مستقبل الاقتصاد في سوريا.. خبراء يحللون الأوضاع بعد رحيل بشار
مستقبل الاقتصاد في سوريا.. تباينت آراء المحللين الاقتصاديين حول المستقبل الاقتصادي في سوريا والمنطقة العربية في ظل التطورات الأخيرة، بما في ذلك إعلان المعارضة السورية عن سقوط نظام بشار الأسد وهروبه.
وتشهد سوريا أزمة اقتصادية حادة منذ بداية النزاع في 2011، نتيجة للحصار والعقوبات المستمرة، ما أدى إلى توقف عجلة الإنتاج وتدهور الوضع المعيشي، ومع ذلك، يبقى المستقبل غير واضح، كما ذكر عدد من الخبراء الاقتصاديين.
ويرصد لكم موقع الأيام المصرية كافة التفاصيل عن الاقتصاد السوري في السطور التالية:
مستقبل الاقتصاد في سوريا
قال الدكتور محيي عبد السلام، الخبير الاقتصادي والمستشار المالي، إنه بعد رحيل بشار الأسد عن سوريا، من المتوقع أن يواجه الاقتصاد السوري أزمة قصيرة الأجل نتيجة الانهيار الاقتصادي المستمر الذي شهدته البلاد طوال العشر سنوات الماضية، وهو ما أسفر عن نزوح جماعي للعديد من السوريين إلى الدول المجاورة، خاصة إلى مصر.
وأضاف عبد السلام، في تصريحات خاصة لموقع "الأيام المصرية"، أن رحيل بشار الأسد يمثل هزة كبيرة، لكن في الوقت ذاته قد تشهد الفترة القادمة تعاونًا دوليًا لدعم إعادة إعمار سوريا وإحيائها من جديد.
وأشار إلى أنه من الممكن أن يتخذ المجتمع الدولي قرارًا بتقسيم سوريا إلى دويلات، وهو ما سيكون مشكلة كبيرة، مضيفًا أنه من الممكن أيضًا أن يتوحد الشعب السوري ويعمل على تأسيس نظام ديمقراطي وجمهوري، مع إجراء انتخابات لاختيار الأنسب لقيادة البلاد في المرحلة المقبلة.
وقال حسين مشربك، المستشار الاقتصادي ورئيس دعم العمليات في مجموعة الإمارات دبي الوطني سابقًا، إن استقرار الأوضاع في سوريا قد يساهم في تحسين الاقتصاد السوري والمنطقة العربية، بشرط عدم التصعيد.
وأضاف أن العقوبات الأمريكية المفروضة على سوريا تعتبر من أكبر العوائق أمام نهضتها، وأن الأيام المقبلة ستكشف عن مصير هذه العقوبات ومدى تأثيرها على إعادة إعمار سوريا.
وفي السياق ذاته، أشار صادق الركابي، مدير البحوث الاقتصادية في المركز العالمي للدراسات التنموية، إلى أن رفع العقوبات عن سوريا سيكون له تأثير إيجابي على الاقتصاد السوري، خاصة في تنشيط القطاعات الحيوية مثل البناء والنقل والتجارة. كما لفت إلى أن الدول المجاورة مثل لبنان والأردن والعراق ستستفيد أيضًا من استقرار الوضع في سوريا، سواء من خلال تقليص الضغوط الاقتصادية أو من خلال زيادة التبادل التجاري.
وأضاف الركابي أن تنشيط قطاع النفط في سوريا سيكون له دور محوري في تعزيز الاستقرار السياسي، كما أن تقليص الضغوط الاقتصادية على دول مثل لبنان، التي استقبلت أعدادًا كبيرة من اللاجئين السوريين، سيسهم في تقليل فاتورة الرعاية الاجتماعية.
الوضع الاقتصادي في سوريا الآن
مع التطورات الدراماتيكية الأخيرة، والتي أدت إلى سقوط نظام الرئيس بشار الأسد، يواجه الاقتصاد السوري تحديات معقدة تتطلب معالجة شاملة، ومن أبرز هذه التحديات هو إعادة بناء البنية التحتية المدمرة، التي كانت تشكل العصب الأساسي للنشاط الاقتصادي في البلاد، فإعادة تأهيل الطرق والمرافق العامة، والمصانع والمنشآت التجارية، يتطلب استثمارات ضخمة، في وقت يعاني فيه الاقتصاد من محدودية الموارد واستمرار التوترات الأمنية التي قد تعرقل سير هذه المشاريع.
وبالإضافة إلى ذلك، يعاني الاقتصاد السوري من نقص حاد في الكفاءات البشرية المؤهلة، حيث هجرت أعداد كبيرة من العقول المبدعة والخبرات العملية البلاد بحثًا عن الأمان أو الفرص الاقتصادية في الخارج، هذا الفراغ في الموارد البشرية المتخصصة يشكل تحديًا كبيرًا في عملية إعادة البناء والتنمية.
كما أن انهيار المؤسسات المالية والنقدية في البلاد أدى إلى فقدان الثقة في النظام الاقتصادي، مما يضيف عبئًا إضافيًا على جهود إعادة الاستقرار المالي، وفي هذا السياق، يصبح استعادة الثقة في النظام المصرفي والمالي إحدى الأولويات الملحة لضمان استقرار الاقتصاد السوري في المستقبل.
دور الدول العربية في إعادة الإعمار
وفي هذا الصدد، أشار محمد جنيدي، رئيس لجنة الصناعة بمجلس الأعمال المصري السعودي، إلى أن سرعة تشكيل حكومة توافقية في سوريا ستكون عاملًا حاسمًا للحصول على التمويلات اللازمة من الدول العربية لدعم عملية إعادة الإعمار.
وأكد جنيدي أن الدول العربية ستسهم بشكل كبير في إعادة بناء المدن التي دمرتها الحرب أو الزلازل، مشيرًا إلى أن نقل التجارب الاقتصادية الناجحة من دول مثل السعودية والإمارات يمكن أن يكون نموذجًا مفيدًا لتسريع عملية النمو الاقتصادي في سوريا.
وأضاف أن هذه التجارب قد تساهم في تحسين بيئة الأعمال وتوفير فرص استثمارية جديدة تسهم في إعادة تأهيل الاقتصاد السوري.
في هذا السياق، خفض صندوق النقد الدولي توقعاته للنمو الاقتصادي في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا إلى 2.1% لعام 2024، بتراجع قدره 0.6% عن توقعاته السابقة. وقد أرجع الصندوق هذا التراجع إلى استمرار الحروب وتقليص إنتاج النفط في بعض البلدان. ومع ذلك، توقع أن يعود النمو إلى 4% في 2025، مدعومًا بتحسن الأوضاع السياسية في المنطقة.
بشكل عام، يرى المحللون أن عملية إعادة الإعمار في سوريا ستشكل فرصة كبيرة للدول العربية للمشاركة في مشاريع تنموية ضخمة، وهو ما قد ينعكس إيجابيًا على الاقتصادات المجاورة، ومع ذلك، يبقى رفع العقوبات وتشكيل حكومة مستقرة من أبرز العوامل التي ستحدد مدى نجاح هذه العملية وفعاليتها.