المغامرة العسكرية التي خاضها بوتن في سوريا تهدف إلى إظهار أن روسيا قوة عظمى ويمكنها فرض نفوذها في الخارج. وخسارة سوريا تشكل صفعة قوية على وجه بوتن"، مضيفًا إن إزاحة الأسد لا تمثل ضربة لسمعة روسيا فحسب، بل من المرجح أن تكون بمثابة انتكاسة استراتيجية كبرى.
وأوضح سميث أن سوريا تحتضن منشأتين عسكريتين روسيتين رئيسيتين هما: قاعدة جوية في حميميم وقاعدة بحرية في طرطوس. والقاعدة الأخيرة هي القاعدة البحرية الوحيدة لروسيا في المياه الدافئة خارج الاتحاد السوفييتي السابق وتوفر لموسكو إمكانية الوصول إلى البحر الأبيض المتوسط.
وأضاف سميث أن روسيا استخدمت قواعدها في سوريا لفرض قوتها في شرق البحر الأبيض المتوسط وفي الشرق الأوسط الأوسع، مضيفًا أن التدخل العسكري الروسي في سوريا عام 2015 غير مجرى الحرب، حيث ساعدت الحملات الجوية المدمرة التي شنتها موسكو ضد مواقع المتمردين الجيش السوري على استعادة مساحات شاسعة من الأراضي والحفاظ على الأسد في السلطة.
ويشير سميث إلى أن حملة موسكو في سوريا تأتي بعد عام من غزوها لشبه جزيرة القرم الأوكرانية ودعمها للقوات الانفصالية في شرق أوكرانيا، حيث استغلت موسكو تورطها في كل من سوريا وأوكرانيا لتسويق نفسها كقوة قادرة على تحدي الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي والغرب بشكل عام، في حين توسع نطاقها العالمي من البحر الأبيض المتوسط إلى أفريقيا وأميركا اللاتينية.
ويؤكد المحللون إن سوريا أصبحت، بعد الغزو الروسي الكامل لأوكرانيا في فبراير 2022، بمثابة رصيد أكبر لموسكو، في حين قدمت أيضا تحدي الحفاظ على الحملات العسكرية على جبهتين، ومع السقوط المتوقع للأصول العسكرية الروسية في سوريا في أعقاب انهيار حكومة الأسد، أصبحت المهمة أكثر صعوبة.
وتستثمر روسيا بالفعل هجوم مضاد كبير لاستعادة الأراضي التي استولت عليها في منطقة كورسك في جنوب غرب البلاد والتي خسرتها لصالح أوكرانيا، إلى الحد الذي جعلها تعتمد على مساعدة القوات الكورية الشمالية، وفي الوقت نفسه، تحاول روسيا الاستيلاء على أكبر قدر ممكن من الأراضي في شرق أوكرانيا قبل محادثات السلام المحتملة.
وقد تتعرض المنشآت العسكرية الروسية على طول ساحل البحر الأبيض المتوسط في غرب سوريا لهجوم من قبل مسلحين بقيادة هيئة تحرير الشام (HTS)، وهي منظمة إرهابية صنفتها الولايات المتحدة، وحلفائها.
سبب سقوط نظام بشار الأسد
يضيف آرون زيلين، الزميل البارز في معهد واشنطن، إن روسيا ببساطة لا تملك القوة النارية نفسها اللازمة لحماية أصولها في سوريا، موضحًا أنه من المهم أن نتذكر أن روسيا عليها أن تتعامل الآن مع حربها الأكبر في أوكرانيا مقارنة بما كانت عليه عندما دخلت سوريا لأول مرة في عام 2015.
وأشار إلى أن روسيا لديها أيضًا أصولها التي تقاتل في إفريقيا جنوب الصحراء الكبرى، وعلى عكس ما كان عليه الحال قبل عقد من الزمان، عندما كانت روسيا تمتلك مجموعة فاجنر، مضيفًا إن خسارة قاعدة طرطوس البحرية على وجه الخصوص ستكون "خسارة كبيرة للغاية بالنسبة لروسيا".
وأشار زيلين إلى أن هذا الميناء هو الميناء الوحيد الذي تستطيع روسيا استخدامه في أنشطتها البحرية واستعراض قوتها. وفقدانه يعني بالضرورة قطع روسيا عن قلب الشرق الأوسط، ولم ترسل موسكو قوات برية لمساعدة دمشق التي سقطت في أيدي هيئة تحرير الشام وحلفائها في الثامن من ديسمبر.
ونفذت روسيا عشرات الضربات الجوية منذ شن المسلحون هجومهم ضد قوات الأسد في أواخر نوفمبر/تشرين الثاني، لكن التدخل المحدود لم يفعل الكثير لوقف تقدم المتمردين.
ويوضح حميد رضا عزيزي، زميل المعهد الألماني للشؤون الدولية والأمنية، إن سقوط الأسد يمثل ضربة كبيرة لادعاء روسيا بأنها لا تزال قوة عالمية من حيث الحفاظ على النفوذ العسكري والسياسي في الخارج، ومن هناك، قد يبدأ اللاعبون في مناطق أخرى مثل أميركا اللاتينية وأفريقيا، بإعادة النظر في علاقاتهم واعتمادهم على روسيا أيضا، على حد قوله.